يصل المبعوث الأمريكي “عاموس هوكستين” الى بيروت الثلاثاء، لاستكمال بحث مسودة اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وبعد غد الاثنين سيسلم حزب الله رده على المسودة التي تسلمها من السفيرة الامريكية في بيروت عن طريق رئيس مجلس النواب ” نبيه بري”. ومن المرجح وفق مصادر متابعة ان يضع حزب الله ملاحظات وتعديلات ويطلب استفسارات حول بنود في ورقة الاتفاق، ولا يبدو ان بعض البنود التي تم ترويجها في الاعلام مثل طلب إسرائيل حرية التحرك العسكري في أجواء لبنان وقصف تحركات تراها خطرا عليها موجودة بشكل فعلي في الورقة، اذ حرص الامريكيون وفق أوساط لبنانية متابعة ان لا يرد حزب الله على الورقة بالرفض القاطع، لكن بنودا أخرى تبدو غامضة وتحتاج الى تفسيرات من قبيل تشكيل لجنة من دول اطلسية تشرف على تطبيق القرار 1701، دون تحديد هوية وصلاحيات واليات عمل هذه اللجنة، بالإضافة الى بنود أخرى تحمل ذات صفة الغموض وعدم التفصيل. وعليه سيصل “هوكستين” الى بيروت الثلاثاء ليطلع على ردود حزب الله، ثم يحملها الى تل ابيب في اليوم التالي.
بالمقابل قالت القناة 12 العبرية: ان إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة انها لن تتنازل عن حرية العمل العسكري في لبنان ورئيس الوزراء ووزير الجيش توافقا على تكثيف الضغط العسكري على لبنان.
عموما لم ينظر في بيروت الى المسودة بشكل سلبي، انما الرأي السائد انها يمكن ان تشكل أرضية جيدة لوقف الحرب، وهذا اعطى بعض المؤشرات الإيجابية على إمكانية مرور الاتفاق، لكن يبقى الرأي الحاسم للمقاومة، وقد استعادت زخمها وقوتها، واستوعبت حجم الضربات والخسائر التي منيت بها في بداية الحرب، وهي تبدو الان بوضع افضل، واستمرار الحرب قد يعطيها فرصة لقلب المعادلة واجبار إسرائيل على وقف الحرب بشروطها.
الأوساط الإعلامية في إسرائيل بدأت تتحدث عن قرب وقف اطلاق النار مع لبنان، قبل وصول المبعوث الأمريكي، وقبل معرفة ما هو رد المقاومة في لبنان. وفي هذه الاثناء ارتفعت وتيرة القصف الإسرائيلي للجنوب اللبناني وبيروت والبقاع شرق لبنان، وكثف الجيش الإسرائيلي من الهجمات بمعدل موجه من الغارات كل ساعتين، فيما رفع حزب الله كذلك من وتيرة الصواريخ تجاه المدن والبلدات الإسرائيلية في الشمال وصولا الى حيفا. ومن المتوقع ان ترتفع حدة المعارك والمواجهات بالتزامن مع المفاوضات، اذ تسعى إسرائيل للضغط على الجانب اللبناني من خلال زيادة مستوى تدمير الأبنية السكنية في المدن خاصة صور والنبطية في الجنوب والضاحية الجنوبية وتوسيع الرقعة في بيروت نحو منطقة الشياح واحياء أخرى لزيادة التهجير والنزوح منها، ومدينة بعلبك في البقاع شرقا. وتعتقد إسرائيل انها من خلال زيادة الضغط العسكري تستطيع دفع حزب الله ولبنان للتوقيع على مسودة وقف اطلاق النار. لذلك من المتوقع ان نشهد في الأيام المقبلة اعلى مستو من التصعيد منذ بدأ الحرب.
من ناحيتها قالت القناة العبرية “أي 24” نقلا عن مصدر مطلع على التفاصيل، ان ترامب بدأ بارسال رسائل لإيران حول التسوية في الشمال والذي سوف يؤثر بشكل مباشر على الوضع في غزة. بالإضافة الى تقارير إسرائيلية سابقة نقلت عن مصادر أمريكية ان الرئيس ترامب اعطى الضوء الأخضر لمهمة هوكستين في لبنان، وهذا كاف وفق المصادر لاعطاء المهمة دفعا وشيئا من الجدية.
لكن رغم الحديث السائد عن قرب وقف اطلاق النار، تدل المؤشرات على ان الأطراف تستعد فعليا لفشل المحاولة، ومن الجانب الإسرائيلي يستعد الجيش الى زيادة اتساع المناورة البرية والمغامرة بالتوغل نحو العمق اللبناني برا، بالإضافة الى الاستعداد لادخال سورية في دائرة الحرب وجعل وتوسيع دائرة الأهداف داخلها، وصولا لهجمات برية تستهدف الحدود السورية اللبنانية، بمعنى اخر تستعد إسرائيل لخوض حرب أوسع من الناحية الاستراتيجية.
بالمقابل تستعد اطراف محور المقاومة لهذه المرحلة الجديدة والخطيرة، ومن المرجح ان زيارة كبير مستشاري المرشد في ايران الدكتور علي لاريجاني الى سورية ولبنان حاملا رسالة هامة الى البلدين من المرشد شخصيا، تصب في هذا الاتجاه، خاصة ان زيارة لاريجاني تبعها في اليوم التالي زيارة وزير الدفاع الإيراني الى دمشق، مع اتصالات يومية تجري بين العاصمتين وموسكو. هذه التحركات الأخيرة هي الأهم منذ اندلاع الحرب على جبهة لبنان، وهي بداية لوضع أسس تتواءم مع مستوى الأهداف التي قد يسعى اليها نتنياهو في المنطقة بناء على وصول حلفاء وأصدقاء متطرفون على شاكلته الى البيت الأبيض.
من الواضح ان ايران وحلفاءها بدأوا التنسيق لمرحلة جديدة من المواجهة، تختلف فيها قواعد الاشتباك ومعادلة الحرب، في حال انهيار جهود وقف النار في لبنان، وقرر نتنياهو الهروب مجددا الى الامام نحو حرب اكثر اتساعا في الجغرافيا والاهداف. تغيير المعادلة وقلب الاتجاه جذريا سيكون الهدف الذي سوف تسعى اليه اطراف محور المقاومة، ولذلك هذه الأيام تضع المنطقة على مفترق طريق، الحرب الشاملة الكاسرة للتوازنات، او وقف اطلاق نار في لبنان وبعدها غزة والعودة الى قواعد اللعبة.