اعتبر محلل عسكري إسرائيلي بارز أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “لا ينوي التوصل لاتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة في الوقت الراهن”، وأن “حياة الرهائن المتبقين بالقطاع أمر ثانوي بالنسبة له”.
وكتب المحلل بصحيفة “هآرتس” العبرية عاموس هارئيل، الجمعة: “من الناحية العملية لا يوجد تناقض تقريبا بين الرسالة الموجهة إلى الجمهور الإسرائيلي والرسالة الموجهة إلى القطريين، لأن النتيجة النهائية – على عكس حجج نتنياهو – هي أنه يبدو أنه لا ينوي التوصل إلى اتفاق في الوقت الحالي”.
وأضاف هارئيل: “الاعتبار الرئيسي بالنسبة لنتنياهو هو بقائه السياسي”.
وهدد وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب من الحكومة في حال إبرام اتفاق يتضمن الانسحاب من محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل إسرائيليين في غزة.
وفي حال نفذ الوزيران تهديداتهما بالفعل فإن ذلك يعني سقوط حكومة نتنياهو.
وذكر هارئيل أنه “ما دام شركاؤه (نتنياهو) في أقصى اليمين يهددون بالانسحاب من الائتلاف الحاكم إذا أبرم صفقة تتضمن إطلاق سراح جماعي للسجناء الفلسطينيين وانسحاب القوات الإسرائيلية من ممرات فيلادلفيا ونتساريم، فلن تكون لديه حكومة”.
وقال: “كل ما تبقى ثانوي بما في ذلك حياة الرهائن المتبقين، سيموت المزيد منهم في الظروف الفظيعة بقطاع غزة، تمامًا كما مات عشرات بالفعل خلال الأشهر الـ11 الماضية، سواء بالغارات الجوية الإسرائيلية أو من خلال قتلهم من قبل حماس”.
وأضاف: “تكتيكات نتنياهو تتغير من حين لآخر، ولكن استراتيجيته لا تتغير، فهو يحرص مراراً وتكراراً على توضيح حقيقة مفادها أن الصفقة لن تتم”.
وتابع: “سوف يدفع إلى انهيار الصفقة على أبعد تقدير بعد استكمال المرحلة الأولى، والتي سيتم فيها إطلاق سراح الرهائن المخصصين للإفراج الإنساني، وسوف يحدث هذا دون انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع، وبعد ذلك سيعود الجيش بسرعة إلى الأماكن التي احتلها من قبل”.
وأشار هارئيل إلى أنه “تتضمن الخطوة التكميلية التي اتخذها نتنياهو إبعاد وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس قسم المفقودين والأسرى في الجيش نيتسان ألون، عن مراكز صنع القرار فيما يتصل باستمرار الحرب ومستقبل المفاوضات”.
وقال: “رغم أن المشاعر كانت مرتفعة هذا الأسبوع، وعاد الإسرائيليون إلى الشوارع بأعداد كبيرة عقب الأخبار المروعة من رفح (في إشارة للعثور على جثث 6 أسرى)، فمن غير المرجح في الأمد البعيد أن يشعر نتنياهو بالتهديد بشكل خاص”.
وأضاف: “يبدو الائتلاف (الحكومي) مستقرا تماما، وهو تحالف بين المصالح الخاصة بين المتشككين الذين ينهبون الخزائن العامة؛ ولم تجد حركة الاحتجاج بعد طريقة لزعزعة الساحة السياسية”.
وتابع: “إدارة بايدن غير قادرة على معرفة كيفية فرض صفقة على نتنياهو”.
ونقل المحلل عن ضباط كبار في الجيش قولهم، دون أن يسميهم: “لن نواجه صعوبة في العودة (إلى فيلادلفيا) بعد 6 أسابيع. بالتأكيد إذا كان ذلك سيمكننا من إنقاذ 20 إلى 30 من شعبنا من الأسر وربما تسوية الأمور في الشمال، مؤقتًا على الأقل”.
وبحسبه، فإن “المصادر العسكرية تعترف أيضاً بأن إصرار نتنياهو على استمرار الحرب إلى الأبد في غزة يجعل القوات بلا الكثير من المهام الواضحة”.
وقال: “الكثير من النشاط في الفرق المتمركزة في غزة يتركز الآن على الدفاع، أو في عمليات البحث المحلية التي تهدف إلى زيادة عدد جثث المسلحين المقتولين، ومن الصعب الحديث عن المزيد من العمليات لتحرير الرهائن الآن، وخاصة تلك التي تتم تحت الأرض”.
ووصلت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى مرحلة حرجة، جراء إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب على القطاع، وعدم الانسحاب من محوري نتساريم وفيلادلفيا وسط وجنوبي القطاع، بينما تتمسك حماس بإنهاء الحرب وعودة النازحين والانسحاب الإسرائيلي من كامل القطاع.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة، خلفت أكثر من 135 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.