أعلن اجتماع عربي إسلامي أوروبي بشأن القضية الفلسطينية، الجمعة، الاتفاق على عقد مؤتمر دولي للسلام بأقرب وقت ممكن، ودعا إلى انسحاب إسرائيل من قطاع غزة بالكامل، بما يشمل معبر رفح وممر وفيلادلفيا على الحدود بين القطاع ومصر.
جاء ذلك في بيان مشترك صدر بختام اجتماع عُقد بالعاصمة الإسبانية مدريد، بمشاركة وزراء خارجية وممثلي دول مجموعة الاتصال الوزارية الإسلامية العربية بشأن القضية الفلسطينية، إلى جانب أيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا.
وقال المشاركون في الاجتماع، عبر بيانهم الذي نشرته وزارة الخارجية المصرية، إنهم يعلنون اتفاقهم “على ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن”، دون الحديث عن موعد محدد.
وأكدوا “الدعم الكامل لجهود الوساطة الجارية التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة (لوقف الحرب بغزة وتبادل الأسرى)، ورفض جميع الإجراءات التي تهدف إلى عرقلة عملية الوساطة”.
وأضافوا: “نكرر دعوتنا لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن والمعتقلين”.
كما دعوا إلى “إعادة السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية على معبر رفح وبقية الحدود، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية المحتلة من غزة، بما في ذلك من ممر فيلادلفيا”.
ويتمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالبقاء في محور فيلادلفيا ومعبر رفح شرطا للموافقة على صفقة مع حركة حماس لوقف الحرب وتبادل الأسرى، وسط اتهامات سياسيين وإعلاميين له بعرقلة الصفقة عبر هذين الشرطين خوفا من انهيار حكومته التي تضم وزراء من اليمين المتطرف رافضين لوقف الحرب.
** تمكين الحكومة الفلسطينية
كذلك، أكد المشاركون في الاجتماع “ضرورة تمكين الحكومة الفلسطينية من أداء جميع واجباتها في كافة أنحاء غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية”.
وشددوا على “وجود حاجة ملحة لإيصال المساعدات الإنسانية (لغزة) بشكل فوري ودون شروط وبدون عوائق وبكميات كبيرة من خلال فتح جميع المعابر الإسرائيلية”.
وأعربوا عن “دعمهم عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وغيرها من الوكالات الأممية”.
وفي مايو/ أيار الماضي، صدق الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بقراءة تمهيدية على مشروع قانون لقطع العلاقات مع الأونروا وإعلانها “منظمة إرهابية”.
كما حذر المشاركون في الاجتماع من “التصعيد الخطير في الضفة الغربية”، حاثين في هذا الصدد على “وقف فوري للهجمات العسكرية (الإسرائيلية) ضد الفلسطينيين، وجميع الإجراءات غير القانونية التي تقوض آفاق السلام، بما في ذلك أنشطة الاستيطان، ومصادرة الأراضي، وتهجير الفلسطينيين”.
ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، صعّد الجيش الإسرائيلي ومستوطنون اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
وخلال هذه الاعتداءات، قتل الجيش ومستوطنون ما لا يقل عن 703 فلسطينيين وأصابوا أكثر من 5 آلاف و700، واعتقل الجيش ما يزيد على 10 آلاف و700، وفق مؤسسات رسمية فلسطينية.
** الحفاظ على الوضع القانوني بالقدس
وأكد المشاركون في الاجتماع كذلك “ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي في المواقع المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس”، معترفين بـ”الدور الرئيسي للوصاية الهاشمية (الأردنية) في هذا الصدد”.
وبين الفينة والأخرى، يقتحم وزراء بحكومة نتنياهو، وخاصة وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش، المسجد الأقصى، رغم انتقادات إسلامية وعربية ودولية.
والوضع القانوني أو التاريخي أو القائم هو الذي ساد منذ ما قبل 1967، وبموجبه فإن إدارة شؤون المسجد الأقصى هي من صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، وإن الصلاة فيه حق حصري للمسلمين وحدهم.
كما دعا المشاركون في الاجتماع إلى “وقف جميع الإجراءات التي تؤدي إلى التصعيد الإقليمي”.
وأكدوا أنه “يجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات نشطة لتنفيذ حل الدولتين (إسرائيلية وفلسطينية)، بما في ذلك الاعتراف العالمي بدولة فلسطين، وضمها كعضو كامل في الأمم المتحدة”.
وشددوا على أن “مسألة الاعتراف (بدولة فلسطين) هي عنصر أساسي في هذه الأجندة الجديدة للسلام، مما يؤدي إلى الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وفلسطين”.
ودعوا كل الأطراف وجميع أعضاء الأمم المتحدة للانضمام إلى الاجتماع الموسع بشأن “الوضع في غزة وتنفيذ حل الدولتين كمسار لتحقيق السلام العادل والشامل”، الذي ينعقد على هامش الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 سبتمبر/ أيلول 2024.
وتشكلت مجموعة الاتصال الوزارية المشتركة بشأن القضية الفلسطينية بقرار من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي أقيمت بالعاصمة السعودية الرياض، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وتضم وزراء خارجية 8 دول هي: تركيا وفلسطين والأردن وقطر والسعودية ومصر وإندونيسيا ونيجيريا، والأمينين العامين لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية.
وشارك في اجتماع اليوم أعضاء المجموعة، بينهم وزراء خارجية تركيا ومصر والأردن، بالإضافة إلى ممثل عن البحرين رئيس الدورة الحالية للجامعة العربية، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزراء خارجية وممثلين أوروبيين من النرويج وسلوفينيا وأيرلندا وإسبانيا.
ومؤخرا، أعلنت كل من النرويج وسلوفينيا وأيرلندا وإسبانيا اعترافها بدولة فلسطين.
** اجتماع مع سانشيز
وقبل صدور البيان المشترك أفادت وزارتا الخارجية السعودية والأردنية، في بيانين، بأن رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز اجتمع، الجمعة، مع وفد مجموعة الاتصال الوزارية الإسلامية العربية برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
وحضر الاجتماع وزراء خارجية فلسطين محمد مصطفى، والأردن أيمن الصفدي، ومصر بدر عبد العاطي، وتركيا هاكان فيدان، بجانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، ووزير الدولة بوزارة خارجية قطر محمد الخليفي، وفق البيانين ذاتهما.
كما حضر الاجتماع، وزراء خارجية وممثلو البحرين والنرويج وسلوفينيا وجوزيب بوريل.
واستعرض الاجتماع “الجهود الماسة لاتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ حل الدولتين بإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
كما بحث “الجهود المبذولة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والتصعيد الخطير في الضفة الغربية، وضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار”.
وأكد أعضاء اللجنة الوزارية “ضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومحور فيلادلفيا واستعادة السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية”.
وقال عبد العاطي في الاجتماع، إنه “قد حان الوقت للمجتمع الدولي بأن يضطلع بجهوده لوقف العدائيات وضمان الاحترام الكامل للقانون الدولي وإدخال المساعدات الإنسانية بصورة سريعة وآمنة ودون عوائق”، وفق بيان للخارجية المصرية.
وأعرب عن “رفض مصر للتواجد العسكري الإسرائيلي في محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح، وما يفرضه من انخفاض في وتيرة دخول المساعدات لقطاع غزة، في الوقت الذي تستخدم فيه إسرائيل الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين وترفض تشغيل معابرها للقطاع بصورة كاملة”.
وشدد على أن “ذلك التواجد يأتي لأهداف سياسية، حيث يهدف لمنع عودة السلطة الفلسطينية الشرعية لغزة، وتقويض جهود الوساطة التي تضطلع بها مصر وقطر والولايات المتحدة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين”.
وبدعم أمريكي مطلق، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 136 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.