أثبت (حزب الله) اليوم الأربعاء قدرته على إطلاق الصواريخ إلى مركز الدولة العبريّة، وعلى وجهٍ خاصٍّ، مدينة تل أبيب، ووفق المصادر الإسرائيليّة، فإنّ الصاروخ الذي تمّ إطلاقه من لبنان وصل إلى منطقة المركز، حيث، بحسب المزاعم الإسرائيليّة، تمكنّت منظومة (مقلاع داود) من اعتراضه وإسقاطه، دون أنْ تسمح الرقابة العسكريّة بنشر تفاصيل أخرى عن الصاروخ.
وبحسب الإعلام العبريّ فقد دوّت صفارات الإنذار في منطقة المركز، في الساعة السادسة والنصف صباحًا بتوقيت فلسطين، الأمر الذي أجبر أكثر من مليونيْ مواطن إلى الاختباء في الملاجئ أوْ في المناطق المحميّة داخل البيوت، في حين انتشرت أنباء غيرٌ رسميّةٍ أنّ الصاروخ أرض- أرض استهدف قاعدة (غليلوت) بالقرب من مدينة هرتسليا، جنوب تل أبيب.
ودوت صفارّات الإنذار، صباح الأربعاء، في منطقة تل ابيب الكبرى ووسط البلاد، لتنذر بإطلاق صواريخ وطائرات مسيرة مفخخة، فيما سُمِعَت أصوات انفجارات في مناطق (الشارون) بعد سقوط صواريخ في مناطق مفتوحة، وكذلك نتيجة اعتراضات المنظومات الدفاعية.
وأفادت إذاعة جيش الاحتلال (غالي تساهل) أنّ صافرات الإنذار دوت في أكثر من 20 بلدة في وسط البلاد، وأنّه لأوّل مرّةٍ منذ بداية الحرب على غزّة يتّم إطلاق صواريخ تجاه تل أبيب الكبرى.
قلّلّ خبير عسكري إسرائيلي من تأثير الاغتيالات الأخيرة على قدرات حزب الله، وعملياته المتواصلة ضد مستوطنات الشمال والقواعد العسكرية، داعيًا في الوقت ذاته إلى ضرورة إبرام تسوية سياسية مع لبنان.
وقال الخبير الإسرائيلي يوسي ميلمان في مقال نشرته صحيفة (هآرتس) العبرية، إنّ “عمليات الاغتيال لإبراهيم عقيل رئيس العمليات في حزب الله و15 من القادة في قوة النخبة (الرضوان)، هي عملية مثيرة وتدل على عمق اختراق الاستخبارات الإسرائيلية”.
واستدرك ميلمان بقوله: “في منظمات مثل حماس وحزب الله تمّ تغيير تشكيلات البنى العسكرية واستبدال أصحاب المناصب الرفيعة عقب عمليات الاغتيال”، مضيفًا أنّه “في إسرائيل يجدون صعوبة في الفهم أنّ التصفيات عمليًا تجدد شباب صفوف القيادة العليا في المنظمة”.
وأشار إلى أنّه عام 2000 عندما انسحب الجيش الإسرائيليّ من لبنان، لاحظ جهاز الاستخبارات الأعضاء الخمسة الأوائل في حزب الله، وكان بإمكان طائرة مسيرة أنْ تقوم باغتيالهم، لكن رئيس الحكومة ووزير الجيش في حينه إيهود باراك لم يصادق على العملية خشية من تجدد الحرب.
وتابع قائلا: “عام 2008 قام الموساد والـ سي.آي.ايه، حسب المنشورات، بعملية تصفية مشتركة لعماد مغنية في دمشق. ابن عمه وصهره مصطفى بدر الدين تمت تصفيته في دمشق في 2016 بأمر من قائد (قوة القدس) قاسم سليماني. قبل سبعة أسابيع تقريبًا قامت اسرائيل بتصفية فؤاد شكر بقصف جوي في الضاحية، والآن عقيل. الوحيد الذي بقي من هؤلاء الخمسة هو طلال حمية، رئيس جهاز العمليات الخارجية في الحزب، ومعه شخص رفيع آخر هو علي الكركي، قائد منطقة الجنوب”.
وذكر الخبير الإسرائيلي أنّه “في حزب الله تمّ القيام بعملٍ جماعيٍّ منظمٍ، إجراءات عمل ووضع خطط وتسلسل قيادي واضح. في الواقع عمليات التصفية تنزل بالحزب ضربة معنوية، أحيانًا صعبة. ولكن نجاعة هذه العمليات وتأثيرها محدود زمنيًا. والدليل على ذلك هو أنّه رغم تصفية الشخصيات الكبيرة إلّا أنّ حزب الله يستمر في الأداء، وأمس زاد مدى إطلاقه”، على حدّ قوله.
علاوة على ما ذكر أعلاه، أشار إلى أنّ حزب الله يحاول الحفاظ على مبدأ معادلة اللكمات، فالحزب امتنع عن إطلاق الصواريخ بعيدة المدى، مضيفًا أنّه إذا استمر منطق التصعيد فإنّه في القريب سيحدث ذلك، وفي أعقابه سيتم رفع كل القيود والمعيقات من قبل الطرفين.
وتوقع أنْ يغزو الجيش بريًا لبنان للمرة الثالثة خلال الـ 42 سنة الأخيرة، ومع هجمات شديدة لسلاح الجو، فإنّه سيحول أجزاءً كبيرةً في لبنان، بما في ذلك بيروت والميناء والمطار ومحطات الطاقة والبنى الاستراتيجية الأخرى إلى أنقاض.
وشدد على أنّ الثمن الذي ستدفعه إسرائيل بحياة الجنود والإسرائيليين والممتلكات سيكون باهظًا جدًا، وحتى أكبر من الثمن الذي جبته الحرب في غزة.
ودعا إلى ضرورة العمل على إنهاء الحرب بتسويةٍ سياسيةٍ، موضحًا أنّ هذه التسوية محتملة في الوضع الحالي فقط من خلال تطبيق خطة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي هي عمليًا خطة بنيامين نتنياهو لوقف إطلاق النار في غزة، وعقد صفقة لتبادل الأسرى، واستخلاف حكم حماس بسلطة فلسطينية أخرى ووقف النار في لبنان، ما سيؤدي إلى إبعاد حزب الله عن الحدود وإعادة المستوطنين للشمال، على حدّ تعبيره.
على صلةٍ بما سلف، وجّه جنرالٌ إسرائيليٌّ، انتقادات بشأن غياب استراتيجيّةٍ واضحةٍ تتعلق بالقتال في لبنان ضدّ حزب الله، ودعا الجنرال احتياط غرشون هكوهين في مقال نشرته صحيفة (إسرائيل هيوم)، إلى أهمية تطوير الحملة التي يشنها الكيان، حتى تحقيق الهدف الواضح المتمثل في السعي إلى توفير الظروف الأمنيّة، ونظام جديد على جبهة الحدود يسمح بعودة مستوطني الشمال، معتقدًا أنّ “المعركة ستكون طويلةً ومعقدةً في ظلّ الوعيْ الإسرائيليّ بضرورة الحرب بلا خيار”، على حدّ تعبيره.