ما زال الغموض يكتنف العدوان الذي شنّته دولة الاحتلال الإسرائيليّ أمس السبت على ميناء الحديدة في اليمن كانتقامٍ على قيام جماعة (أنصار الله) بضرب مركز تل أبيب بمُسيّرةٍ فجر أوّل من أمس الجمعة، والتي أصابت الكيان في مقتلٍ، لأنّ الدفاعات الإسرائيليّة لم تتمكّن من رصدها واعتراضها قبل وصولها إلى الهدف، بعد رحلةٍ طويلةٍ لمسافة أكثر من ألفيْ كيلومتر.
ووفقًا للمحلل العسكريّ في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، فإنّ الطائرات الحربيّة التي شاركت في العدوان على اليمن كانت من طراز إف 35، الملقبّة بالشبح وطائرات من طراز إف 16 وهذان النوعان هما من الصناعات الأمريكيّة، ولفت إلى أنّ واشنطن رفضت ضرب ميناء الحديدة، لأنّه يُستخدَم لإدخال المعونات الاقتصاديّة للبلد العربيّ الضعيف اقتصاديًا، ولكن بالمُقابل أقرّت إسرائيل بأنّ العدوان على الحديدة كان ثلاثيًا وشاركت فيه كلٍّ من إسرائيل والولايات المُتحدّة الأمريكيّة والمملكة المتحدّة.
لكن المحلل هارئيل، المعروف بصلاه الوطيدة جدًا مع كبار القادة في المرسسة الأمنيّة الإسرائيليّة لم يتطرّق لا من بعيد ولا من قريب لمسألة تزوّد الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة بالوقود، لأنّها غير قادرةٍ على قطع هذه المسافة دون التزوّد بالوقود بسبب البعد الجغرافيّ، ولذا يُطرَح السؤال المركزيّ في هذه القضية: أين تزوّدت الطائرات الإسرائيليّة بالوقود لإكمال رحلتها؟ وهل تزوّدت بالوقود على أرضٍ عربيّةٍ أوْ من قاعدةٍ أمريكيّةٍ أوْ بريطانيّةٍ تقع في إحدى الدول العربيّة القريبة من اليمن، وكان لافتًا للغاية أنّ المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية قال اليوم الأحد إنّ المملكة ليس لها أيّ علاقة بالقصف الذي استهدف مدينة الحديدة غربي اليمن أمس السبت.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن المتحدث العميد تركي المالكي أنّ السعودية “ليس لها أي علاقة أو مشاركة باستهداف الحديدة”، مُضيفًا أنّ “المملكة لن تسمح باختراق أجوائها من أيّ جهةٍ كانت”، على حدّ تعبيره.
وبحسب تقارير، فإنّ 8 مقاتلات “إف 35” و5 مقاتلات “إف 16” شاركت في الهجوم، فيما شاركت الولايات المتحدة وبريطانيا في الهجوم من خلال إعادة التزود الجويّ للطائرات الإسرائيليّة بالوقود.
إلى ذلك، أعلنت جماعة (أنصار الله) اليمنية، الأحد، استهدافها مدينة إيلات (أم الرشراش) جنوبي إسرائيل بصواريخ باليستية، وسفينة أمريكية في البحر الأحمر، وتحقيق “إصابات مباشرة”.
وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع في كلمة متلفزة: “نفذنا عملية عسكرية نوعية استهدفت منطقة حيوية في إيلات جنوبي إسرائيل بعدد من الصواريخ الباليستية وحققت أهدافها”.
وأضاف: “استهدفنا سفينة أمريكية في البحر الأحمر بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وأصبناها بشكل مباشر”
وأكّد سريع على أنّ عمليات الجماعة البحرية “لن تتوقف إلّا بتوقف العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزة”.
كما توعّد بأنّ الرد على الهجوم الأخير الذي شنته إسرائيل على الحديدة “قادم لا محالة وسيكون عظيمًا”، فيما لم يصدر تعليق فوري من تل أبيب وواشنطن، ولكن لاحقًا أعلن الناطق العسكريّ الإسرائيليّ أنّ المنظومات الدفاعيّة للكيان تمكّنت من إسقاط المُسيّرة اليمنيّة قبل سقوطها في مدينة إيلات.
بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، نقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة عن مسؤولين أمنيين كبار في دولة الاحتلال الإسرائيليّ قولهم إنّ إسرائيل وجهّت بضربها ميناء الحديدة، غربي اليمن، رسالةً حادّةً كالموس من شأنها أنْ تكون رصاصة البداية للانتقال إلى مرحلةٍ جديدةٍ وخطيرةٍ من الحرب بين الكيان وبين الأعداء، على حدّ تعبيرهم.
وتابعت المصادر عينها قائلةً إنّ إصابة مركز تل أبيب بطائرةٍ يمنيّةٍ دون طيّارٍ والردّ الهجوميّ الإسرائيليّ أمس السبت تحملان رسالةً على بدء تبادل الضربات، والتي من شأنها أنْ تقود لاندلاع حربٍ إقليميّةٍ واسعة النطاق، لافتين إلى أنّ إسرائيل تتهّم إيران بمُساعدة (أنصار الله)، فيما تُواصِل طهران تطوير برنامجها النووي بهدف الوصول إلى القنبلة، طبقًا لأقوالهم.