كتب الصحافي الإسرائيلي "بن كسبيت" في موقع والله العبري، قائلا: في تصريح مثير للجدل هذا الأسبوع، أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن ممر فيلادلفيا هو بمثابة "صخرة وجود" إسرائيل.
هذه التصريحات جاءت في مؤتمر صحفي أعلن فيه عن ننمر فيلادلفيا باعتباره "الهيكل الثالث" وأكد أن المسؤولية عن الأمن و"الرهائن" ومستقبل إسرائيل تقع الآن على عاتقه، لكنه شدد على أن هذه المسؤولية تبدأ "من اليوم"، مما أثار تساؤلات حول من يتحمل مسؤولية الأحداث التي وقعت قبل ذلك.
منذ شهرين، لم يكن ممر فيلادلفيا ليحتل مكانا بارزا في قائمة التهديدات الأمنية لإسرائيل، فما الذي دفع نتنياهو لتغيير رأيه؟ يرى مراقبون أن السبب ربما يكون اجتماعه السري مع "مجلس حرب" مصغر بعيدا عن أعين حلفائه، ما قد يفسر الحملة الإعلامية التي تحتفي بتسجيلات شخصية على حساب مسائل أكثر أهمية.
في خطوة أثارت دهشة الكثيرين، اعتذر نتنياهو عن عدم نجاحه في استعادة "الرهائن"، لكنه لم يوضح من يتحمل مسؤولية اختطافهم في المقام الأول.
كما واجه انتقادات بسبب تصريحاته المتضاربة حول أهداف الحرب وتوقيتاتها، حيث تحدث عن "7 نوفمبر" بدلا من "7 أكتوبر"، وذكر "3 أهداف" للحرب بالإنجليزية بينما تحدث عن "4 أهداف" بالعبرية.
يبدو أن نتنياهو يجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه، حيث يواجه ضغطا كبيرا من حلفائه السياسيين، مما يدفعه لاتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة ربما لن تكون في صالح إسرائيل على المدى البعيد.
يدعي نتنياهو أنه حذّر رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون من مخاطر الوضع في غزة، ولكن منذ وصوله إلى السلطة في عام 2009، لم يقم بأي تحرك حقيقي. كان نتنياهو رئيسًا للوزراء معظم الوقت وكان لديه العديد من الفرص للوفاء بوعده الانتخابي والإطاحة بحماس في غزة. كانت لديه الشرعية الشعبية الكاملة للقيام بذلك، ولكن لم يتخذ أي خطوات عملية لتحقيق هذا الهدف.
إذا كان ممر فيلادلفيا بهذه الأهمية، فلماذا لم يسعَ نتنياهو للوصول إليه فور اندلاع القتال؟ كان من الممكن تنفيذ العملية بسهولة؛ فقد كانت ولا تزال "فرقة رفح" الأضعف بين فرق حماس. إذا كان الجيش الإسرائيلي قد وصل إلى "فيلادلفي" في نوفمبر أو ديسمبر، ربما كانت المشكلة قد حُلت بالفعل.
الحقيقة البسيطة هي أن نتنياهو كان يخشى الدخول في عملية برية واسعة النطاق. في تلك الأيام، كان يتشاور مع ضباط كبار مثل اللواء عوفر وينتر واللواء يتسحاق بريك، الذين حذروه من أن غزة ستكون فخًا قاتلًا للجيش الإسرائيلي، وفضلوا العمل من الجو ومن الخارج. إلا أن غابي أشكنازي، الذي أُرسل في مهمة من قبل إيزنكوت وغانتس، أقنعه ببدء المناورة بعد حوالي ثلاثة أسابيع. ومع ذلك، تأخرت العملية في جنوب غزة بسبب نتنياهو، بينما كان غانتس وإيزنكوت يضغطان عليه للتوجه نحو رفح.
الآن، فجأة اكتشف نتنياهو أهمية فيلادلفيا بعد أن أدرك أن الحكومة قد تسقط إذا لم يتم اتخاذ هذا القرار. يعرف نتنياهو جيدًا أن التواجد العسكري في "فيلادلفي" لن يضمن وقف التهريب، فقد كان الجيش الإسرائيلي هناك حتى عام 2005، وحماس كانت تستخدم الأنفاق لتهريب الأسلحة تحت أقدام الجنود الإسرائيليين.
وفي هذه الأثناء، يموت "الرهائن"، لقد تلقى حماس ضربة قاسية، فقد تم القضاء على جميع القيادات العسكرية تقريبًا باستثناء يحيى السنوار، وتم تفكيك الكتائب والألوية وتدمير الأنفاق والبنية التحتية العسكرية. الآلاف من مقاتلي حماس قتلوا. هذا هو الوقت المناسب لتحمل المخاطر المؤقتة في فيلادلفيا وإعادة "الرهائن" إلى ديارهم. لكن نتنياهو لن يفعل ذلك، لأن الشيء الوحيد الذي يهمه أكثر من إعادة الرهائن هو الحفاظ على حكومته.
يتضح هذا من خلال تقرير نُشر الأسبوع الماضي يشير إلى أنه خلال اجتماع الكابينيت الأخير، أُدرج بند يمنح فريق التفاوض الإسرائيلي تفويضًا واسعًا للتفاوض من أجل صفقة لإطلاق سراح "الرهائن"، لكنه أُلغي في اللحظة الأخيرة تحت ضغط من بن غفير وسموتريتش. نتيجة لذلك، تُركنا مع فيلادلفيا بدون تسوية، بدون صفقة، وبدون "رهائن"، لكن مع حكومة، والتي هي في الحقيقة "صخرة وجودنا".