من يدير حماس والقسام في غزة بعد اغتيال السنوار والضيف والعديد من رفاقهم؟

الجمعة 31 يناير 2025 05:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
من يدير حماس والقسام في غزة بعد اغتيال السنوار والضيف والعديد من رفاقهم؟



غزة/سما/

أظهرت حركة حماس بعد دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في قطاع غزة، يوم التاسع عشر من الشهر الجاري، وحتى خلال فترة الحرب، أن أطرها سواء العسكرية أو تلك المدنية التي كانت تشرف على مفاصل إدارة الوزارات، لا تزال تعمل، رغم أن كبار قادتها في المكتب السياسي والمجلس العسكري للجناح المسلح كتائب القسام، قضوا في عمليات اغتيال إسرائيلية.

اغتيالات المكتب السياسي

وخلال فترة الحرب التي بدأت يوم السابع من أكتوبر 2023، وامتدت حتى يوم 19 يناير الجاري، قامت قوات الاحتلال بتنفيذ عمليات اغتيال ممنهجة أعلنت خلالها عن تصفية كبار قادة حركة حماس، ففي غزة أعلن في بدايات الحرب، وتحديدا يوم العاشر من أكتوبر، عن اغتيال كل من عضوي المكتب السياسي زكريا معمر وجواد أبو شمالة.

وواصل جيش الاحتلال تنفيذ الاغتيالات التي كانت توقع إلى جانب القيادات المستهدفة عشرات المدنيين الفلسطينيين، واستهدفت يوم 19 أكتوبر من العام 2023 جميلة الشنطي، المرأة الوحيدة في المكتب السياسي لحماس في غزة، إثر غارة إسرائيلية على مخيم جباليا، ليتلوها بيومين فقط، اغتيال أسامة المزين عضو المكتب السياسي، ورئيس مجلس شورى الحركة في قطاع غزة.

ولم تتوقف عمليات الاغتيال، لقادة المكتب السياسي للحركة، فأعلنت إسرائيل عن اغتيال أعضاء المكتب السياسي، روحي مشتهى وهو واحد من أكثر المقربين من رئيس الحركة السابق يحيى السنوار، ومعه سامي عودة وسامح السراج في شهر أكتوبر من العام الماضي، وقامت حماس بتأكيد استشهادهم قبل أيام، حين انتشلت جثامينهم وقامت بدفنها.

كما أعلنت الحركة عن استشهاد القيادي محمد أبو عسكر عضو مكتبها الإداري بغزة، وكذلك القيادي تيسير إبراهيم، رئيس مجلس القضاء الحركي الأعلى، والذي اغتيل بعد أسبوع من بدء الحرب، وكان لافتا إلى أن اسمه حل رابعا في قائمة قادة الحركة الذين قضوا في الحرب، بعد هنية والسنوار والعاروري.

وكان أشهر من قضوا خلال الحرب، هو قائد حماس في غزة ورئيس المكتب السياسي العام يحيى السنوار، والذي اغتيل في 16 أكتوبر الماضي، خلال الهجوم البري على مدينة رفح، ومن قبله اغتيال رئيس المكتب السياسي العام إسماعيل هنية في 31 يوليو في العاصمة الإيرانية طهران.

ومن قبل وفي بدايات شهر يناير من العام الماضي، جرى اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري في العاصمة اللبنانية بيروت.

وقد أعلنت حماس الجمعة في بيان رسمي، استشهاد 16 من كبار قادتها السياسيين.

ولم تكن هذه الاغتيالات فقط التي طالت أعضاء بارزين في جهاز حماس السياسي، فقد نفذت سلسلة عمليات اغتيال طالت رؤساء السلطات المحلية “البلديات”، في القطاع، والتي تشرف على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين وأبرزها إمدادات المياه والنظافة، فاغتالت تباعا رؤساء بلديات الزهراء والنصيرات والمغازي، ومن ثم رئيس بلدية دير البلح والذي اغتيل في شهر ديسمبر من العام الماضي، كما اغتالت إسرائيل عبد الفتاح الزريعي، وكيل وزارة الاقتصاد في غزة التي تديرها حماس، بهدف تقويض العمل الخدماتي وانهياره في القطاع، لمضاعفة الأزمة خلال الحرب.

اغتيالات قادة القسام

وبشكل أعنف اغتالت إسرائيل قادة كبارا من الجناح العسكري لحركة حماس كتائب القسام، ففي بدايات الحرب وفي 23 أكتوبر قامت باغتيال أيمن نوفل، عضو المجلس العسكري وقائد لواء وسط قطاع غزة، في غارة استهدفت مربعا سكنيا في مخيم البريج، وفي 27 نوفمبر أي الشهر التالي للحرب، اغتالت أحمد الغندور عضو المجلس العسكري وقائد لواء الشمال، والذي كان يعتبر الرجل الثالث في الجناح العسكري بعد محمد ضيف ومروان عيسى، ولاحقا وخلال عمليات أخرى أعلنت عنها دولة الاحتلال ولم تؤكدها حماس خلال فترة الحرب، أعلنت إسرائيل عن اغتيال أعضاء المجلس العسكري رائد ثابت ومروان عيسى الذي كان يشغل منصب نائب الضيف وقائد الجناح المسلح في غزة، وغازي أبو طماعة، ومن ثم محمد الضيف ورافع سلامة قائد لواء خان يونس.

ولم يقتصر أمر الاغتيالات على أعضاء المجلس العسكري، وأعضاء المكتب السياسي، فخلال الحرب اغتالت إسرائيل الكثير من قيادات سياسية أخرى لحماس من الصف الثاني، كما اغتالت عددا كبيرا من قادة الجناح العسكري الميدانيين على مستوى قادة الكتائب والمجموعات المسلحة، ومن اتهمتهم بالمشاركة في هجوم يوم السابع من أكتوبر.

لكن ما كان ملاحظا أن نشاط الجناح العسكري لحركة حماس، وإن لم يكن بالشكل الذي بدأ فيه يوم السابع من أكتوبر، بسبب ظروف الحرب والتوغل البري لجيش الاحتلال، لم يتوقف بعد اغتيال كبار قادة الجناح العسكري، وواصلت كتائب القسام تنفيذ العمليات المسلحة، كما واصلت في ذات الوقت مهمة تأمين الجنود والإسرائيليين الأسرى في قطاع غزة، والمحافظة على شكل الاتصال القائم مع القيادة السياسية، بخصوص تطورات ملف مفاوضات التهدئة ووقف إطلاق النار.

كذلك تواصل أيضا عمل أطر حماس المدنية التي تشرف على وزارات غزة، خلال فترة الحرب، من خلال إدارة ملفات الصحة والخدمات الاجتماعية والبلدية، في ظل مقومات شحيحة، وتلا ذلك أن أعلن المكتب الإعلامي في غزة، في اليوم الأول لدخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، أن هناك 5500 موظف يقومون بتقديم الخدمات للسكان والنازحين في كافة مناطق القطاع.

كيف تدار حماس؟

وعن هذا الأمر يقول أبو عبيدة الناطق باسم القسام، معقبا على عمليات الاغتيال، وهو يتحدث عن طريقة إدارة الجناح العسكري “بالرغم من مُصابنا الجلل بفقدهم، لم ولن يفتَّ في عضد كتائبنا ومقاومتنا (..) فهذه قضية منتهية ولا جدال فيها”، وأضاف “بعد استشهاد كلٍّ منهم على مدار هذه المعركة لم تزدَد عزائم مجاهدينا إلا صلابةً بفضل الله، وازدادت المعارك ضراوةً واحتدامًا”.

وتابع “القائد يخلفه قادةٌ كثر، والشهيد يخلفه ألف شهيد، وإنه وبفضل الله تعالى ومنَّته، لم تتعرض منظومة كتائب القسام للفراغ القيادي ولا لساعة واحدة على مدار معركة طوفان الأقصى، وهذا ما أثبتته وقائع الميدان حتى آخر لحظات المواجهة والقتال”.

ويقول الناطق باسم حماس عبد اللطيف القانوع إن حركته وكتائب القسام قدمتا نخبة كبيرة من قادتها الأوائل، وكذلك من قيادات الصفين الثاني والثالث “لتؤكد التحامها مع شعبنا وإصرارها على مواصلة الطريق”.

وفعليا لم يتبق في قادة الجناح العسكري من الأسماء المعروفة سابقا، سوى محمد السنوار شقيق يحيى السنوار، وأحد كبار قادة الجهاز، والمتهم كونه أحد مهندسي هجوم السابع من أكتوبر، إلى جانب قائد لواء غزة عز الدين الحداد، وقائد لواء رفح.

ورغم أنه لم يجر الإعلان بشكل رسمي عن قائد الجناح العسكري الجديد، فإن التقديرات تشير إلى أن المهمة أوكلت بعد اغتيال الضيف ومن قبله مروان عيسى والغندور، إلى محمد السنوار، فيما جرى إيكال مهام قيادة الملفات التي قضى من كانوا على رأسها، لقيادات أخرى من القسام، استنادا إلى التسلسل الهيكلي للجناح العسكري.

ولوحظ أن الجناح العسكري عمل مع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، على إظهار أن وحداته القتالية لا تزال تعمل في الميدان، وذلك من خلال نشر أفراد منهم من كافة الوحدات القتالية خاصة “النخبة” في قطاع غزة، وظهورهم بعتاد ولباس عسكري، خلال عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين، لإثبات فشل إعلان الجيش الإسرائيلي خلال فترة الحرب، أنه قام بتفكيك ألوية وكتائب الحركة.

وحسب ما يتردد في أروقة الحركة، فإن حماس اعتمدت على خطة طوارئ لإدارة هياكلها في القطاع، بعد عمليات الاغتيال الكبيرة التي نفذتها إسرائيل، فعلى المستوى العام، لم يجر اختيار رئيس للمكتب السياسي، بعد اغتيال السنوار، وجرى اختيار مجلس قيادي من خمسة أشخاص يتكون من محمد درويش رئيس مجلس الشورى العام، وكل من خالد مشعل رئيس الحركة في الخارج، وزاهر جبارين رئيس الحركة في الضفة الغربية، وخليل الحية رئيس الحركة في غزة، ونزار عوض الله عضو المكتب السياسي العام، وأحد قادة حماس البارزين في غزة، وجميعهم متواجدون في الخارج.

وعلى مستوى قطاع غزة، فقد أوكلت بعد اغتيال السنوار، مهمة إدارة المكتب السياسي في غزة، إلى خليل الحية، المتواجد في الخارج، برفقة اثنين من أعضاء المكتب السياسي لحماس في غزة، وهما غازي حمد وباسم نعيم، وفي ظل اغتيال غالبية أعضاء المكتب في القطاع، جرى الاستعانة بقيادات أخرى من الصف الثاني لم يجر الكشف عن أسمائها، لتولي مهام القيادات التي جرى اغتيالها، ولها اتصالات مباشرة مع الحية.

وحسب المعلومات المتوفرة، فإنه من المستبعد أن تعلن حركة حماس بسبب ظروف غزة الميدانية، عن قادة الحركة الذين يديرون الملف السياسي في غزة، كما أنه من المستبعد أن تلجأ في القريب المنظور لإعلان تشكيل الجناح العسكري وقائده الجديد، ومن المتوقع أن تبقي ذلك طي الكتمان.

كما لا تعرف إلى أين تسير الأمور الخاصة بإدارة وحكم قطاع غزة في المرحلة القادمة، في ظل الرفض الإسرائيلي والأمريكي، لبقاء حكم حركة حماس، والطلب باستبداله بإدارة جديدة.