لنفترض للحظة بان رجال الموساد هم بالفعل من اعدموا في دبي كبير المخربين محمود المبحوح. وفضلا عن ذلك لنفترض للحظة بان رجال الموساد الذين شاركوا في هذا الفعل قد انكشفوا امام عين الكاميرات، ونشرت صورهم في كل وسائل الاعلام في العالم. ماذا في ذلك؟ الفشل ليس كبيرا جدا، والفرحة الكبيرة التي هي فرحة شماتة، زائدة تماما. فأنا فرح أكثر من أننا تخلصنا من عدو صعب ووحشي، السيد مبحوح، الذي على مدى سنوات كثيرة بحثنا عن رأسه الى أن وجدناه. كيف تعمل دواليب عقل رئيس وزراء حين يصادق للموساد – على فرض أن الموساد هو الذي نفذ ذلك – عملية كهذه؟ رئيس الوزراء يسأل في حينه نفسه: في الحال الاسوأ، اذا ما امسك لا سمح الله بالمنفدين فيعلق على فوانيس الشارع، في دبي مثلا، هل ستكون العملية جديرة؟ هل كان الهدف ضروري وهام لدرجة أنه يستحق خسارة مبعوثينا؟ اذا كان الجواب هو "نعم"، رغم الف شك، يصدر الامر للانطلاق على الدرب. والان يسأل السؤال: هل المبحوح كان يستحق الجهد، لحظات الخوف، قضم الاظافر؟ هناك قول ممجوج في ادبياتنا في أنه "لا يوجد اناس لا بديل لهم". ليس هذا صحيحا في حالة المبحوح. حقيقة أن الرجل من الشارع لم يسمع باسمه حتى الاسبوع الماضي، لا تعني اننا لم نعرف عنه. عرفنا بل عرفنا. على مدى سنين – سنين! – بحثوا عن رأسه. ليس فقط لانه كان يرتبط بقتل الجنديين آفي ساسبورتس وايلان سعدون، بل لانه كان الروح الحية، بشع كبير في العالم الارهابي، الرجل الذي كانت يده في كل شيء ولا يد أحد تطاله. الان لنفترض للحظة ان الموساد هو الذي وضع حدا، بعد جهود هائلة، لحياة المبحوح، ورجال الموساد هم الذين صوروا واسماؤهم نشرت من الهند حتى كوش. إذن أولا، سبق أن كشفت خلايا الموساد في الماضي (في ليلهامر، في عمان، في نيوزيلندا، في سويسرا وفي قبرص) ولا شيء حصل. الوكلاء انتقلوا من مهمات قتالية الى مهمات قيادية، وبدلا منهم جاء جدد. ثانيا، الرجال والمرأة الذين في الصور يبدو أنهم لا يبدون هكذا في الحياة اليومية، وحتى اذا كان ممكنا التخمين كيف سيبدون بدون لحية أو شارب، مع شعر طويل أو قصير، مع صلعة او بدونها – لا يزال لن يكون سهلا تشخيصهم. صحيح أن عملية التشخيص ستكون اسهل اذا ما استخدمت وسائل التشخيص البيوتكنولوجية، ولكن اذا ما اعتمدنا على "العقل اليهودي"، فان لهذه المشكلة ايضا سيوجد حل.الاسئلة التي ينبغي ان تطرح في هذه الحالة هما سؤالان: هل الهدف، تصفية المبحوح، تحقق؟ الجواب هو "نعم". هل المصفون امسك بهم لدى العدو؟ الجواب هو "لا". الظاهرة التي ينبغي اعطاء الرأي فيها هي استخدام جوازات سفر سكان اسرائيليين. هنا المكان لتذكير من نسي انه حصلت حالات كهذه في الماضي، وكذا مع سكان اجانب في بلدان اجنبية وسقطت هذه القصص من العناوين الرئيسة بشكل عام في غضون يوم – يومين. من المشوق ان نعرف لماذا؟وبالنسبة للحرج مع الحكومات، في الحالة التي امامنا بريطانيا، ايرلندا وفرنسا: سيرتاح عقلنا. فقد قالت ما قالت امس ويبدو أنها لن تزيد. وهي تعرف لماذا.توجد ايضا حسابات غريبة وعجيبة بين مجال الاعلام الذين يقررون بان هذا كان "فشلا" لا مثيل له، وبين المطاردين لنا من بين رجال الصمت، ولكن هذا ليس الوقت ولا المكان لمناكفتهم. في هذه الاثناء، فليرتح السيد مبحوح في مستقره، ونحن نقول سلاما وشكرا لرجال السر واللغز.