بعد أن أحدثَ ضجة كبيرة في مهرجان برلين السينمائي، أوائل العام، يُطرح في صالات السينما الفرنسية، الأربعاء، الوثائقي “لا أرض أخرى” No Other Land، الذي صوّرت فيه مجموعة من الناشطين الإسرائيليين والفلسطينيين لخمس سنوات عملية الاستيطان في مسافر يطا، في منطقة نائية بالضفة الغربية.
وقد فاز الفيلم بجائزة أفضل وثائقي في مهرجان برلين السينمائي، فيما اتُّهم مخرجاه في ألمانيا وإسرائيل بمعاداة السامية، بعدما قالا، عند استلام جائزتهما، إن الوضع الذي يعكسه الوثائقي هو نظام “فصل عنصري”.
أحد مخرجي العمل، باسل عدرا، ناشط فلسطيني ولد في مسافر يطا، وهي قرية تتعرّض لهجمات متكرّرة من المستوطنين. أما الآخر، يوفال أبراهام، فهو إسرائيلي يساري كرّسَ حياته للصحافة.
ويستعرض المخرجان الثلاثينيّان، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، محطات إنجاز هذا الوثائقي، ويكرّران المطالبة بإنهاء الاستيطان.
○ عند استلام جائزتك في برلين، في شباط/فبراير، رأيت أنه من ضروب “الفصل العنصري” أنك كإسرائيلي تستطيع العيش “حرًا”، فيما باسل، الذي كان بجانبك، “لم يعرف سوى الأحكام العرفية طوال حياته كفلسطيني”.
يوفال أبراهام: ” من الواضح أنه ظلم! لديك شخصان من العمر نفسه، يعيشان في ظل نظامين تشريعيين مختلفين تفرضهما دولة واحدة. لا أعتقد أن هذا يجب أن يوجد في أيّ مكان في العالم في عام 2024 (…). لا ينبغي أن يعيش الفلسطينيون في هذه الظروف، تحت سيطرة جيش أجنبي. يجب أن يتمتّع كلا الشعبين بحقوق سياسية وفردية، في إطار تقاسم السلطة. الحلول موجودة، ولكن ليس الإرادة السياسية. آمل أن نرى خلال حياتنا نهاية هذا الفصل العنصري (…) اليوم، من الصعب جدًا تصور ذلك”.
○ كيف تلقيت اتهامك بمعاداة السامية؟
يوفال أبراهام: ” هذا جنون! أنا حفيد ناجين من المحرقة، قُتل معظم أفراد عائلتي خلال الهولوكوست. أنا آخذ كلمة معاداة السامية على محمل الجد، وأعتقد أن الناس يجب أن يتساءلوا لماذا أفرغوها من معناها من خلال استخدامها لوصف أولئك الذين يدعون إلى وقف إطلاق النار، وإنهاء الفصل العنصري أو إلى المساواة (…). إنها ببساطة طريقة لإسكات انتقادات مشروعة للغاية. معاداة السامية أمر حقيقي يسجّل تزايدًا في جميع أنحاء العالم. لذا فإن استخدام هذه الكلمة كيفما اتفق فقط لإسكات الانتقادات الموجهة إلى دولة إسرائيل، أمر خطر للغاية بالنسبة لليهود”.
○ لماذا اكتفى الوثائقي بعرض وجهة نظر واحدة فقط ترتبط بالفلسطينيين المطرودين من أرضهم؟
يوفال أبراهام: لكي يكون الفيلم حقيقيًا، يجب ألا يخلط بين التماثل الزائف (بين وجهتي نظر المستوطنين والفلسطينيين) والحقيقة. ويجب أن يعكس عدم توازن القوى الموجود في المكان. ما كان مهمًا بالنسبة لنا هو إظهار الاضطهاد المباشر للفلسطينيين.
عندما تنظر إلى مسافر يطا، فإن الخلل في التوازن لا يُصدّق: هناك مستوطنون يتواجدون هناك بشكل غير قانوني بحسب القانون الدولي، ويحصلون على 400 لتر من المياه في المعدل، بينما يحصل الفلسطينيون المجاورون على 20 لترًا. يمكنهم العيش على أراضٍ شاسعة، بينما لا يحظى الفلسطينيون بمثل هذه الإمكانية. قد يتعرّضون لإطلاق النار من الجنود عندما يحاولون توصيل الكهرباء. لذا فإن عرض مثل هذا الوضع غير العادل، مع هذا الخلل في توازن القوى، من خلال وضعه في منظور جانبين متعارضين، سيكون ببساطة أمرًا مضللًا وغير مقبول سياسيًا”.
○ باسل عدرا، تزايدت هجمات المستوطنين على أرضكم بعد هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. كيف حال أقربائك اليوم؟
باسل عدرا: “الوضع سيئ وصعب للغاية، منذ عام لم نعد نعرف ما سيحدث (…). في منطقة جنوب الخليل، هجر البعض بسبب الهجمات، خصوصًا في الليل، لكن قرى أخرى، مثل قريتي، بقيت تحت ضغط هائل. قُتل ابن عمي برصاصة في البطن، كما رأينا في الفيلم. (المستوطنون) يريدون أن يخاف الناس ويغادروا (…). وهم المنتصرون في هذه الحرب في غزة، وهم الأسعد بما يحدث، وبما تفعله الحكومة (الإسرائيلية)”.
(أ ف ب)