شهدت المحادثات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية اختراقًا كبيرًا في مسار التطبيع، وهو ما قد يمهد الطريق أيضًا لإبرام صفقة تشمل إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس وإنهاء الحرب في غزة، وفقًا لما لصحيفة "هآرتس" العبرية يوم الثلاثاء.
وأفادت مصادر مطلعة على المفاوضات، بأن الجانبين توصلا إلى اتفاق يقضي بأن تقدم إسرائيل للمملكة التزامًا غامضًا بـ "مسار نحو إقامة دولة فلسطينية" بدلاً من الاعتراف الصريح بدولة فلسطينية، وهو ما كانت السعودية تطالب به سابقًا.
ويتيح هذا الاتفاق للسعودية الوفاء بتعهدها بعدم التخلي عن القضية الفلسطينية.
في الأسابيع الأخيرة، كثّفت إسرائيل والمملكة العربية السعودية جهودهما لتطبيع العلاقات والعمل على إنهاء الحرب في غزة، مع تسارع وتيرة المباحثات عقب اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان.
وبحسب التقارير، يقود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه المفاوضات عبر وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، بينما تُبقي الحكومة والمجلس الوزاري المصغر (الكابينت) في حالة من التعتيم على التفاصيل.
الوسيط الأمريكي
تلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًا كوسيط وضامن لهذه المحادثات، حيث تنسق إسرائيل جهودها مع إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، بالإضافة إلى التنسيق مع الإدارة المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترامب. ومن المتوقع أن تقدم إدارة ترامب المقبلة حوافز للسعودية، تشمل اتفاقية دفاع مشترك بين الولايات المتحدة والمملكة، وبيع أنظمة أسلحة أمريكية متطورة للرياض.
يعكس هذا التنسيق المزدوج تعقيد المفاوضات وأهميتها البالغة، إذ إن نجاحها قد يعيد تشكيل التحالفات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إلى جانب معالجة قضايا ملحّة مثل الصراع في غزة.
تؤكد السعودية منذ فترة طويلة على مطلبها بأن تعترف إسرائيل بدولة فلسطينية، وفي سبتمبر أعلن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، عن تشكيل تحالف يضم دولًا عربية ومنظمات دولية لدعم هذا الهدف.
مع ذلك، تشير مصادر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، لا يحمل اهتمامًا شخصيًا بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطينية، لكنه يرى أن تحقيق تقدم في هذا الملف ضروري لكسب الدعم السياسي والديني داخل المملكة لإتمام الاتفاق.
يرى نتنياهو أن قاعدته السياسية قد تقبل صيغة فضفاضة تتحدث عن "مسار نحو إقامة دولة فلسطينية" دون تقديم التزامات ملموسة.
وقد يمهد تطبيع العلاقات مع السعودية الطريق للتوصل إلى صفقة تشمل إطلاق سراح رهائن تحتجزهم حماس، في إطار سعي الرياض لإنهاء الحرب والمساهمة في إعادة إعمار غزة.
مراحل الاتفاق
تشعر السعودية بمسؤولية تجاه الفلسطينيين في غزة، التي تعرضت لدمار شبه كامل، بينما تسعى إسرائيل لضمان مشاركة الدول العربية المعتدلة في جهود إعادة الإعمار، مع ضمان تدفق الأموال السعودية لدعم القطاع بعد الحرب.
وفقًا للتقارير، ينقسم الاتفاق المقترح إلى مرحلتين. تشمل المرحلة الأولى الإفراج عن الجنود النساء والمريضات وكبار السن ممن تجاوزوا الخمسين عامًا مقابل إطلاق إسرائيل سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم مدانون بجرائم قتل.
كما ستتوقف العمليات القتالية في غزة لفترة غير محددة، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية، على أن تُستكمل خلال هذه الفترة المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تتضمن توقيع اتفاقية تطبيع بين السعودية وإسرائيل.
ستقود المملكة، إلى جانب تحالف دولي يضم السلطة الفلسطينية، جهود إعادة إعمار غزة، مع ضمان أمن إسرائيل على حدودها الجنوبية.
المعارضة
في المقابل، تواجه الخطة معارضة داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، خاصة من حزب "عوتسما يهوديت" الذي أعلن أنه بسبب "التفاوض على اتفاق غير مسؤول" ورفض الشروع بإجراءات إقالة المستشارة القضائية، غالي بهاراف-ميارا، للتصويت، فإن الحزب سيتصرف في الكنيست وفق قراراته الخاصة، وليس بناء على الالتزامات الائتلافية.