قال المعلق روجر بويز، في مقال نشرته صحيفة “التايمز”، إن إيران تكسب الكثير من ممارسة الضغط على إسرائيل أكثر من المواجهة العسكرية المباشرة.
وتساءلَ الكاتب عن سبب تجنّب إيران المواجهة العسكرية الشاملة، وقال: “ليس عجيباً زيادة أسعار الذهب بمعدلات عالية، فالحرب المستمرة منذ عشرة أشهر بين إسرائيل وجماعة “حماس” في غزة قد تتحوّل قريباً إلى حريق إقليمي، ما قد يؤثر على الممرات البحرية، وسلاسل التوريد، وقد يتسبّب بانهيار الدول، ونوع من الانهيار العالمي. والنتيجة: أسواق متوترة، وعدد غير عادي من صنّاع القرار السياسي يلغون عطلاتهم الصيفية، والاكتفاء بتذكر آب/أغسطس الماضي”.
ويضيف أن العالم لا يزال ينتظر رداً إيرانياً على مقتل زعيم “حماس” إسماعيل هنية في طهران والقيادي العسكري في “حزب الله”، فؤاد شكر، فهل سيكون هذا الرد على الشكل المتعارف عليه من لعبة الضرب ثم الرد، وبعد ذلك الرد الذي تتبعه حالة من الهدوء؟
وهل ستضرب إيران موقعاً للموساد، لأن الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل في طهران كشفت عن مدى اختراق الموساد “الحرس الثوري الإيراني”؟ وهل ستعتبر إيران أن هذا ردٌ متناسب؟ أم أن الرد من طهران سيأتي في إطار استعراض ضخم مشترك للقوة، في شكل هجوم صاروخي منسق تشنّه إيران و”حزب الله” اللبناني وحلفاؤه الآخرون، بما يتجاوز الهجوم الذي شنته في نيسان/ أبريل؟ وشمل ذلك الهجوم على 170 مسيّرة في اتجاه واحد و30 صاروخ كروز و 120 صاروخاً باليستياً.
وقد تصدت الولايات المتحدة ودولٌ أخرى لهذا الوابل من النيران، إلى جانب نظام القبة الحديدية الإسرائيلي. وعليه، فأيّ ردّ مماثل يجب أن يكون أكبر وأكثر فعالية، ويذهب أبعد مما تراه العين.
وقال بويز إن قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، يذهب ويعود إلى إسرائيل لمناقشة عملية دفاع جوي معقدة أخرى، في حال قررت إيران الذهاب إلى هذا النوع من التصعيد. وقد وصلت حاملة طائرات أمريكية تحمل مقاتلات من طراز إف-35 سي إلى المنطقة، وهناك غواصة صواريخ موجهة في طريقها إلى المنطقة. ويستعد آخرون داخل إسرائيل لهجوم إلكتروني إيراني.
إلا أن الأمر البارز حالياً هو أن شيئاً لم يحدث، فلا تصعيد، ولا هجمات انتحارية متعاقبة، ولم يعوِ الكلب في الليل. ولم تسمع مراكز التنصّت الغربية المعتادة شيئاً يشير إلى عمل كبير وشيك. وقد صعد “حزب الله” من إطلاق النار عبر الحدود من جنوب لبنان إلى إسرائيل، ولكن هذا لا يعدو كونه عملاً عادياً، على الرغم من نزوح المدنيين على جانبي الحدود.
فلا تزال معضلة “حزب الله” قائمة: كيف يضغط على إسرائيل دون إثارة حرب شاملة؟
ويشير الكاتب إلى أن حرب 2006 الدامية تركت أثرها المخيف على جيل، فقد بدأ زعيم “حزب الله”، حسن نصرالله بتخفيف نبرته: “لا أقول إن هدف هذه المعركة هو محو إسرائيل”، و”لكن الهدف هو منع إسرائيل من محو المقاومة الفلسطينية”.
ويعلق الكاتب بأن تصريحات نصرالله تنطوي على تظاهر، فهو من جهة يريد إظهار التضامن مع القضية الفلسطينية، لأن هذا يضفي على كفاحه شرعية أكبر، ولكن دعمه لـ “حماس” كان أكثر هدوءاً. فعندما هزت انتفاضة شعبية النظام السوري، في عام 2011، طلب بشار الأسد المساعدة من إيران، وحصل عليها على شكل آلاف من مقاتلي “حزب الله”. ووعد نصر الله بأنه لن يسمح بسقوط سوريا في أيدي أمريكا أو إسرائيل أو الكفار.
ويذكر الكاتب أن الهدف من الجماعات الوكيلة عن إيران أنها ليست حليفة دائماً، ولا صديقة، فـ “حماس” هي حركة سنية، أما “حزب الله” فهو حركة شيعية، ومرتبط بشكل قوي مع إيران. وترسانة نصرالله من صواريخ أرض- جو، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وصواريخ سكود وياخونت، هي التي تسمح لـ “حزب الله” بأن يتفاخر بقدرته على إطلاق 3000 صاروخ يومياً لمدة ثلاثة أسابيع ضد إسرائيل.
كل هذا يجعل من الحدود الشمالية لإسرائيل قضية حية، ولكنها لا تشكّل رادعاً كبيراً لقادة إسرائيل؛ فقد تحسّنت قدراتهم العسكرية منذ عام 2006، ويتمتع الإسرائيليون بالتفوق التقني في المعدات والقيادة والحرب الإلكترونية. ويبدو أن رجال الاتصال في طهران، الذين يربطون “الحرس الثوري الإيراني” بالجماعات الوكيلة عن إيران يحذرون ويطالبون بردّ مدروس. ويخشى نظام الرئيس المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان أن يؤدي تصعيد الصراع إلى هجوم على المنشآت النووية الإيرانية. كما يظهر الخطر في إمكانية عودة دونالد ترامب إلى جنباً إلى جنب مع حكومة بنيامين نتنياهو غير المستقرة، والتي تنتهج سياسة حافة الهاوية.
وأشار الكاتب إلى أن الطائرات الإسرائيلية قامت بمناورة، الأسبوع الماضي، للتدرّب على التزوّد بالوقود جواً، وهي مناورة أساسية لشن غارة على إيران.
الصحيفة: غزة قد تتحوّل قريباً إلى حريق إقليمي، ما قد يؤثر على الممرات البحرية، وسلاسل التوريد، وانهيار دول، ونوع من الانهيار العالمي
وربما كان من صالح إيران، التي تركز على الانتخابات الأمريكية، استغلال ما تراه موجة عالمية من التعاطف مع القضية الفلسطينية بدلاً من للتحرك والرد. فهي تفضّل أن يبقى “حزب الله” قوياً، ويحمي خاصرتها، بدلاً من أن تمزقه الحرب مع إسرائيل. وهي تريد أن يبقى “حزب الله” أداة تستطيع الاعتماد عليها للضغط على إسرائيل، وليس أداة لإشعال فتيل حرب واسعة النطاق.
وفي الوقت نفسه، فإن عدم الرد على عمليات القتل المستهدفة يحمل مخاطر على طهران وسمعتها، وليس على الجيش فقط. وإذا كانت لديها أي سلطة متبقية على وكلائها، فيجب عليها أن تمنعها (عمليات القتل). ويجب على إيران الوعي بأن قوتها تكمن في ضبط النفس. ويقول بويز إن الثمن الذي قد يدفعه الغرب لقاء عدم شن الحرب سيكون باهظاً، ويعني أن الطريق أمام إيران للحصول على ترسانة نووية محدودة سيكون أسهل. وهو ما قد يؤدي في النهاية لتعميق الأزمة. وربما لن يملأ فراغ “حماس” في غزة مسؤولون ديمقراطيون، بل جماعات متشددة أخرى أقرب إلى إيران.
وبالمحصلة؛ فلا يوجد شيء منظم في هذه الأزمة المتصاعدة. و”نصيحتي لكم: تمسّكوا بسبائكِكم الذهبية”، لا تبيعوها.
: قال المعلق روجر بويز، في مقال نشرته صحيفة “التايمز”، إن إيران تكسب الكثير من ممارسة الضغط على إسرائيل أكثر من المواجهة العسكرية المباشرة.
وتساءلَ الكاتب عن سبب تجنّب إيران المواجهة العسكرية الشاملة، وقال: “ليس عجيباً زيادة أسعار الذهب بمعدلات عالية، فالحرب المستمرة منذ عشرة أشهر بين إسرائيل وجماعة “حماس” في غزة قد تتحوّل قريباً إلى حريق إقليمي، ما قد يؤثر على الممرات البحرية، وسلاسل التوريد، وقد يتسبّب بانهيار الدول، ونوع من الانهيار العالمي. والنتيجة: أسواق متوترة، وعدد غير عادي من صنّاع القرار السياسي يلغون عطلاتهم الصيفية، والاكتفاء بتذكر آب/أغسطس الماضي”.
الصحيفة: إيران تفضّل أن يبقى “حزب الله” قوياً، ويحمي خاصرتها، بدلاً من أن تمزقه الحرب مع إسرائيل. تريد أن يبقى أداة تعتمد عليها للضغط، لا لإشعال فتيل حرب
ويضيف أن العالم لا يزال ينتظر رداً إيرانياً على مقتل زعيم “حماس” إسماعيل هنية في طهران والقيادي العسكري في “حزب الله”، فؤاد شكر، فهل سيكون هذا الرد على الشكل المتعارف عليه من لعبة الضرب ثم الرد، وبعد ذلك الرد الذي تتبعه حالة من الهدوء؟
وهل ستضرب إيران موقعاً للموساد، لأن الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل في طهران كشفت عن مدى اختراق الموساد “الحرس الثوري الإيراني”؟ وهل ستعتبر إيران أن هذا ردٌ متناسب؟ أم أن الرد من طهران سيأتي في إطار استعراض ضخم مشترك للقوة، في شكل هجوم صاروخي منسق تشنّه إيران و”حزب الله” اللبناني وحلفاؤه الآخرون، بما يتجاوز الهجوم الذي شنته في نيسان/ أبريل؟ وشمل ذلك الهجوم على 170 مسيّرة في اتجاه واحد و30 صاروخ كروز و 120 صاروخاً باليستياً.
وقد تصدت الولايات المتحدة ودولٌ أخرى لهذا الوابل من النيران، إلى جانب نظام القبة الحديدية الإسرائيلي. وعليه، فأيّ ردّ مماثل يجب أن يكون أكبر وأكثر فعالية، ويذهب أبعد مما تراه العين.
وقال بويز إن قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، يذهب ويعود إلى إسرائيل لمناقشة عملية دفاع جوي معقدة أخرى، في حال قررت إيران الذهاب إلى هذا النوع من التصعيد. وقد وصلت حاملة طائرات أمريكية تحمل مقاتلات من طراز إف-35 سي إلى المنطقة، وهناك غواصة صواريخ موجهة في طريقها إلى المنطقة. ويستعد آخرون داخل إسرائيل لهجوم إلكتروني إيراني.
إلا أن الأمر البارز حالياً هو أن شيئاً لم يحدث، فلا تصعيد، ولا هجمات انتحارية متعاقبة، ولم يعوِ الكلب في الليل. ولم تسمع مراكز التنصّت الغربية المعتادة شيئاً يشير إلى عمل كبير وشيك. وقد صعد “حزب الله” من إطلاق النار عبر الحدود من جنوب لبنان إلى إسرائيل، ولكن هذا لا يعدو كونه عملاً عادياً، على الرغم من نزوح المدنيين على جانبي الحدود.
فلا تزال معضلة “حزب الله” قائمة: كيف يضغط على إسرائيل دون إثارة حرب شاملة؟
ويشير الكاتب إلى أن حرب 2006 الدامية تركت أثرها المخيف على جيل، فقد بدأ زعيم “حزب الله”، حسن نصرالله بتخفيف نبرته: “لا أقول إن هدف هذه المعركة هو محو إسرائيل”، و”لكن الهدف هو منع إسرائيل من محو المقاومة الفلسطينية”.
ويعلق الكاتب بأن تصريحات نصرالله تنطوي على تظاهر، فهو من جهة يريد إظهار التضامن مع القضية الفلسطينية، لأن هذا يضفي على كفاحه شرعية أكبر، ولكن دعمه لـ “حماس” كان أكثر هدوءاً. فعندما هزت انتفاضة شعبية النظام السوري، في عام 2011، طلب بشار الأسد المساعدة من إيران، وحصل عليها على شكل آلاف من مقاتلي “حزب الله”. ووعد نصر الله بأنه لن يسمح بسقوط سوريا في أيدي أمريكا أو إسرائيل أو الكفار.
ويذكر الكاتب أن الهدف من الجماعات الوكيلة عن إيران أنها ليست حليفة دائماً، ولا صديقة، فـ “حماس” هي حركة سنية، أما “حزب الله” فهو حركة شيعية، ومرتبط بشكل قوي مع إيران. وترسانة نصرالله من صواريخ أرض- جو، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وصواريخ سكود وياخونت، هي التي تسمح لـ “حزب الله” بأن يتفاخر بقدرته على إطلاق 3000 صاروخ يومياً لمدة ثلاثة أسابيع ضد إسرائيل.
كل هذا يجعل من الحدود الشمالية لإسرائيل قضية حية، ولكنها لا تشكّل رادعاً كبيراً لقادة إسرائيل؛ فقد تحسّنت قدراتهم العسكرية منذ عام 2006، ويتمتع الإسرائيليون بالتفوق التقني في المعدات والقيادة والحرب الإلكترونية. ويبدو أن رجال الاتصال في طهران، الذين يربطون “الحرس الثوري الإيراني” بالجماعات الوكيلة عن إيران يحذرون ويطالبون بردّ مدروس. ويخشى نظام الرئيس المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان أن يؤدي تصعيد الصراع إلى هجوم على المنشآت النووية الإيرانية. كما يظهر الخطر في إمكانية عودة دونالد ترامب إلى جنباً إلى جنب مع حكومة بنيامين نتنياهو غير المستقرة، والتي تنتهج سياسة حافة الهاوية.
وأشار الكاتب إلى أن الطائرات الإسرائيلية قامت بمناورة، الأسبوع الماضي، للتدرّب على التزوّد بالوقود جواً، وهي مناورة أساسية لشن غارة على إيران.
وربما كان من صالح إيران، التي تركز على الانتخابات الأمريكية، استغلال ما تراه موجة عالمية من التعاطف مع القضية الفلسطينية بدلاً من للتحرك والرد. فهي تفضّل أن يبقى “حزب الله” قوياً، ويحمي خاصرتها، بدلاً من أن تمزقه الحرب مع إسرائيل. وهي تريد أن يبقى “حزب الله” أداة تستطيع الاعتماد عليها للضغط على إسرائيل، وليس أداة لإشعال فتيل حرب واسعة النطاق.
وفي الوقت نفسه، فإن عدم الرد على عمليات القتل المستهدفة يحمل مخاطر على طهران وسمعتها، وليس على الجيش فقط. وإذا كانت لديها أي سلطة متبقية على وكلائها، فيجب عليها أن تمنعها (عمليات القتل). ويجب على إيران الوعي بأن قوتها تكمن في ضبط النفس. ويقول بويز إن الثمن الذي قد يدفعه الغرب لقاء عدم شن الحرب سيكون باهظاً، ويعني أن الطريق أمام إيران للحصول على ترسانة نووية محدودة سيكون أسهل. وهو ما قد يؤدي في النهاية لتعميق الأزمة. وربما لن يملأ فراغ “حماس” في غزة مسؤولون ديمقراطيون، بل جماعات متشددة أخرى أقرب إلى إيران.
وبالمحصلة؛ فلا يوجد شيء منظم في هذه الأزمة المتصاعدة. و”نصيحتي لكم: تمسّكوا بسبائكِكم الذهبية”، لا تبيعوها.