يؤشر موقف كامالا هاريس الصريح بشأن حرب غزة إلى تحول محتمل عن سياسة جو بايدن تجاه الاحتلال الإسرائيلي بينما تتطلع نائبة الرئيس الأمريكي إلى الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة.
وستتغيب نائبة الرئيس بشكل واضح عن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأربعاء، فيما قال محللون إنها إشارة واضحة إلى قلقها بشأن سقوط ضحايا من المدنيين في غزة.
ولم تعارض هاريس (59 عاما) بايدن في موقفه بشأن إسرائيل ابدا. ولكن، مرارا وتكرارا، كانت المسؤولة تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.
ويرى كولن كلارك، مدير الأبحاث في مجموعة صوفان أنه مع انسحاب بايدن المفاجئ من السباق إلى البيت الأبيض، فإن لدى هاريس فرصة لفتح “صفحة جديدة” في قضية تخاطر بجعل مجموعة كبيرة من الناخبين الديموقراطيين ينفرون قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وقال كلارك “قضية إسرائيل -غزة هي القضية التي تحظى بأكبر قدر من الخلاف الواضح بين بايدن وهاريس، وأعتقد أنه سيكون هناك أشخاص داخل معسكرها سيدفعونها لتوضيح هذا الخلاف”.
“معاناة هائلة”
والولايات المتحدة هي الحليف الأول والداعم العسكري الرئيسي للاحتلال الإسرائيلي.
وقدم بايدن دعما قويا لتل أبيب في حربها على قطاع غزة الذي بدأ بعد هجوم حماس.
أدى الهجوم الذي نفذته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة إلى مقتل 1197 شخصا، معظمهم مدنيون، استنادا إلى أرقام سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
واحتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 116 منهم في غزة، بينهم 44 يقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إنهم قتلوا.
وردت قوات الاحتلال على هجوم حماس متوعدة “بالقضاء” على الحركة، وهي تنفذ مذاك حملة قصف مدمرة وهجمات برية أسفرت عن سقوط 39145 شهيدا على الأقل، بحسب وزارة الصحة بقطاع غزة.
ومع أنها لم تعارض بايدن في هذا الصدد، فإن تصريحات هاريس حول الحرب التي شهدت تحويل مساحات واسعة من غزة إلى أنقاض – كانت أكثر دقة.
وفي آذار/مارس الماضي، أدلت هاريس بأقوى تصريحات لأي مسؤول في الإدارة الأمريكية حتى الآن عندما دعت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء “المعاناة الهائلة”، وانتقدت إسرائيل بسبب عدم وصول المساعدات الكافية إلى غزة.
وجاءت دعوتها في خطاب لإحياء ذكرى مسيرة للحقوق المدنيّة في سلما في ألاباما، حيث قمعت الشرطة بعنف مسيرة للحقوق المدنية في عام 1965 في ما يعرف ب”الأحد الدامي”.
“التزام ثابت”
هذا الموقف سيظهر بوضوح خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن هذا الأسبوع، علما ان بايدن وهاريس سيعقدان اجتماعين منفصلين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وستغيب هاريس الأربعاء عن الكونغرس متذرعة بضيق الوقت، على الرغم من أنها يجب أن ترأس الجلسة وفق البروتوكول.
ويقول معسكرها إن رحلة مقررة إلى إنديانابوليس تعني أنها لا تستطيع القيام بدورها.
ولكن أحد مساعديها أكد أن “سفرها إلى إنديانابوليس في 24 تموز/يوليو ينبغي عدم تفسيره أنه تغيير في موقفها تجاه إسرائيل”، مشيرا إلى “التزامها الثابت” بأمن الدولة العبرية.
وسيتغيب بايدن أيضا الذي برزت خلافاته مع نتنياهو إلى العلن في الأشهر الأخيرة على الرغم من دعم الرئيس القوي لإسرائيل، عن الخطاب في الكونغرس.
ويرى كلارك أن قرار هاريس عدم الحضور ليس بالضرورة “تجاهلا” لكنه “إشارة إلى أن الأمور ستكون مختلفة”.
وتبقى حرب غزة عاملا مؤثرا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وأثارت سياسة بايدن حفيظة أعداد كبيرة من الناخبين الديموقراطيين وهددت آمال حزبه في الفوز بولاية ميشيغان المتأرجحة، والتي تضم عددا كبيرا من العرب الأمريكيين.
من جهتها، تجاوزت هاريس وعائلتها الانقسام السياسي حول هذه القضية. وقام زوجها دوغ إيمهوف، وهو يهودي، بسلسلة من اللقاءات العامة لإدانة تصاعد معاداة السامية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وفي رأي بيتر لوج مدير كلية الإعلام والشؤون العامة بجامعة جورج واشنطن، أن الحرب شكلت مجالا يمكن لهاريس أن “تثير فيه نزاعا عاما منسقا” مع بايدن.
ويرى أن ذلك سيساعد أيضا في تمييزها عن دعم ترامب “الشامل” لإسرائيل.
وقال لوج “لدى هاريس فرصة لاتخاذ موقف مختلف بعض الشيء يعترف بهذه المخاوف مع الاستمرار في دعم إسرائيل”، أي الابتعاد قليلا عن موقف الإدارة الحالية “لطمأنة المجموعة (الغاضبة من الدعم لإسرائيل)”.