تحليلات إسرائيلية: التحقيقات العسكرية بإخفاقات 7 أكتوبر "تروي سردية كاذبة"

الجمعة 28 فبراير 2025 04:57 م / بتوقيت القدس +2GMT
تحليلات إسرائيلية: التحقيقات العسكرية بإخفاقات 7 أكتوبر "تروي سردية كاذبة"



القدس المحتلة/سما/

انتقدت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الجمعة، نتائج التحقيقات حول إخفاقات الجيش في 7 أكتوبر 2023، التي نشرها الجيش الإسرائيلي، أمس، ووصف ضابط كبير في قوات الاحتياط في القيادة الجنوبية هذه التحقيقات بأنها "ملوثة بفعل فاعل، من رئيس هيئة الأركان العامة وقسم من ضباط هيئة الأركان العامة".

وأضاف هذا الضابط أن "التحقيقات تعمدت مسبقا التحقيق في مواضيع معينة، وتجاهلت مواضيع أخرى بشكل متعمد. وحتى عندما حققوا في مواضيع معينة، كان واضحا أن المحققين تجاهلوا حقائق وطمسوا نتائج"، حسبما نقلت عنه صحيفة "يسرائيل هيوم".

وبحسبه، فإن "التحقيقات لم تتناول المسائل المركزية المطلوبة واستُعرضت كقصة وليس كتحقيق هدفه الوصول إلى دراسة حقيقية، أي استخلاص العبر المطلوبة والتزام أخلاقي تجاه الجمهور وجميع الجنود في الجيش الإسرائيلي".

وقال الضابط في الاحتياط برتيبة عميد، حيزي نِحاما، إن "ضباطا كبارا في فرقة غزة العسكرية يعتقدون أن رئيس هيئة الأركان العامة (هيرتسي هليفي) ألقى بهم تحت عجلات القطار. وبحسبهم، التحقيقات ترسم سردية كاذبة وبموجبها أن المستويات الدنيا في الجيش فشلت، الفرقة العسكرية لم تنقل صورة الوضع، ولذلك لم تعلم هيئة الأركان العامة كيف تعمل. وحسب التحقيقات التي قُدمت، فإنه عندما أدركوا في هيئة الأركان العامة الوضع على حقيقته عملوا بشكل جيد". وأضاف أنه "لا يمكن الموافقة على الادعاء بأنه في هيئة الأركان العامة لم يتلقوا صورة الوضع حتى ساعات الظهر".


وتابع نحاما أن قيادة الجيش وسلاح الجو وهيئة الأركان العامة لم توفر ردا على هجوم قوات النخبة في حماس، في 7 أكتوبر، "والرد بمستوى هيئة الأركان العامة لم يلائم صورة الوضع، ليس من خلال بدء المعركة ولا من خلال تحريك الكتائب". واعتبر أن "لا مفر من تشكيل طواقم تحقيق جديدة يعينها رئيس هيئة الأركان العامة الجديد (إيال زامير)، وإدارة جميع التحقيقات مجددا من دون تلويث. وتوجد تحقيقات لم تنشر بعد، وستزلزل الجيش والدولة".

وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن إحدى المشاكل في التحقيقات العسكرية تتعلق باختيار الذين نفذوا التحقيقات. فبعد أن عين هليفي طاقم تحقيق برئاسة رئيس أركان الجيش الأسبق، شاؤول موفاز، فرض عليه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلغاء القرار، لأن أعضاء الطاقم هم شخصيات سياسية. "وكانت النتيجة أن قسما كبيرا من المحققين الذين عُينوا هم ضباط في الاحتياط، ينتمون للأذرع أو القيادات التي حققوا فيها، وهم برتب متدنية".


وأضاف أنه في الخلاصة، ساد في الجيش "جمود فكري. فأجهزة الاستخبارات والجيش الإسرائيلي والشاباك في مقدمتهم، لم يقتنعوا بأن حماس قادرة على أن تخرج إلى حيز التنفيذ هجوما منسقا لآلاف المخربين، في أكثر من مئة نقطة توغل، وأن ينجحوا في هزم فرقة غزة العسكرية والسيطرة على قسم كبير من المنطقة التي تخضع لمسؤوليتها".

وتابع هرئيل أن "الضباط الإسرائيليين أقنعوا أنفسهم بأنه إذا طرأ تغيير، فإن الاستخبارات الإسرائيلية القادرة على كل شيء، ستكشفه وتوفر إنذارا مبكرا، يسمح لهم بمهلة ملائمة للاستعداد".

وبحسبه، فإن "التحقيقات توثق محادثات واستفسارات مطولة حول مؤشرات المتراكمة حول أن شيئا ما ليس صحيحا. لكن هليفي، الذي أدار هذه المحادثات في قسمها الأخير بتنسيق وثيق مع الشاباك برئاسة رونين بار، سمع أيضا وجود إجماع كامل وبموجبه لا يُخطط لهجوم واسع، ومعظم المؤشرات تدل على أن حماس تعمل بحالة اعتيادية، والحديث لا يدور أصلا عن إنذار في المدى الآني".

ولفت هرئيل إلى أنه "لا يوجد في التحقيقات تفسير لأحد الإخفاقات الأكثر مفاجأة، وهو حقيقة أنه لم يكن هناك أي عميل (للاستخبارات الإسرائيلية) يحذر مشغليه الإسرائيليين مما يتوقع أن يحدث. فبعد وقت قصير من انتهاء المشاورات الهاتفية برئاسة هليفي، عند الساعة 04:50 قبيل الفجر، بدأت في القطاع استعدادات للهجوم. وودع آلاف عناصر حماس عائلاتهم، وغادروا بيوتهم، وامتثلوا في نقطة تجمع. كيف حدث أن أي منظومة جمع معلومات إسرائيلية، من النوع الذي تباهت به شعبة الاستخبارات العسكرية، لم ترصد تراكم نشاط غير مألوف؟".


وكتب المحلل العسكري المخضرم في "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، أنه "أصبحت هذا الأسبوع قلقا على مستقبلنا هنا أكثر بكثير مما كنت عليه في السنة الأخيرة كلها. ونتائج التحقيق العسكري حول إخفاقات 7 أكتوبر 2023، صدمتني مرة أخرى بما حدث في الماضي".

وأضاف أن "الشبه المبدئي بين نتائج التحقيقات الحالية ونتائج لجنة أغرانات، التي حققت في إخفاقات بداية حرب يوم الغفران (حرب تشرين 1973)، جعلتني أدرك أن ما حدث لنا قبل 51 عاما وقبل 17 شهرا، قد يحدث لنا مرة أخرى، وبشكل أخطر، بعد 10 أو 20 سنة".

تحقيقات بلا إجابات: الجيش الإسرائيلي يحاول احتواء إخفاقاته في 7 أكتوبر
على صلة
تحقيقات بلا إجابات: الجيش الإسرائيلي يحاول احتواء إخفاقاته في 7 أكتوبر
ورأى بن يشاي أن "نتائج التحقيق العسكري تثبت أن المؤسسة الأمنية – السياسية في القرن الـ21 تجاهلت بكل بساطة دروس إخفاق يوم الغفران، سواء إذا كان ذلك لأنه تم نسيان الدروس في جارور عميق ولم يكلف أحد نفسه بقراءتها، أو لأن هذه الدروس تآكلت بمرور الزمن. ولذلك حصلنا في أكتوبر 2023 على نسخة أسوأ بكثير من مفاجأة 1973".

وتابع أنه "هذه المرة هذا لم يحدث في مسافة تزيد عن 120 كيلومترا عن حدود إسرائيل، وفيما عمق شبه جزيرة سيناء تفصل بيننا وبين العدو؛ هذه المرة حدث هذا لنا في الديار، وفقط بفضل مبادرة وسرعة خاطر وشجاعة عدد قليل من المواطنين والضباط والجنود، لم تصل حماس إلى قاعدة تل نوف (جنوب إسرائيل) وكريات غات وأشكلون".

وشدد على أنه "توجد عيوب غير قليلة في التحقيقات، وخاصة من وجهة نظر مواطنين عاديين وسياسيين الذين لا تعتبر القضايا الأمنية شاغلهم الأساسي، وثمة شك إذا كانوا يفهمون لغة الجيش الإسرائيلي الضبابية وغير الواضحة التي استخدمت في التحقيقات".

وأشار بن يشاي إلى أن "عيب آخر في التحقيقات هو الحذر الزائد والصياغات الملتوية التي وُصفت من خلالها الإخفاقات الأكثر خطورة، وبالطبع أن الجيش الإسرائيلي كثف السطور ولم يُشر إلى المسؤولين المركزيين عن هذه الإخفاقات. والإستراتيجية التي فرضها هلفي هي أننا لا يحاكم الأفراد، في جميع الرتب العسكرية، وإنما نستخلص وحسب دروسا مهنية في مجال الاستخبارات وممارسة القوة كي لا نفشل في إخفاق خطير كهذا في المرة القادمة".

وأضاف أن "يتعمق في تحقيقات الجيش الإسرائيلي، سيجد فيها مؤشرا واضحا على مسؤولية مباشرة للمستوى السياسي، أي رئيس الحكومة ووزراء الأمن في السنوات العشر الأخيرة، حيال ما حدث في مجزرة عيد بهجة التوراة (7 أكتوبر 2023). إذ لم يكن هناك رؤساء أركان الجيش وضباط الجيش برتبة لواء، وإنما السياسيين أيضا".

وبحسبه، فإن "التحقيق العسكري مفصل جدا ومثخن بتفاصيل تقنية وأوصاف لأحداث بشكل يجعل استخلاص استنتاجات ودروس واضحة صعب. وهذه التفاصيل الزائدة خطيرة، لأنه لن يكلف أحد في الجيش الإسرائيلي نفسه بقراءة كتب التحقيقات السميكة".