غزة / سما / اختارت جريدة الغاردين البريطانية رواية (الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل) للكاتب الفلسطيني إميل حبيبي ورواية (براري الحُمّى) للشاعر والروائي الفلسطيني إبراهيم نصرالله، من بين أهم عشرة كتب عبّرت عن العالم العربي، سواء من تلك التي كتبها كتاب عرب أو كتاب أجانب، وكانت هذه الكتب الوسيلة الأفضل للتعبير عن عمق الحياة الحضارية العربية بعيدا عن سطوة الإعلام السائدة اليوم. وقد اختار القائمة بتكليف من الغاردين الكاتب الأمريكي مات ريس المولود في ويلز، والذي يعيش في فلسطين منذ عام 1996، مراسلا لمجلة نيوزويك ومديرا لمكتب مجلة تايم، وهو مؤلف عدد من الروايات البوليسية الناجحة التي يسند دور البطولة فيها لمحقق فلسطيني اسمه عمر يوسف، وقد نال عددا من الجوائز العالمية عن هذه الروايات، وهو يرى أن أفضل وسيلة لفهم الفلسطينيين هي كتابة أعمال روائية عنهم. وضمت القائمة كذلك: أحلام الذئب للكاتب الجزائري محمد بولسهول الذي يوقع رواياته باسم ياسمينة خضرا، ودعوني أهبط للكاتب الأمريكي بول بولز الذي عاش في مدينة طنجة المغربية منذ عام 1947. وظلال الرمان للكاتب الباكستاني طارق علي، وبين القصرين لنجيب محفوظ، ومدن الملح لعبد الرحمن منيف، وعمارة يعقوبيان لعلاء الأسواني، والوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل لإميل حبيبي، وجبل الزيتون، من رباعية الإسكندرية للكاتب البريطاني لورنس داريل، وكتاب الصخرة: حكاية القرن السابع للقدس لكنعان مكية. الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل، رواية ساخرة يتميز أسلوبها باختلافه عن الأساليب الروائية التقليدية فإميل حبيبي يمزج بين استلهام التراث العربي من السيرة والمقامة والأمثال والحكايات وبين أساليب روائية حداثوية وما بعد حداثوية متأثرا أيضا بكافكا وسخريته السوداء وكنديد لفولتير وغيرهم. يقول الدكتور فيصل دراج: أنجز أميل حبيبي في "المتشائل" نصاً تلفّه السخرية من الألف إلى الياء، مستغرقة الراوي وشخصياته وحاضره وماضيه، نصاً ساخراً إبداعياً يرى إلى وطن كان يتأهب للرحيل، ومع أن السخرية، من حيث هي، فعل هجائي مقاتل، فقد خلق إميل حبيبي راوياً يسخر من ذاته ويثير السخرية مكتفياً باحتجاج على وضع مأساوي لا سبيل إلى الخروج منه إلا بالتساذج الدفاعي، حيث إيجابية المقهور المتاحة تكمن في لا إيجابيّته الظاهرية. أما (براري الحُمّى) فقد أثارت منذ صدورها عام 1985 جدلا واسعا في الأوساط الثقافية العربية كواحدة من أبرز روايات ما بعد الحداثة، وظلت واحدة من الروايات التي تثير الكثير من الاهتمام وقد تمت دراستها في عديد الرسائل الجامعية العربية والأوروبية والدراسات النقدية. يقول الشاعر والروائي الإنجليزي جيرمي ريد: براري الحمىّ هي الجوابُ العربي عن النفس المنشطرة، من خلال عين الراوي الداخلية الشديدة الهلوسة. ذلك أن ذهنه قادر على إنشاء أهرامات تناطح السماء، أو تفجير نبع جارف من سطح صخري. إنها تدور حول الحدود القصوى، وينبغي أن تُقرأ من أجل رؤياها التي لا يعلق بها الخوف، ومن أجل اهتمامها بالعقل بمعزل عن سواه، ومن أجل اعتقادها المطلق بأن الشعر قادر على أن يغيّر العالم. في حين ترى الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي أن براري الحمى من أدق التجارب الجمالية تشرُّباً لروح الحداثة ، فقد استبطن المؤلف الحداثة استبطاناً كاملاً وكأنه ولِدَ فيها. لقد أنتج الفن القصصي الفلسطيني معالجات فريدة لا مثيل لها في الأدب العربي ، ومثال ذلك رواية (المتشائل) ورواية (براري الحمى) . أما الناقد الإيطالي فليبو لا بورتا فيقول: (قراءة هذه الرواية تعني وقوعك في أسر الغموض العذب، والفراغ الغامض الذي يتواجد في أعماق كل مخلوق إنساني، متجاوزا البشر عابرا أعماق الكائنات الحية والجمادات في تلك الصحراء. يذكر أن (براري الحمى) قد صدرت في ثلاث طبعات بالعربية، وترجمت إلى الإنجليزية والإيطالية والدنمركية واختيرت قبل عامين كواحدة من أفضل خمس روايات ترجمت إلى الدنمركية .