نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا حصريا أعدته إرين بانكو، قالت فيه إن خلافا بين الولايات المتحدة وإسرائيل نشأ حول كيفية التعامل مع حزب الله، مضيفة أن هذه هي المرة الأولى منذ ما يقرب من عام تختلف فيه الإدارة الأمريكية مع إسرائيل بشأن حزب الله.
وقالت إن المسؤولين الأمريكيين وفي الأيام التي قادت للغارات الجوية على حزب الله، حذروا الحكومة الإسرائيلية من أن هذه الإستراتيجية ستدفع المنطقة سريعا نحو الحرب. وبحسب مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، فقد أخبرت الولايات المتحدة إسرائيل بأن الحل الدبلوماسي مع حزب الله لا يزال ممكنا، وأن العملية العسكرية ستحبط الجهود، لكن إسرائيل مضت في الخيار العسكري.
وتضيف أن المسؤولين الإسرائيليين لم يتجاهلوا الجهود التي تقوم بها واشنطن لتحقيق اتفاق دبلوماسي، لكنهم تحفظوا على طريقة التوصل لاتفاق. وقال المسؤول الإسرائيلي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إنهم أخبروا الولايات المتحدة بأن الوقت قد حان “لتصعيد الموقف من أجل خفض التصعيد”. ويعني هذا توجيه ضربة قوية لحزب الله تجبره على المشاركة في محادثات لوقف النزاع.
وتقول المجلة إن هذه هي المرة الأولى منذ ما يقرب من عام، تختلف فيها الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل صارخ حول كيفية التعامل مع حزب الله.
وأثار هذا الخلاف تساؤلات حول ما إذا كانت خطة الإدارة الأمريكية للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي ينهي النزاع على طول الحدود الشمالية لإسرائيل قابلة للتحقيق في المدى القريب.
وفي الأشهر الماضية، حثت الولايات المتحدة إسرائيل على تجنب التصعيد العسكري في لبنان، وذلك خوفا من إشعال التوترات في المنطقة وإشعال فتيل الحرب. ومررت واشنطن هذه الرسالة عبر قنوات دبلوماسية مختلفة طوال الصيف، في مكالمات هاتفية واجتماعات في كل من واشنطن وإسرائيل.
وتعلق المجلة أن إسرائيل وافقت حتى آب/ أغسطس على موقف واشنطن وما اقترحته من حلول دبلوماسية، عندما انهارت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وفي اجتماع عقده الأسبوع الماضي في إسرائيل مبعوثُ البيت الأبيض إلى لبنان، عاموس هوكشتاين، أوضحت إسرائيل أن حزب الله لم يظهِر أي علامات عن رغبته في الانخراط في محادثات دبلوماسية جادة، وأن إسرائيل مستعدة لتكثيف الضغوط على الجماعة.
وفي وقت لاحق، قال المسؤولون الأمريكيون إنهم لم يتلقوا أي تحذيرات مسبقة بشأن هجمات الأسبوع الماضي ضد أجهزة النداء “بيجر”، واللاسلكي “ووكي توكي” ضد حزب الله. ورفض مجلس الأمن القومي الأمريكي التعليق على طلب من المجلة.
كما أشعلت الضربات الإسرائيلية ضد حزب الله نقاشا داخل إدارة بايدن حول فعالية الهجمات الإسرائيلية وإمكانية اندلاع أعمال عنف في المنطقة في المستقبل. وفي حين يؤيد بعض المسؤولين في البيت الأبيض عموما الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله، فإن آخرين في البنتاغون ومجتمع الاستخبارات ليسوا واثقين من نجاح إستراتيجيتها، وإن كان حزب الله سيشارك في المحادثات الدبلوماسية.
وتضيف المجلة أن بعض المسؤولين الأمريكيون يشعرون بالقلق والإحباط من زيادة عدد القتلى في لبنان بسبب الغارات الإسرائيلية. وفي حين لم تعلن الإدارة بعد عن “حرب” علنا، فإن المسؤولين يعتقدون بشكل متزايد أن تصحيح هذا الوضع سيكون صعبا، إن لم يكن مستحيلا، كما قال أحد كبار المسؤولين الأمريكيين. وفي إحاطة تمت الأسبوع الماضي، أخبر مسؤولون في الدفاع والاستخبارات أعضاء الكونغرس عن مخاوفهم من إثارة الغارات الإسرائيلية ردا قويا من حزب الله.
وحتى الآن، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزما على مواصلة الحملة ضد لبنان. وقال الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع إن لديه خططا لتكثيف الهجمات على لبنان خلال الأيام المقبلة. وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتزي هاليفي في بيان يوم الثلاثاء: “يجب عدم منح حزب الله أي استراحة”.
وتعلق المجلة أن هناك مخاطر من دخول إسرائيل وحزب الله في حرب شاملة لو استمرت وتيرة العنف بالارتفاع، وهو سيناريو حاولت إدارة بايدن تجنبه.
وربما شعر الكثيرون بأن هذه الهجمات هي أشبه بحرب، فإن حزب الله لم يرد بعد بشكل كامل على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
وإذا فعل ذلك، فقد يجر الجانبين إلى مزيد من الضربات المتبادلة التي قد تؤدي في نهاية المطاف إلى صراع أكبر. وتقول المجلة إن أمريكا وإسرائيل توافقتا ولأشهر على تخفيض التوتر بالمنطقة من خلال دفع حزب الله للتفاوض على وقف النزاع على الحدود الشمالية لإسرائيل، إلا أن حزب الله أكد أنه لن ينهي هجماته قبل وقف الحرب في غزة.
وقال السيناتور الديمقراطي عن رود أيلاند، جاك ريد: “لو توصلنا لاتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى، فأعتقد أن هناك طرقا دبلوماسية لوقف التهديد من لبنان والسماح لإسرائيل بإعادة مواطنيها قرب حدودها”. وقال إنه “بسبب النزعة القتالية لدى نتنياهو، لم يكن هناك تقدم دبلوماسي، ولهذا اختار الوسائل العسكرية”، فقد حدثت الضربات ضد حزب الله بعد زيارة هوكشتاين لإسرائيل بفترة قصيرة. وبدأت إسرائيل الغارات الجوية في الأسبوع الماضي حيث ضربت مجمعا سكنيا في بيروت.
وكثفت إسرائيل خلال اليومين من هجماتها، حيث قال المسؤولون اللبنانيون إن ما يقرب من 600 شخص قتلوا، وهو أكبر عدد من الضحايا منذ حرب عام 2006.
وتقول المجلة إن المسؤولين الأمريكيين لا يزالون يؤمنون بإمكانية التوصل لاتفاق دبلوماسي بين إسرائيل وحزب الله. وقال الرئيس جو بايدن خلال خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء: “إن الحرب الشاملة ليست في مصلحة أحد. لقد تصاعد الموقف، لا يزال الحل ممكنا. في الواقع، يظل هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن الدائم والسماح لسكان البلدين بالعودة إلى ديارهم”.