أسلحة بالجيش المصري تثير قلق تل أبيب

الجمعة 10 يناير 2025 06:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
 أسلحة بالجيش المصري تثير قلق تل أبيب



القدس المحتلة/سما/

كشفت دراسة بحثية إسرائيلية عن حالة رعب داخل الأوساط الأمنية الإسرائيلية بسبب حصول مصر على غواصات ألمانية متطورة وفرقاطات وسفن مضادة للطائرات خلال السنوات القليلة الماضية.


ووفق الدراسة التي أعدها الدكتور حجاي أولشنيتسكي، أستاذ التاريخ العسكري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي في إسرائيل والباحث والمحاضر في جامعة وارسو، فإن الأسلحة البحرية التي حصلت عليها القوات البحرية المصرية في السنوات العشر الماضية أصبحت تساوي موازين القوى مع البحرية الإسرائيلية بعد أن كان التفوق البحري لإسرائيل.

واعتمدت الدراسة على تحقيق أجراه رافيف دراكر، نشره لبرنامج "هامكور" عام 2016 بالتلفزيون الإسرائيلي كشف فيه للرأي العام الإسرائيلي ما أصبح يعرف إعلاميا فيما بعد بـ"قضية الغواصات" والتي اتهم فيها بنيامين نتنياهو بسبب تورطه في الموافقة على حصول مصر على أسلحة بحرية مشابهة بالجيش الإسرائيلي.

ووفق الدراسة التي نشرها كاملة موقع " zman " الإخباري الإسرائيلي، فبعد "المحرقة اليهودية" في ألمانيا النازية، لم ترغب برلين في خلق توازن قوى من شأنه أن يعرض إسرائيل للخطر، ولأن الغواصات المعنية مشابهة من حيث النوع للغواصات التي تستخدمها البحرية الإسرائيلية، فكان لابد من موافقة إسرائيل أولا قبل سماح برلين ببيع الغواصات المتطورة من طراز دولفين إلى مصر.

وعرفت القضية التي شغلت الرأي العام الإسرائيلي حينها بـ"القضية 3000" حيث كانت القضية تتعلق بشراء غواصات وطرادات (سفن صواريخ ذات وسائط متوسطة) قوة دفعها حوالي 1900 طن، والتي أصبحت تعرف فيما بعد داخل البحرية الإسرائيلية باسم "سعار 6"، وهي طرادات من إنتاج شركة تيسينكروب الألمانية.

ومن الأحداث المرتبطة بالقضية، والتي لا توجد خطط لمناقشتها في المحكمة العليا بإسرائيل، الموافقة التي قدمها بنيامين نتنياهو عام 2014 للمستشارة الألمانية آنذاك، أنجيلا ميركل، على قيام شركة تيسين كروب بتزويد مصر بأربع غواصات متطورة للغاية مما شكل اختلال في موازين القوى بالمنطقة.

ومن الأحداث المرتبطة بقضية الغواصات، والتي لا توجد خطط لمناقشتها في المحكمة وفق الدراسة البحثية، الموافقة التي أعطاها نتنياهو عام 2014 للمستشارة الألمانية آنذاك، ميركل، على أن تقوم شركة تيسينكروب بتزويد مصر بأربع غواصات متطورة.

وتعد الموافقة التي أعطاها نتنياهو لميركل، دون علم أي شخص تقريبا في الجهاز الأمني الإسرائيلي، بما في ذلك وزير الدفاع آنذاك، موشيه بوجي يعلون، محور القضية المتهم فيها نتنياهو حيث عرض أمن إسرائيل للخطر، ووصل الأمر في التظاهرات ضد حكومة نتنياهو، حينها بأن هتف كثيرون وحملوا لافتات بأن هذه الموافقة بمثابة خيانة.

وقال أولشنيتسكي، في دراسته البحثية، إن مسألة الغواصات المصرية تحتاج إلى دراسة في سياق أوسع، سواء من حيث التسليح العام للقاهرة، أو من حيث أهميتها بالنسبة للعلاقات الإسرائيلية المصرية، أو من حيث العلاقات الإسرائيلية الألمانية، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا الأخرى، فصفقات الأسلحة الألمانية المصرية واسعة النطاق التي تمت في السنوات الأخيرة، والتي لم تتم، ومن الواضح ما إذا كانت الموافقة الإسرائيلية قد أعطيت على تنفيذها.

وأضاف أن عملية تجهيز الجيش المصري منذ السبعينيات، وخاصة بعد حرب عام 1973، كان تنويع مصادر التسليح والاعتماد على أكثر من مصدر، وكان من ضمن هذه المصادر ألمانيا والولايات المتحدة وغيرها.

وأشار إلى أن القاهرة بدأت تتلقى الكثير من المساعدات العسكرية الأمريكية (على الرغم من أنها كانت حوالي نصف المبلغ الممنوح لإسرائيل) بعد توقيع إتفاقية السلام، إلا أن الولايات المتحدة تمتنع عن إمداد مصر بأسلحة خارقة وخاصة الطائرات وصواريخ جو-جو المتقدمة. للحفاظ على تفوق إسرائيل، وهو ما جعل مصر تبحث عن مصادر تسليح أخرى.

وأضاف الباحث الإسرائيلي، أنه على الرغم من الالتزام الوارد في ملحق اتفاق السلام بعد التسليح شبه الكامل في سيناء، فقد سعت مصر باستمرار إلى إدخال قوات إلى سيناء بما يتجاوز ما هو مسموح به، والتزمت إسرائيل الصمت بشكل عام في مواجهة مثل هذه الانتهاكات، حتى أن مصر قامت ببناء طرق سريعة تحت قناة السويس لنقل القوات بسرعة إلى سيناء، ونشرت بنية تحتية من أنابيب الوقود والمياه مع جسور سهلة الاستخدام، والتي تمتد في جميع أنحاء شبه الجزيرة، لصالح قواتها في حالة الحرب.

واستطردت قائلا: "مع ذلك فإن الزيادة في أعداد الجيش المصري في عهد الرئيس حسني مبارك كانت كبيرة ولكنها لم تكن عاملاً حاسماً في تحقيق التعادل، وذلك لأن قوة المناورة التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي كانت هائلة في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، أما جيش اليوم فهو ظل شاحب لماضيه المجيد".

وأضاف: "عندما وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السلطة في عام 2013، كان الجيش المصري أكبر بكثير وأفضل تجهيزًا من الجيش الإسرائيلي، لكن الفجوة لصالح المصريين كانت لا تزال معقولة، ولم يكن السيسي راضيا عن ذلك، وبدأ حملة مشتريات عسكرية عالمية، من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، ومن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، ومن روسيا والصين.

وتابع: "في العقد الماضي، اشترت مصر أسلحة أكثر مما اشترته في الـ 40 عامًا التي سبقتها، والصفقات الألمانية الثلاث التي كانت في قلب مناقشتنا مدرجة في عملية الشراء هذه."

وأضاف: "المشتريات العسكرية المصرية متنوعة للغاية، وتتضمن كل ما يأتي بعد ذلك بما فيه تطوية قواتها البحرية، حيث قامت مصر ببناء أسطول بحري ضخم ينافس الأساطيل الكبرى الأخرى في البحر الأبيض المتوسط، وهي الأساطيل التركية والفرنسية والإيطالية".

وقال: "المعدات من صفقات الأسلحة التي أبرمتها مصر، مثل شراء فرقاطات إيطالية عملاقة (سفن صاروخية ذات قوة دفع عالية: حوالي 6700 طن) وحاملات طائرات هليكوبتر فرنسية، تم استلامها في مصر فور توقيع الصفقة تقريبًا؛ وذلك ضمن أسلوب القاهرة في الشراء من الجاهز، لتجنب تأخير التوريد ".

واستطرد: "من ناحية أخرى، فإن قسما كبيرا من المشتريات العسكرية الأخرى، والحاجة إلى استخدامها ضد دولة مثل أثيوبيا، أمر مثير للجدل: فلماذا تحتاج مصر إلى كل هذا القدر من المعدات الأرضية والأسلحة المضادة للطائرات وهي تعرف أن جيوش جيرانها، مثل السودان وليبيا، جيوشًا فقيرة جدًا من حيث الحجم والقوة، كما أنها تعلم أن أديس أبابا لديها جيش ضعيف إلى حد ما من حيث الحجم والقوة أيضا، كما أن المعدات البحرية المصرية مباركة بما يكفي للسماح للقاهرة بالتغلب عليها بسهولة بدون كل هذا التسليح الضخم".

وتساءل: "لماذا تحتاج مصر إلى إضافة مئات من الأسلحة الكورية الجنوبية ذاتية الدفع إلى المئات التي تمتلكها؟ وما الفائدة من النفقات الباهظة لاحتياجات تحسين مئات الدبابات الأمريكية في حين أن لديها دبابات أكبر بثلاث مرات من جميع الدبابات التي في أيدي جيرانها (بما في ذلك إسرائيل) مجتمعة، ولماذا تحتاج مصر إلى الكثير من المعدات العسكرية الأرضية والأسلحة المضادة للطائرات؟".

وقال: "يمكن طرح السؤال نفسه حول شراء آلاف الصواريخ المضادة للدبابات لتسليح مائتي مروحية قتالية (أسطول أكبر بأربع مرات من جميع جيرانها مجتمعين)"، وأنه بالإضافة إلى هذا الشراء الضخم، ظهرت في الأسابيع الأخيرة صور لبعض البطاريات الألمانية المتقدمة المضادة للطائرات، والتي تم شراؤها قبل بضع سنوات، وهي متوقفة على الطريق الرئيسي في سيناء.

وأضاف: "بعد صفقة الغواصات، وقعت القاهرة عدة صفقات شراء إضافية مع برلين، تضمنت أكبر اثنتين منها شراء ما لا يقل عن أربع فرقاطات من طراز Thyssenkrupp (بإزاحة حوالي 3750 طنًا) وشراء ما لا يقل عن 16 بطارية من سلسلة Iris الجديدة".

وقال: "في كل من الصفقتين الأخيرتين، السؤال الذي يطرح نفسه: هل طلبت أنجيلا ميركل من نتنياهو / أو من نفتالي بينيت الإذن في بيع الفرقاطات والبطاريات المضادة للطائرات، كما فعلت في صفقة الغواصات؟ ، فقضية الغواصات خلقت صدعاً لا يمكن إصلاحه في الثقة التي وضعتها ألمانيا في إسرائيل، ولم تطلب الإذن على الإطلاق في المرة القادمة؟".
وأضاف من المحتمل أن هذه الثقة ظلت على حالها، وطلبت أنجيلا ميركل موافقة إسرائيل على الصفقتين الإضافيتين، وقد أعطى أحد رؤساء الوزراء موافقته (بتعاون عملاء سريين أو بدونه).

وختم الباحث الإسرائيلي دراست قائلا: "في مثل هذه الحالة، هناك سؤال بديهي موجه إلى كبار المسؤولين في ذلك الوقت في أجهزة الحكم وفروع إسرائيل الخارجية والأمنية: هل كانت الموافقة على التسليح المصري، والتي يمكن أن تسبب في المستقبل خطرا وجوديا على أمن إسرائيل؟ نابعة من اعتبارات عملية وليست دوافع خارجية؟".