تلقت الشركات الغربية الكبيرة الداعمة لإسرائيل صفعةً مجلجلةً منذ بداية العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزة، رغم فرادة وجودة منتجاتها، وذلك نتيجة لحملات المقاطعة التي وضعت اعتبارًا أكبر لكرامة الإنسان وتحقيق العدالة ورفض الظلم أوْ دعمه، كما تؤكِّد على ذلك الشعارات الداعية إلى تلك الحملات.
وألقت المقاطعة التي تعتبر أداة ضغط تملكها القاعدة الاستهلاكية، بتأثيرها على العديد من المطاعم والمقاهي والشركات التي تراجعت أسهمها، كما تأثر حجم مبيعاتها في الآونة الأخيرة.
ولا تُستثنى عن هذا الحديث سلسلة القهوة العالمية (ستاربكس)، التي ترأست قائمة المقاطعة، ولقيت ما لقيت من تأثيرها، لدرجة إعلان الشركة إقالة رئيسها التنفيذي بعد عامين فقط من توليه منصبه.
وأعلنت (ستاربكس) استقالة رئيسها التنفيذي، لاكشمان ناراسيمهان، وتعيين براين نيكول، الرئيس التنفيذي السابق لشركة تشيبوتلي بدلًا منه، بعد عام مضطرب في الشركة تراجعت فيه مبيعاتها بنسبة 4 بالمائة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
كما تراجعت المبيعات بنسبة 3 بالمائة في الأشهر الثلاثة التي تلتها، نتيجة ضعف الطلب بسبب ارتفاع الأسعار والمقاطعات المتعلقة بالحرب على غزة.
إلى جانب المقاطعة التي تعرضت لها شركة القهوة العالمية خلال العام الماضي بسبب دعمها لإسرائيل، ارتفعت حدة التوترات أكثر بعدما رفعت الشركة دعوى قضائية ضد نقابة عمال (ستاربكس) بتهمة انتهاك العلامة التجارية في ولاية أيوا الأمريكية، كردٍّ على تعبير النقابة عن تضامنها مع فلسطين، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر.
ولا يزال الرئيس الجديد يواجه تحديات أكبر وأعمق بكثير، في الشركة التي تمتلك 38 ألف متجر في جميع أنحاء العالم.
وفي السياق نفسه، سجلّت شبكة المطاعم الأمريكيّة (ماكدونالدز) هبوطًا في مبيعاتها لأول مرّة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة. وكانت (ماكدونالدز إسرائيل) قد قدّمت وجبات مجانيّة لقوات جيش الاحتلال الإسرائيليّ خلال حربه الإبادية ضد 2.3 مليون فلسطينيّ.
ومن خلال مساهمتها في خزينة الحرب الإسرائيليّة واستحواذها المباشر على عشرات الفروع لخدمة نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، تصبح الشركة من الأكثر تواطؤًا في النظام الإسرائيلي الإبادي وحربه الإبادية المستمرّة على شعبنا في قطاع غزة المحتلّ والمحاصَر.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة ماكدونالدز كريس كمبنسكي إنّ “العديد من الأسواق ما تزال تتأثر سلبًا بالحرب في الشرق الأوسط”.
وكانت الشركة حذرت في وقت سابق من انخفاض الأرباح في دول الشرق الأوسط ودول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا، والتي تضم أغلبية مسلمة. وأشار كمبنسكي أيضًا إلى انخفاض المبيعات في فرنسا، وعزا هذا الانخفاض إلى العدد الكبير من السكان المسلمين في البلاد.
على صلةٍ بما سلف، حيّت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، أوسع ائتلاف في المجتمع الفلسطيني وقيادة حركة المقاطعة (BDS) عالميًا، مجموعة المقاطعة في تركيا (BDS Türkiye)، على جهودها المؤثّرة في الضغط على صناع القرار من أجل إلغاء العلاقات بين المدن التركية ونظيراتها الإسرائيلية، والتي كان آخرها إعلان مجلس بلدية إزمير الكبرى إلغاء بروتوكول التوأمة مع بلدية تل أبيب الإسرائيلية.
فقد تصاعد التأييد في تركيا لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها في ظل الإبادة الجماعية التي يقترفها نظام الاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي ضد 2.3 مليون من شعبنا في قطاع غزة المحتل والمحاصر، وكنتيجة لذلك، أعلنت الحكومة التركية وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل. ورغم الثغرات التي لا تزال قائمة، إلّا أنّ هذا القرار أثّر بشكلٍ ملموسٍ على الاقتصاد الإسرائيلي وأسهم في زيادة عزل نظامها الاستعماري عالميًا.
وقد وافق مجلس المدينة بالإجماع على مشروع قرار إلغاء بروتوكول التوأمة مع “تل أبيب” خلال اجتماعه الذي عقد في 12 آب (أغسطس)، بعد أنْ وضعته حركة المقاطعة في تركيا على جدول أعمال المجلس.
وأكّد نائب رئيس المجلس، خلال الاجتماع، على أنّه من غير الممكن أنْ تظلّ مدينة إزمير شقيقةً لتل أبيب في حين يقاطع العالم أجمع دولة الاحتلال. وقد سبق هذا القرار إعلان بلدية إزمير عن إبرام اتفاقية توأمةٍ مع مدينة غزة.
بهذا، تلتحق بلدية أزمير بركب كلٍّ من مجالس مدن أضنة وأنطاليا وأدرنة وكاديوكي، لتصبح خامس مدينة تركية تلغي بروتوكولات توأمة مع بلديات دولة الاحتلال احتجاجًا على الإبادة الجماعية. ويذكر بأنّ مدينة إزمير هي ثالث أكبر مدينة في تركيا.
جديرٌ بالذكر أنّ حملات المقاطعة تزيد من عزلة الكيان عالميًا، وهو الذي بات منبوذًا من قبل الشعوب الغربيّة الرافضة لحرب الإبادة في قطاع غزّة، الأمر الذي يعود سلبًا على خزينة دولة الاحتلال.