بعد حرب “البيجرات”: إرهاصات نهاية إسرائيل بدأت تلوح..

الثلاثاء 24 سبتمبر 2024 10:01 ص / بتوقيت القدس +2GMT
 بعد حرب “البيجرات”: إرهاصات نهاية إسرائيل بدأت تلوح..



كتب محمد الرصافي المقداد:

كنت شاهدت فيديو يستعرض فيه المتحدث، اكتشاف جاسوسين لبنانيين بالصدفة، من حارس يعمل في مبنى مجلس النوّاب، فهِمتُ من خلاله أن هناك تقصير كبير في يقظة وسائل المراقبة في جبهة المقاومة، رجالا وأجهزة ومواقع، ما تسبب في إتاحة الفرصة للجواسيس المنتدبين في لبنان، لتنفيذ مهامهم الجاسوسية، المتمثلة في مسح الأماكن الحساسة، وحتى العادية بالضاحية الجنوبية لبيروت، للعمل لصالح إسرائيل، وجمع ما أمكن من مواقع، بإمكانها أن تفيد العدو الإسرائيلي، في تنفيذ عمليات اغتيال عسكرية.
انتداب الجواسيس لصالح إسرائيل ودول الغرب في البلدان العربية ليس صعبا، فبإمكان هذه الدول اختيار من يريدون تحت مسميات مختلفة، كما حصل من انتدابات لعناصر تونسية هيّأت أرضية اغتيال الشهيد محمد الزواري، وقد وجّهت دائرة الإتهام بالمحكمة (التهم التالية للمواطنة التونسية مهى بنت المنصف بن حمودة، وهي: توفير المواد والمعدات ووسائل النقل والتجهيزات والمواقع الإلكترونية والوثائق والصور، وإفشاء وتوفير ونشر معلومات مباشرة وبواسطة، وإيداع أموال لدى وسيط مقبول والتعامل بين مقيم وغير مقيم دون ترخيص من البنك المركزي، لصالح تنظيم ووفاق إرهابي، ولصالح أشخاص لهم علاقة بالجرائم الإرهابية، وعدم إشعار السلطات ذات النظر حالا، بما أمكن له الاطلاع عليه من أفعال، وما بلغ إليه من معلومات أو إرشادات، حول ارتكاب إحدى الجرائم الإرهابية، أو احتمال ارتكابها. وتستند التهم السابق إلى الفصول: 1/2/5/10/13/37/40، من القانون الأساسي، المتعلق بمكافحة الإرهاب، ومنع غسل الأموال (1)
مشكلة دولنا وشعوبنا اليوم ليست بالهيّنة، نتيجة تراكمات خطيرة متعلقة بثقافتنا، ومستقبل أجيالنا، أما من جهة ثقافتنا فإنّ مجتمعاتنا أصبحت مهيّأة لتقبل أي تقليد غربي مهما كان ولو تعلّق بالإساءة للدين الإسلامي، فما يهّم أجيالنا متعلق بالدنيا، وما يمكن غنمه منها بأي طريق، فمحلات القمار الرياضي مثلا أصبحت مرخّصة، ويرتادها عدد كبير من الشباب، طمعا في الربح السهل، وهي من بين وسائل مستحدثة، تكون مقدّمة لبناء شخصيات، طامعة في كسب المال، من أيّ طريق كان، ولو كان حراما شرعا، أو به شبهة غسيل أموال، من أطراف أخرى، كالجهات المجهولة وذات الشبهة، التي تقوم بإنشاء شركات وهميّة في الخارج، يكون طُعْما، يسهل به انتداب عناصر للعمل تحتها، والقيام بتنفيذ طلباتها، دون أدنى نظر في غاياتها، وما ترمي إليه من أهداف جاسوسية وإرهابية.

أما من جهة مستقبل اجيالنا، فإنّ حكوماتنا مقصّرة بحقها في تهيئة ظروف أحسن على مستوى النهوض بالتعليم على جميع مستوياته، وأخذ تجربة بعض الدول الناجحة في ذلك الإطار، بعد ثبوت عقم البرامج التعليمية الحالية من تدنّي مستوياتها، وعدم نجاعة نتائجها عموما، باستثناء المؤسسات التعليمية الخاصة، التي لا يلتحق بها إلا من يمتلك المال الكافي، لتغطية نفقات أبنائهم فيها، هؤلاء المتخرجين عادة يلتحقون بإدارات آبائهم، أو يقع انتدابهم من الخارج، فلا يبقى في بلداننا سوى ذوي المستويات المتوسطة والمتدنّية، من قليلي التعليم والخبرة، وهؤلاء عادة ما يكونون هدفا للإستدراج كما هي حال من تورّطت في عملية اغتيال الشهيد محمد الزواري.
أما بالنسبة للشرق ولبنان وما حوله فإني اعتقد أن الموساد وجد أرضية خصبة في البحث عن جواسيس له يعملون بأريحية، ودون أي مشاكل تذكر في تنقلاتهم على الساحة، وما يؤكّد هذه الفرضية، أنّ كل عملية اغتيال يقف وراءها جاسوس أو شبكة جواسيس منتشرة في لبنان وأعداء الحزب هناك لا يستهان بهم وأعداء النظام السوري كذلك، بل أنّ هناك من الجهلة والحمقى، من يقدّم معلومة تفيد إسرائيل، دون أن ينتبه إليها، وعامل الوعي هنا، مفقود تقريبا في هذه الشرائح من المواطنين.
وبلا شك فإن عملية تفجير البيجرات في بيروت وضواحيها، وما تلاه من اغتيال عدد من قادة المقاومة في الضاحية، بدأ من الشهيد صالح العروري(2)، ومرورا بالشهيد فؤاد شكر(3)، وانتهاء بالشهداء القادة في فيلق الرضوان، على رأسهم الشهيد إبراهيم عقيل (4)، تُعْتَبر سابقة خطيرة في تاريخ المواجهة مع العدو الإسرائيلي، كان من الممكن تلافيها أو على الأقل التقليل من ضحاياها، خصوصا وان هناك اختراقا أمنيّا حصل ولم يُعالج بما يمنع حصول اغتيالات بالجملة كالتي حصلت يوم أمس.
أما بالنسبة لصفقة شراء البيجرات فكانت خرقا آخر، من نوع الاطمئنان من مصدرها، وتوزيعها  دون تدقيق وفحص كبيرين، وأعتقد أن قائد المقاومة سوف لن يرضى بغير كشف في من وقف وراء الصفقة، ومراجعة الجهاز الأمني والإستخباري بشكل كامل، وبعض الأمور التسييرية الأخرى في المحور، كلّنا أسف وحزن لما حصل من اغتيالات، والمطلوب الحزم في التعامل مع أبسط الأمور، وعدم الاستهانة بأدق المعلومات والتفاصيل، اليقظة الكاملة مطلوبة في أي ميدان قد يضرب منه المحور، الهدف غال جدا والتضحيات من أجل بلوغه تهون، ولكن الحذر والاحتياط واجبين لبلوغه، ومن الصعب بلوغه في ظلّ الاختراقات الأمنية القائمة على قدم وساق، الرحمة للشهداء على طريق القدس، والدعاء للمرابطين بالنصر والغلبة، والعاقبة للمتقين.
بينما يحتفل أعداء محور المقاومة في إدلب وما جاورها، وفي مناطق أخرى معروفة، بما حققته إسرائيل من اغتيالات في تعبير مُقرف دلّ على خساسة أصحابه، وبرهن على أنّ هؤلاء هم من طينة من قدّم الاحداثيات لها في لبنان وسوريا، سيلقون جزاء ما عبروا عنه، فدور من في ادلب من الإرهابيين الذين وقع تجميعهم هناك ويحظون برعاية تركية أمريكية إسرائيلية، أت لا محالة لأنّ سوريا لن تقبل التجزئة مهما حصل، غدا لنا موعد معكم أيها العملاء التعساء، وسنرى من سيفرح ويضحك، ويبتهج بتحرير الأرض السورية من قاذورات العالم، ويوزع الحلويات في إدلب وريفها، رغما عن أنف أردوغان وأمريكا وإسرائيل، إرهاصات نهاية إسرائيل بدأت تلوح فشاهدوها قريبا بأمّ أعينكم، إنّه الوعد الإلهي القادم بأيدي رجال الله .
المراجع
1 – نشر وثيقة ختم البحث وأسماء القتلة المورطين في قتل الشهيد محمد الزواري
https://www.jawharafm.net/ar/article /105/209413
2 –  اغتيال صالح العروري https://ar.wikipedia.org/wiki
3 – فؤاد شكر https://ar.wikipedia.org/wiki
4 –  حزب الله يصدر بيانا عن مقتل قائد قوّة الرضوان إبراهيم عقيل
https://arabic.rt.com/middle_east/1602678-