سعى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال جولة سريعة في الشرق الأوسط إلى إضفاء طابع الاستعجال على الجهود المبذولة للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، لكنه غادر المنطقة أمس الثلاثاء بينما لا يزال الاتفاق بين إسرائيل وحماس بعيد المنال.
علق بلينكن والوسطاء من مصر وقطر آمالهم على اقتراح أمريكي يهدف إلى تضييق الفجوات بين الجانبين في الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، بعد توقف المفاوضات الأسبوع الماضي دون تحقيق تقدم.
قال بلينكن للصحفيين في الدوحة قبل مغادرته إلى واشنطن إن الاتفاق “يجب إنجازه، ويجب إنجازه في الأيام المقبلة، وسنبذل كل ما في وسعنا لإنجازه”.
وذكر مسؤول كبير في إدارة بايدن مسافر مع بلينكن إن الولايات المتحدة تتوقع استمرار محادثات وقف إطلاق النار هذا الأسبوع.
وتوجه بلينكن إلى مصر لإجراء محادثات أمس مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ثم إلى قطر.
وبعد لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين، قال بلينكن إن إسرائيل قبلت المقترح وحث حماس على قبوله أيضا.
وسئل بلينكن في قطر عن شروط انسحاب القوات الإسرائيلية في إطار وقف إطلاق النار وعن تقرير موقع أكسيوس الذي نقل عن نتنياهو قوله إنه ربما أقنع بلينكن بأن إسرائيل يجب أن تبقي قواتها في ممر فيلادلفيا (صلاح الدين) بين مصر وغزة.
وقال بلينكن “الولايات المتحدة لا تقبل أي احتلال إسرائيلي طويل الأمد لغزة. وبشكل أكثر تحديدا، فإن الاتفاق واضح جدا بشأن الجدول الزمني ومواقع انسحاب (القوات الإسرائيلية) من غزة، وقد وافقت إسرائيل على ذلك. لذا هذا كل ما أعرفه. هذا ما أنا واضح جدا بشأنه”.
ولم يعلق بلينكن مباشرة على تقرير أكسيوس، المنشور على موقع التواصل الاجتماعي (إكس). ولم يستجب مكتب نتنياهو لطلب التعليق.
وتعارض حماس ومصر وجود قوات إسرائيلية في ممر فيلادلفيا لكن نتنياهو يقول إن هناك حاجة لهذه القوات على الحدود لوقف تهريب الأسلحة إلى غزة. ونفى مسؤول أميركي كبير تقرير أكسيوس في وقت سابق من أمس الثلاثاء.
وقالت مصادر أمنية مصرية إن الولايات المتحدة اقترحت وجودا دوليا في المنطقة، وهو اقتراح قالت المصادر إنه قد يكون مقبولا للقاهرة إذا اقتصر على ستة أشهر كحد أقصى.
وقال السيسي بعد لقاء بلينكن “وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يكون بداية لاعتراف دولي أوسع بالدولة الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين باعتبار ذلك الضامن الأساسي لاستقرار المنطقة”.
وأصبح مصير قطاع غزة الصغير المزدحم بالسكان على المحك، وكذلك مصير الرهائن المتبقين المحتجزين هناك. وتسببت الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع في باستشهاد من 40 ألف شخص منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي، وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية.
وبدأت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، عندما اقتحم مسلحون من حماس جنوب إسرائيل، التي تشير إحصاءاتها إلى أن الهجوم تسبب في مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 رهينة.
ووصف بلينكن أحدث مساعي التوصل إلى اتفاق بأنها “الأفضل على الأرجح، وربما تكون الفرصة الأخيرة”. وقال إن اجتماعه مع نتنياهو كان بناء، مضيفا أنه يتعين على حماس قبول الاقتراح الذي يهدف لتقريب المواقف بين الجانبين.
وقال القيادي في حماس سامي أبو زهري لرويترز ردا على سؤال عن تصريحات بلينكن إن الوزير الأمريكي يصر على مواصلة “الكذب”، وهذا أحد أسباب فشل الجهود للتوصل إلى اتفاق.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لبلينكن إن الدوحة ملتزمة بدورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار، إلى جانب مصر والولايات المتحدة.
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان إن الشيخ محمد أكد أيضا في اتصال هاتفي مع بلينكن “على أهمية توحيد الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين ويجنب المنطقة تبعات التصعيد الإقليمي”.
وجاء في بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل أن الوزيرين أكدا أن الاقتراح الذي قدمه المفاوضون عالج الفجوات المتبقية بطريقة تسمح بالتنفيذ السريع للصفقة.
ولم يوضح مسؤولون أمريكيون ومن حماس ومصر وقطر مضمون الاقتراح أو كيف يختلف عن مقترحات سابقة.
وتتهم حماس إسرائيل بعرقلة الاتفاق بمطالب جديدة، وتقول إن الحركة لا تزال ملتزمة بالشروط التي اتفقت عليها مع الوسطاء في يوليو تموز على أساس اقتراح قدمته الولايات المتحدة في مايو أيار.
ورفضت حماس تصريحات أمريكية بأنها تتراجع عن الاتفاق، وقالت “يعلم الإخوة الوسطاء في قطر ومصر أن الحركة تعاملت بكل إيجابية ومسؤولية في كل جولات المفاوضات السابقة، وأن نتنياهو كان دائما من يعرقل الوصول لاتفاق، ويضع شروطا وطلبات جديدة”.
وأضافت “نؤكد مجددا التزامنا بما وافقنا عليه مع الوسطاء في الثاني من يوليو تموز الماضي والمبني على إعلان بايدن وقرار مجلس الأمن، وندعو الوسطاء لتحمل مسؤولياتهم وإلزام الاحتلال بقبوله”.
وينفي نتنياهو عرقلة التوصل لاتفاق.
وعلى مدى شهور دارت محادثات على نحو متقطع حول القضايا ذاتها إذ تقول إسرائيل إن الحرب لا يمكن أن تنتهي إلا بالقضاء على حماس كقوة عسكرية وسياسية في حين تقول حماس إنها لن تقبل إلا بوقف إطلاق نار دائم.
وقال المسؤول الأمريكي إنه حتى لو وافقت حماس على اقتراح سد الفجوات على الفور، فسيتعين إجراء محادثات إضافية للتوصل إلى تفاصيل تنفيذ الاتفاق.
وفي غزة، قاتلت القوات الإسرائيلية مسلحين بقيادة حماس في المناطق الوسطى والجنوبية، وقالت السلطات الصحية الفلسطينية إن 39 شخصا على الأقل استشهدوا أمس في ضربات إسرائيلية بما في ذلك على مدرسة تؤوي نازحين.
وقالت وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس أمس إنها لا تزال تنتظر وصول لقاحات شلل الأطفال بعد اكتشاف المرض في المنطقة حيث يعيش معظم الناس الآن في خيام أو ملاجئ بدون مرافق صحية مناسبة. ورددت دعوة من الأمم المتحدة الأسبوع الماضي لوقف إطلاق النار للسماح بحملة التطعيم.