عزة تُباد عند طوابير المساعدات! حيث يتحوّل البحث عن لقمة العيش إلى حكم بالإعدام ..د.جمال المجايدة

الخميس 19 يونيو 2025 12:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
عزة  تُباد عند طوابير المساعدات! حيث يتحوّل البحث عن لقمة العيش إلى حكم بالإعدام ..د.جمال المجايدة




بينما تنشغل أنظار العالم هذه الأيام بالتطورات المتسارعة في المواجهة بين إسرائيل وإيران، يتعرض سكان قطاع غزة لحرب إبادة ممنهجة تُنفّذ بصمت قاتل، بعيداً عن عدسات الكاميرات والاهتمام الدولي. المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قلب القطاع لم تتوقف يوماً، بل ازدادت وحشية، خاصة عند مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، حيث يتحوّل البحث عن لقمة العيش إلى حكم بالإعدام.
في مشهد يتكرر كل يوم، يقف الغزيون في طوابير طويلة لساعات تحت لهيب الشمس، أملاً بالحصول على قليل من الطحين أو المعلبات أو المياه، قبل أن تُباغتهم الطائرات أو القناصة الإسرائيلية بإطلاق النار، فتسقط الأجساد المثقلة بالجوع والخذلان أرضاً، في مشهد عبثي يتكرر دون مساءلة أو محاسبة.
تستهدف إسرائيل، عن سبق إصرار، مناطق توزيع المساعدات التي تُعدّ اليوم شريان الحياة الوحيد لسكان غزة المحاصرين. قوافل الإغاثة تُنهب، ومراكز الإيواء تُقصف، والمتطوعون يُستهدفون، في انتهاك صارخ لكل قوانين الحرب والمواثيق الدولية. ولم يسلم حتى الأطفال الذين يحاولون جلب الطعام لعائلاتهم، فكثيرون منهم قضوا نحبهم وهم يحملون كيس دقيق أو زجاجة مياه!
وفي ظل هذه المجازر المتواصلة، يبدو أن المجتمع الدولي اختار أن يدير ظهره لغزة. فالعواصم الكبرى غارقة في متابعة الاشتباك الإيراني الإسرائيلي، في حين تُترك غزة وحدها لتواجه الموت البطيء. ولعلّ أخطر ما في المشهد هو هذا "التعوّد" الدولي على أخبار القتل الجماعي في غزة، وكأنّ الأمر أصبح عادياً لا يستحق التغطية أو الاستنكار.
إن حرب الإبادة التي تُمارَس بحق سكان القطاع ليست "أضراراً جانبية" لصراع أكبر، بل سياسة متعمّدة تهدف إلى كسر إرادة الفلسطينيين وتجويعهم وتركيعهم. إنها جريمة مستمرة يُشارك في التغطية عليها صمتٌ دولي مخزٍ، ومجتمع دولي فشل في حماية أبسط حقوق الإنسان.
لقد آن الأوان لإعادة تسليط الضوء على المجازر اليومية في غزة، ولإعلاء الصوت من أجل وقف هذه المذبحة الصامتة. فغزة ليست مجرد ساحة جانبية في صراع الشرق الأوسط، بل هي جرح مفتوح في ضمير الإنسانية !