أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء أنّه ما زال “متفائلا” بإمكان التوصّل خلال الأيام المتبقية من ولاية الرئيس جو بايدن إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، رافضا في الوقت نفسه الإدلاء بأي تكهّنات بشأن احتمالات نجاح هذه الجهود بعدما منيت واشنطن بخيبات أمل متتالية في هذا المجال.
وقال بلينكن الذي سيغادر منصبه عند انتهاء ولاية بايدن في 20 كانون الثاني/يناير “أنا متفائل. عليك أن تكون كذلك. سنستغلّ كل دقيقة من كل يوم من كل أسبوع متبق أمامنا لمحاولة إنجاز هذا الأمر”.
لكنّ الوزير الأميركي حذّر في مداخلة أمام “مجلس العلاقات الخارجية”، مركز الأبحاث المرموق في نيويورك، من أنّه لن يتكهّن بتاتا بشأن احتمالات نجاح هذه الجهود الرامية لوقف الحرب المستمرة في القطاع الفلسطيني منذ 14 شهرا.
وقال “لا أريد المخاطرة بالتكهّن باحتمالات (…). ينبغي لهذا الأمر أن ينجح. ينبغي أن نعيد الناس إلى ديارهم” في إشارة إلى الرهائن المحتجزين في غزة والذين يفترض بحركة حماس أن تطلق سراحهم بموجب اتفاق يتمّ التفاوض بشأنه منذ أشهر عديدة.
وكرّر بلينكن أمام مركز الأبحاث النيويوركي ما أدلى به الأسبوع الماضي خلال رحلته الثانية عشرة إلى الشرق الأوسط حين قال إنّ حماس باتت أكثر جنوحا إلى المفاوضات بسبب الضربات المتتالية التي تلقّتها داعمتها إيران.
وشدّد الوزير الأميركي من ناحية ثانية على أنّ بقاء الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى أجل غير مسمّى لا يصبّ في مصلحة الدولة العبرية.
وقال إنّه إذا قرر الإسرائيليون البقاء في القطاع “فسيتعيّن عليهم مواجهة تمرّد لسنوات عديدة، وهذا أمر ليس في مصلحتهم”.
وأضاف “لذلك يجب أن يحصل في غزة شيء مختلف يضمن عدم سيطرة حماس بأيّ شكل من الأشكال، وعدم سيطرة إسرائيل كذلك، وأن يكون هناك شيئ متماسك بعد ذلك”.
وتعهّد الرئيس المنتخب دونالد ترامب تقديم دعم ثابت لإسرائيل، لكنه أعرب أيضا عن رغبته في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويعيد الرهائن.
وفي سياق آخر، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء هيئة تحرير الشام التي أطاحت بشار الأسد وتولت السلطة في سوريا، إلى الوفاء بوعودها بالاعتدال إذا كانت تريد تجنب العزلة المفروضة على حركة طالبان الأفغانية.
وهيئة تحرير الشام التي قادت هجوم فصائل المعارضة المسلّحة لإسقاط الأسد والتي فكّت ارتباطها مع تنظيم القاعدة عام 2016، ما زالت مدرجة في قائمة المنظمات “الإرهابية” لعواصم غربية عدة، لا سيما واشنطن.
وقال بلينكن في مداخلة ألقاها أمام مركز “كاونسل أون فورين ريليشنز” للبحوث في نيويورك “أظهرت حركة طالبان وجها أكثر اعتدالا، أو على الأقل حاولت ذلك، عندما سيطرت على أفغانستان، ثم ظهر وجهها الحقيقي. وكانت النتيجة أنها بقيت معزولة إلى حد كبير” على الصعيد الدولي.
وأضاف “لذلك، إذا كنتم لا تريدون هذه العزلة، فهناك أمور معينة ينبغي أن تقوموا بها لدفع البلاد إلى الأمام”.
وعادت حركة طالبان إلى السلطة عام 2021 بعد وقت قصير من انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. وبعد بعض الانفتاح تجاه الغرب، أعادت حكومة طالبان فرض تفسير صارم للشريعة الإسلامية وزيادة التدابير التقييدية ضد النساء.
ولم تعترف أي دولة بطالبان كحكومة شرعية رغم أن الصين والإمارات قبلتا أوراق اعتماد السفيرين اللذين عينتهما طالبان.
كذلك، دعا بلينكن إلى تشكيل حكومة سورية “غير طائفية” تحمي الأقليات وتعالج المخاوف الأمنية، بما في ذلك مواصلة القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية وإزالة مخزونات الأسلحة الكيميائية المتبقية.
وقال وزير الخارجية الأميركي إن هيئة تحرير الشام يمكنها أيضا أن تتعلم دروسا من الأسد بشأن ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية مع الجماعات الأخرى موضحا أن “رفض الأسد المطلق الانخراط في أي شكل من العملية السياسية هو أحد الأشياء التي أدت إلى سقوطه”.