علقت صحيفة “أوبزيرفر” على التطورات الأخيرة في المواجهة بين “حزب الله” وإسرائيل، واتفاق وقف إطلاق النار، بأنها ليست انتصاراً لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، وسط المعاناة في غزة والأسرى لدى “حماس”.
وقالت في افتتاحيتها: “بالنسبة لشعب لبنان، الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأسبوع الماضي، لوقف القتال بين إسرائيل و”حزب الله” كان مدعاة للارتياح الكبير، فقد تسبّب الصراع، الذي دام 14 شهراً، والذي اندلعت شرارته إثر الفظائع الإرهابية التي ارتكبتها “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بمقتل حوالي 4,000 شخص، وإلحاق دمار مروّع، ونزوح مئات الآلاف من السكان على جانبي الحدود الإسرائيلية- اللبنانية. والآن هناك ما يشبه الهدوء، نتمنى أن يستمر طويلاً”.
وتعلق بأن وقف إطلاق النار يُعتبر بالنسبة للإسرائيليين بمثابة نعمة، فقد أعلن نتنياهو عن تحقيق انتصار كبير. وقال إن الإسرائيليين الذين فرّوا من صواريخ “حزب الله” يمكنهم العودة بأمان إلى منازلهم، مع أن هذا لم يحدث بعد.
وتعلق الصحيفة بأنه بلا شك تدهورت القدرات العسكرية لـ “حزب الله” وقيادته. ونظراً لانضمام “حزب الله” إلى الصراع لدعم “حماس”، فمن الطبيعي أن تكون “حماس” قد ضعفت أكثر بسبب إذلال حليف رئيسي. ولكن الإسرائيليين الذين يعيشون في الشمال غير مقتنعين بأن “وقف الأعمال العدائية” الذي توسطت فيه الولايات المتحدة سيكون دائماً.
ويعتقد كثيرون من اليمين أن الهجوم لا بد أن يستمر، وهو الرأي الذي تدعمه استطلاعات الرأي العام. وقد حدثت بالفعل انتهاكات للهدنة من قِبَل الجانبين.
ويصف “حزب الله”، الذي يرفض الاعتراف بالهزيمة، بقاءه في حدّ ذاته بأنه انتصار. ويهدد نتنياهو على نحو ينذر بالخطر باستئناف “الحرب المكثفة”.
وتقول الصحيفة إن الحكومة المتطرفة في إسرائيل ربما حرفت انتباهها الآن إلى غزة، الأمر الذي من شأنه أن يعيق الجهود الرامية إلى وقف القتال هناك وتأمين إطلاق سراح نحو مائة أسير إسرائيلي متبقٍ، معظمهم محتجزون لدى “حماس”.
ويبدو أن نتنياهو وحلفاءه مهتمون أكثر بمصيرهم السياسي أكثر من حياة الأسرى، وهو ما تراه عائلاتُ الأسرى، والناقدون للحكومة في المعارضة، ولهذا فهم لا يريدون أن تنتهي الحرب.
وتعلق الصحيفة أن الحرب في غزة لا تشبه الحرب في لبنان، فقد قُتل فيها أكثر من 44,000 فلسطيني، وتم تحويل القطاع إلى أنقاض، ولم تتوقف بعد. ولكي يظل نتنياهو في منصبه، ويحافظ على تماسك ائتلافه، ويتجنّب المحاسبة المتأخرة على الإخفاقات الأمنية التي حدثت في 7 تشرين الأول/أكتوبر، فإنه يحتاج إلى “النصر الكامل” على “حماس” الذي وعد به بغرور.
وعلى هذا فإن التنازلات والتسويات التي تطالب بها “حماس” في أي صفقة أسرى، بما فيها وقف الحرب والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية وتحرير السجناء الفلسطينيين، تُعتبر غير مقبولة سياسياً لنتنياهو. ومن الواضح أن القيادة الإسرائيلية لديها خطط جذرية فيما يتصل بغزة.
وبحسب تقارير لوسائل الإعلام الإسرائيلية والمراقبين الخارجيين، فإن هذه الخطط تشمل إخلاء مناطق واسعة من شمال ووسط غزة، طوعاً أو كرهاً، وتقسيم القطاع إلى مناطق على غرار الضفة الغربية تحت سيطرة عسكرية إسرائيلية غير محددة.
ورغم إنكارها رسمياً، فإن عمليات الهدم واسعة النطاق والبناء السريع للممرات العازلة والقواعد العسكرية والطرق من شأنها أن تمهد الطريق لإعادة إنشاء المستوطنات اليهودية الإسرائيلية في القطاع.
وقد كشفت الصحيفة الإسرائيلية التقدمية “هآرتس” عن هذه الخطة وبأدلة دامغة، ولهذا السبب عاقبتها حكومة نتنياهو، في الأسبوع الماضي، على جرأتها.
وأكدت الصحيفة في افتتاحيتها أنها لن تسكت، وحدّدت الخيار الصارخ الذي تواجهه إسرائيل. وقالت: “في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان والإنجازات التي تحققت ضد “حزب الله”، أصبحت المعادلة أكثر وضوحاً من أي وقت مضى: إما تجديد المستوطنات، وحرب دائمة في غزة، أو صفقة الأسرى وإنهاء الحرب هناك. والخيار الآن هو ما بين الموت مقابل الحياة. والدولة الملتزمة بصورتها الأخلاقية والإنسانية لا بدّ أن تختار الخيار الأخير”.
وتساءلت الصحيفة عن استماع نتنياهو، الهارب من العدالة والمطلوب دولياً، وأنصاره للنصيحة. وتجيب أن هذا لن يحدث على الأرجح، فهم لا يفكرون بالأخلاق ولا يهتمون بالإنسانية، وعليه فستستمر معاناة شعب غزة والأسرى الإسرائيليين، وبالنسبة لهم لن تتوقف الأعمال العدائية، بل سيستمر العنف المتواصل.