الطبيعي القول إن حادثة معبر الكرامة في الأغوار الأردنية والتي انتهت بمقتل ثلاثة من رجال الأمن الإسرائيلي ستقود إلى فرض ظلال ثقيلة ليس فقط على العلاقات الأردنية الإسرائيلية المتوترة جدا الآن، ولكن أيضا على مجمل ملف التعاطي الأردني والإسرائيلي مع الضفة الغربية.
سائق شاحنه أردني تمكّن من تهريب مسدس صغير في شاحنته ثم أطلق الرصاص وأردى ثلاثة من الجنود الإسرائيليين هذا حادث غير مسبوق عمليا مُنذ عام 1967.
واللّافت جدًّا بل الخطير في هذا الحادث أن عدد سائقين الشاحنات الأردنيين الذين يعبرون إما لصالح تصدير البضائع للسلطة الفلسطينية أو لصالح الجسر البرّي الإماراتي الشهير في الأردن أو لصالح إنسانيات الإغاثة باتجاه معبر كرم أبو سالم جنوبي قطاع غزة بالمئات، وهؤلاء مع عشرات العمال الأردنيين المُصرّح لهم أوقفتهم السلطات الإسرائيلية بهدف التحقيق.
وبالتالي الانتقال من مراقبة سائق شاحنة تم قتله إسرائيليا بالرصاص وسقط شهيدًا وهو أول شهيد أردني في الواقع منذ أحداث السابع من أكتوبر حتى الآن، وهذا ما يؤدي إلى ترحيب شديد وسط الجماهير الأردنية بسقوط الشهيد الأردني والتأكيد على وحدة هدف ومصير الشعبين.
بكل حال الحادث ثقيل الوزن ونتائجه كارثية لآن الحديث هنا عن مئات سائقي الشاحنات ومئات الشاحنات التي تعبر يوميا لعدة أسباب وبالتالي عن مجمل ملف الحدود الأردني والأغوار.
وأغلب التقدير أن تمكن سائق يحمل تصريحا أمنيا من الطرفين من إدخال مسدس واحد ثم استخدامه بهذه الطريقة سيؤدي إلى خلط كل أوراق حركة قطاع النقل بين الضفتين.
وهو على الأرجح ما يريده اليمين الإسرائيلي نكاية بالسلطات الأردنية علمًا أن وزارة الداخلية الأردنية وبهدوء وبرودة أعصاب أعلنت بأنها باشرت التحقيق في هذا الحادث مع التذكير بأن الحادث حصل على الجانب الآخر من الحدود بمعنى عند الجانب الإسرائيلي.
لم تُعرف بعد ظروف وملابسات عبور الشاحنة وسائقها لكن عُبورها يتطلّب تصريحات أمنية بموجب التنسيق بين الجانبين وهذه مسألة معروفة فيما باشرت السلطات الإسرائيلية على معبر الكرامة فورا لتوقيف واعتقال العشرات من سائقي الشاحنات الأردنيين لإخضاعهم للتحقيق.
وهو ما قد يتطلّب انضمام لجنة أمنية أردنية إلى هذا التحقيق والاطلاع على تفاصيله خصوصا وأن العلاقات بين الأردن وحكومة اليمين الإسرائيلي أساسًا متوترة للغاية.