صحيفة عبرية: لماذا أبدت حماس و”الجهاد الإسلامي” مرونة في قضية أربيل يهود؟

الأربعاء 29 يناير 2025 12:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
صحيفة عبرية: لماذا أبدت حماس و”الجهاد الإسلامي” مرونة في قضية أربيل يهود؟



القدس المحتلة/سما/

رون بن يشاي-  يديعوت أحرنوت

الانعطافة الإيجابية التي بدأت ليلة الأحد – الاثنين لتحرير المخطوفين وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان جاءت نتيجة تضافر عدة عوامل رئيسية، على رأسها نية تدخل قوي من إدارة ترامب والموقف الإسرائيلي الذي أثبت لحماس وحزب الله بأن إسرائيل تنوي تطبيق الاتفاقات بحذافيرها، بدون تنازل وبدون “استيعاب” أي خروقات من الطرف الثاني.

موافقة حماس والجهاد الإسلامي المفاجئة على نبضة إطلاق سراح “استثنائي” آخر، إضافة للتي تم تحديدها، نوع من صفقة صغيرة طبخها رئيس حكومة قطر للضغط على كل الأطراف، وبالأساس على حماس. سيتم الخميس في إطارها إطلاق سراح أربيل يهود، والمراقبة أغام بيرغر، ومخطوف آخر ربما يكون كيت سيغل، هذا دون صلة بإطلاق سراح مخطوفين في النبضة المخطط لها بعد يومين من ذلك، أي يوم السبت.

سبب موافقة حماس هو رغبتها والجهاد الإسلامي في الوصول إلى المرحلة الثانية للصفقة، التي ستتعهد بها إسرائيل، بضمانات أمريكية، بوقف شامل للحرب. هذا هو الهدف النهائي الذي تسعى إليه حماس، التي تخشى من تهديدات الحكومة باستئناف القتال. بالنسبة لها، كل يوم تتأجل فيه المفاوضات على المرحلة الثانية هو خسارة خطيرة.

المفاوضات على المرحلة الثانية قد تبدأ الثلاثاء القادم، اليوم الـ 16 منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ. لو أصرت حماس والجهاد الإسلامي على إطلاق سراح أربيل يهود السبت، لتم تأجيل الموعد. يجب التذكر بأن المرحلة الأولى، “الإنسانية”، استهدفت -حسب رؤية المخربين الغزيين- فتح الطريق للهدف الرئيسي، وهو وقف الحرب.

ثمة سبب آخر لإظهار المرونة من قبل حماس والجهاد الإسلامي، وهو ضغط السكان الغزيين، تقريباً مليون شخص، الذين يريدون الانتقال إلى شمال القطاع ورؤية ما إذا كان بإمكانهم العودة إلى بيوتهم أو ما بقي منها. هذا الضغط كبير جداً، وأدركت حماس أنها قد تقف أمام عصيان. وثمة سبب آخر، وهو أن حماس والجهاد الإسلامي تريدان إخراج مصابين إلى مصر ودول عربية أخرى للعلاج، وأوضحت إسرائيل أن ذلك لن يتم إلا بعد الوفاء بتعهداتهما.

تأثير ترامب

أدارت إسرائيل الأزمة بشكل صحيح وحققت نبضة إطلاق سراح استثنائية، تدفع قدماً بتنفيذ المرحلة الإنسانية كاملة. من المحتمل أننا لا نعرف حتى الآن تفاصيل ما تم الاتفاق عليه في اليوم السابق. الجهاد الإسلامي وتنظيم سلفي جهادي آخر، الذي يحتجز أربيل يهود، بررا رفضهما تسليمها لحماس بأنها “جندية” ولأنها تعمل في برنامج الفضاء الإسرائيلي. كان لهذا الادعاء المدحوض هدف عملي: أرادوا الحصول مقابلها على 50 سجيناً من السجون الإسرائيلية حسب مفتاح “المجندات”، بدلاً من 30 حسب مفتاح “النساء المدنيات”.
هذا الخليط، الذي سيتضمن الخميس تحرير امرأة مدنية ومواطن مدني مسن ومجندة، يخلق إمكانية لإسرائيل لتنفيذ عملية إطلاق سراح استثنائية لعدد من السجناء الفلسطينيين، كما يبدو من رجال الجهاد الإسلامي، وهكذا سيتم تنفيذ جزء من طلبات التنظيم.
ثمة تقدير بأن المرونة المفاجئة التي أظهرها وفد حماس في الدوحة ووفد الجهاد الإسلامي في القاهرة، كانت نابعة من الخوف من الرئيس ترامب، أو للدقة، خوف الفلسطينيين من نية الرئيس الأمريكي الجديد – القديم، إبعاد نصف سكان القطاع، وتحويل مئات الآلاف إلى لاجئين لسنوات كثيرة في الأردن ومصر.
“تأثير ترامب” عمل في هذه الحالة لصالح إسرائيل. التنازل الوحيد الذي قدمه رئيس الحكومة نتنياهو هو فتح قنوات تصريف المياه في ممر نتساريم بصورة تمكن من انتقال السكان الغزيين إلى الشمال. عودة النازحين لا تعتبر أداة الضغط الوحيدة الهامة التي بيد إسرائيل في المرحلة الحالية. كما قلنا، هناك أيضاً فتح معبر رفح من أجل انتقال المصابين، وهناك المساعدات الإنسانية التي تسيطر إسرائيل على وتيرة إدخالها إلى القطاع. وإذا حدثت خروقات فظة للاتفاق، فالجيش الإسرائيلي في وضع يستطيع فيه الوصول إلى أي مكان بدون صعوبة، (لم نتحدث بعد عن إعادة إعمار القطاع التي هي موضوع المرحلة الثالثة والتسوية السياسية).
بدءاً من هذا الأسبوع، في حال بدأت المفاوضات حول المرحلة الثانية للصفقة، فعلى إسرائيل الرد على سؤال من يسيطر مدنياً في القطاع بدلاً من حماس في اليوم التالي. هذه هي المرحلة الحاسمة في الصفقة، وبعد ذلك سيعرف مواطنو إسرائيل إذا كانوا سيرون جميع المخطوفين قد عادوا، أم حكم عليهم بشد أعصاب.
في هذه الأثناء لتثبيت رواية النصر، تضع حماس أعضاءها على الطريق المؤدية إلى شمال القطاع، قبل موقع صرف المياه الإسرائيلي، وتلتقط لهم الصور وهم يصافحون النازحين العائدين إلى بيوتهم. وتحاول بذلك تحويل التسوية التي فرضت عليها إلى انتصار معنوي يحميها من غضب السكان.

بدأت الصور تخرج

من المهم التوضيح: ما زال الجيش الإسرائيلي موجوداً في شرق ووسط ممر نتساريم، وفي محور فيلادلفيا وفي الشريط الأمني في أراضي القطاع القريبة من الحدود مع إسرائيل. المعنى، أن طواقم قتالية بمستوى ألوية وفرق، التابعة للجيش الإسرائيلي، يمكنها الوصول إلى أي مكان في القطاع خلال بضع ساعات، ما يعتبر أداة ضغط مهمة. الجيش الإسرائيلي أيضاً يمكنه، عند الحاجة، أن يأمر سكان جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا بالعودة إلى الجنوب إذا اقتضى الأمر. هكذا، من خلال طرق العمل الممكنة، فإن كل ما كان مفتوحاً أمام الجيش الإسرائيلي قبل عودة النازحين الغزيين إلى شمال القطاع، سيكون مفتوحاً الآن أيضاً.
ستكون المشكلة في مجال المعنويات. المشاهد التي يقابلها الغزيون العائدون إلى الشمال قاسية. هم يشاهدون الدمار والخراب. وقلائل منهم يمكنهم العودة وإعادة حياتهم في المباني غير المدمرة، أو أنها شبه مدمرة. وسائل الإعلام العالمية ستغطي ذلك، وستتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. ومن المرجح إصابة غزيين بسبب بقايا أو عبوات مفخخة لحماس، وسيتم اتهام إسرائيل بذلك أيضاً. هكذا، يجب أن ترافق عودة الغزيين إلى الشمال خطوات تعبوية سريعة من الحكومة بحيث توازن الانطباع القاسي ولو قليلاً.
المشكلة أنه لا يوجد في محور الشاطئ، أي شارع الرشيد، نقطة مراقبة تفحص النازحين الذاهبين إلى الشمال، إذا تبين أن هناك خرقاً للاتفاق.