كشفت دولة الاحتلال اليوم الأربعاء النقاب عن أنّ طهران رفعت سقف الرهان حول ردّها على العدوان الإسرائيليّ باغتيال القائد إسماعيل هنيّة في طهران، ونقلت (هآرتس) العبريّة عن محافل وازنةٍ في تل أبيب قولها إنّ طهران تُطلِب اليوم بوقف العدوان كاملاً على غزّة، مقبل امتناعها عن الردّ على إسرائيل، الأمر الذي يمنح (قمّة الدوحة) وزنًا كبيرًا جدًا.
وغنيٌّ عن القول إنّه منذ أسبوعيْن بالتمام والكمال تستعد إسرائيل لتلقّي الردود على اعتداءاتها، من إيران ولبنان، عبر اتجاهَيْ عمل واضحين: الأول هو استيعاب الضربات ومنع إيقاعها الأذى عبر الاستعدادات والجاهزية الدفاعية التي وصلت في اليومين الماضيين إلى حدود وسقوف غير مسبوقة، مع مساندةٍ واضحةٍ وفاعلةٍ تراهن عليها تل أبيب من الشريك الأمريكيّ وأنظمة عربية شريكة وتابعة في المنطقة، والثاني هو الاستعداد لتنفيذ ردٍّ على الردّ، سيتحدّد في حينه وفقاً لمعطياته ومقدماته من دون أيّ علاقة بقرارات متبلورة مسبقًا.
وفي السياق، قال الرئيس السابق لشعبة العمليات في جيش الاحتلال اللواء في الاحتياط إسرائيل زيف “نحن على خط التصعيد عند النقطة التي أصبحنا فيها قريبين جدًا من حربٍ إقليميّةٍ”، وأضاف “بطريقة ما، يتم الاحتفاظ بنطاق النار وكثافتها عند مستوى معيّن تتمكّن إسرائيل من مواجهته، على الرغم من أنّ أثمان ما يحدث في الشمال والأثمان السياسية والاقتصادية مرتفعة للغاية، ومن الواضح أنّها تتجه نحو تصعيد أكثر خطورة”.
وفي مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، تابع: “لا أعتقد أن أيًا منا يعرف حقًا، حتى داخل النظام، ما الذي ينوي الإيرانيون وحزب الله فعله بالضبط”، مُوضحًا: “هناك هدف أعلى اليوم، وهو إعادة الأسرى. لقد انتهوا، ونحن نعلم ذلك بوضوحٍ تامٍ”.
وعن الساحة الدعائية والطريقة التي يتم بها تقديم الكيان في جميع أنحاء العالم، رأى أنّ “إسرائيل في مستوى شرعية منخفض جدًا”.
أمّا رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة سابقًا، اللواء بالاحتياط عاموس يدلين، فقال في مقالٍ نشره على موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ: “يدرك سكان إسرائيل أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقودهم نحو كارثةٍ إستراتيجيّةٍ تصب في مصلحة إيران وفي أيدي قائد حماس، يحيى السنوار”.
وتابع: “سيستمر الرهائن بالموت بأنفاق حماس، وستجد إسرائيل نفسها عالقة في حرب استنزافٍ طويلةٍ، وسيستمر الاقتصاد الإسرائيليّ بالتدهور، وستنخفض مكانتها بالعالم إلى مستوى متدنٍ جديدٍ، وستستمر المعركة القانونية في المحاكم الدولية”.
وشدّدّ على أنّ “الحقيقة أنّ استراتيجيّة (النصر الشامل) تخدم الاستراتيجيّة الإيرانيّة المتمثلة بإيقاع إسرائيل بحرب استنزافٍ طويلةٍ، على عدة ساحاتٍ في الوقت نفسه، حتى انهيارها”.
وأوضح: “مسار الحرب الإقليميّة، قد لا تكون هذه هي استراتيجية نتنياهو المعلنة، بل سلوكه بالفعل أوْ بعدم التقدير، وخاصّةً استمرار حرب الاستنزاف في غزة والساحات الست الأخرى لبنان، إيران، سوريّة، واليمن والعراق والضفة الغربية، من المرجح بشكل كبير أنْ يؤدي إلى اندلاع حربٍ إقليميّةٍ متعددة الساحات، وهذا طريق خطير، وهو السيناريو الذي لم تضع إسرائيل حياله إستراتيجيّة وأهداف حرب ذات صلة”.
وأوضح “في الوقت نفسه، هناك جبهة أخرى تتصاعد هي الأخرى، والأهّم من ذلك كلّه، الجبهة الداخليّة، حيث يتّم تجاوز الخطوط الحمراء كلّ يومٍ، مثل الاقتحامات المتكررة لمعسكرات الجيش الإسرائيليّ والانتهاك العميق لسيادة القانون.”
وأكّد يدلين أنّه “يجب أنْ نعود إلى مفهومنا للأمن، حروب قصيرة في أراضي العدوّ والعودة إلى بناء الدولة والاقتصاد والمشروع الصهيوني بشكلٍ عامٍ. هذه إستراتيجيّة تتطلّب إخراج الخصوم من الصورة وإزالة التهديدات التي يشكلونها علينا”.
وأردف: “على نتنياهو، من الناحية الاستراتيجية والقيمية، أنْ يتبنى توصيات الرتب الأمنية المهنية ويزيل العصي العالقة في عجلات المفاوضات مع حماس، من أجل السماح بصفقة الرهائن. وهي تملك القدرة على تهدئة الجبهات الأخرى والمساعدة على إغلاقها، وتمهيد الطريق لعودة سكان الشمال إلى منازلهم عبر تسوية دبلوماسية مع لبنان.”
ورأى أنّه “حتى لو لم يتم التوصل إلى مثل هذا الترتيب، فإن وقف الحرب سيسمح للجيش الإسرائيلي بالتعافي وملء البطاريات والمستودعات والاستعداد للحرب، خاصة مع حزب الله، وربّما مع إيران أيضًا. ويتعيّن على إسرائيل تنسيق جميع التحركات بشكل وثيق مع واشنطن، لأنّ الدعم الذي ستقدمه واشنطن لتل أبيب، اللوجستيّ والسياسيّ، أمر بالغ الأهمية بشكلٍ خاصٍّ.”
ومضى قائلاً: “نحن في نهاية هذا الأسبوع على وشك اندلاع حربٍ إقليميّةٍ وقد ننجّر لحرب استنزافٍ مكثفةٍ ومتعددة الجبهات، ونواجه مجموعة من التهديدات التي لم نشهدها من قبل وفي ظلّ خطر الانزلاق إلى حرب شاملة، وهذا هو حلم السنوار: صراع في غزة يشعل ويحتل كل ساحات القتال المكثف، وإستراتيجية إيران هي حلقة من النار حول إسرائيل حتى تنهار من الداخل”، على حدّ قوله.
واختتم يدلين: “يجب على إسرائيل ألّا تخدم أهداف حماس وإيران، ويتعيّن عليها أنْ تعمل على أساس استراتيجية تتوافق مع مفهومها الأمني التقليدي: الحروب القصيرة، والنصر في كلّ معركة، والدعم من القوى العظمى، والتحالف الإقليمي كثقل موازن للمحور الإيرانيّ”.