علي قازان: تل أبيب.. بين مطرقة الطائرات المسيّرة.. وسندان الحرب الخفيّة..

الأحد 21 يوليو 2024 10:12 ص / بتوقيت القدس +2GMT
علي قازان: تل أبيب.. بين مطرقة الطائرات المسيّرة.. وسندان الحرب الخفيّة..



كتب علي قازان:

إن ما جرى يوم أمس الجمعة في تل أبيب من وصول المسيّرة الحوثية المفخخة (يافا) ،وقبلها طائرة حزب الله الاستطلاعية (الهدهد ) ، ما هي إلا سلسلة من حلقات الصراع التي امتدت على مدى ١٠ أشهر ، والتي أظهرت حجم ومستوى هذا الصراع الذي ما خفي فيه وما لم يُعلَن عنه، أعظم وأكبر..
لقد تحدثتُ في مقال سابق لي في صحيفة الرأي اليوم منذ اسابيع قليلة تحت عنوان ؛ الجامعات الأميركية..والحرب الخفية، وأردت من هذا المقال الإشارة الى أن الصراع الحقيقي والمهم هو ما يجري تحت الطاولة وبعيداً عن الأعين وهي الحرب الخفية أو حرب الظل بين القوى الكبرى وتحديداً بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران ، وما نراه اليوم من صراعات ما هو إلا جزء يسير مما يجري في الخفاء ، ولديّ شواهد وقراءات دقيقة حول كلامي وحقيقة الصراع الخفي هذا ، وما حادثة إسقاط مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلا في إطار هذا الصراع، ولكن سأركز في هذا المقال عما حدث أمس..

ad

يوماً بعد يوم ستكشف التطورات أكثر فأكثر بأن محور المقاومة عمل بكل خطوة بشكل متكامل وخصوصاً في القضايا الاستراتيجية ميدانياً ،وهنا لا أتحدث فقط عما أعلنته قيادات المحور عن وجود غرفة عمليات عسكرية مشتركة  ، فما طائرة يافا اليمنية أمس وقبلها هدهد حزب الله وما قبلهما وما بعدهما، إلا دليل على هذا التنسيق عالي المستوى وهو ما يؤكد على وجود غرفة عمليات مشتركة متكاملة الأركان والأبعاد والمستويات لمحور المقاومة على رأسها إيران، وأن اختراق الطائرات المسيّرة وتجاوز أنظمة الرادار والدفاع الجوي الإسرائيلية والوصول الى الهدف ، لا يمكن اطلاقاً أن يمر ويصل لولا التعطيل الالكتروني لكل أجهزة الرادار والدفاع الجوي، عبر حرب إلكترونية أو سيبرانية مركّزة ودقيقة وبإدارة طهران، التي تملك قمر نور العسكري متعدد الأغراض في الفضاء والذي من ضمن مهامه جمع المعلومات والمشاركة في الحروب الإلكترونية، والذي أقلق الاميركي والاوروبي منذ لحظة إطلاقه ،حيث أثبت فاعليته في هذه المعركة، فعلى سبيل المثال الطائرات اليمنية المسيّرة لم تعد تعمل على نظام GPS ، بل أصبحت تتحرك عبر قمر نور العسكري الايراني من خلال أنظمة مثبّتة على الطائرات المسيّرة أو من خلال كاميرات ..
إذاً نحن امام حرب معقّدة ومركّبة أمنياً وعسكرياً وسيبرانياً واقتصادياً وسياسياً ، لذلك المفاوضات بين الكبار عادة لا تناقِش في التحولات والحسابات والنتائج التي حدثت في عملية عسكرية معينة ، بقدر ما تناقش بحجم الحرب الخفية وإدارتها التي حدثت على الأرض، ومن هنا يبدأ تسجيل النقاط للطرف المفاوض..
إيران اليوم هي المعني الاساسي في محور المقاومة في أي تحرك وعلى أي مستوى ، وطالما نجحت بإدارة الحرب الخفية فنحن سنكون أمام معطيين أساسيين؛
-الاول ؛ أنه لو استمرت الحرب او توسعت فرسالة الأمس واضحة بأن اسرائيل ستكون امام انفجار كبير فيما لو تحركت ايران ومحورها ووسائلها وأساليبها متعددة الجوانب في الحرب القادمة وأهمها الإلكترونية.
-والثاني ؛ أنه لو توقفت الحرب فستكون طهران قد سجلت هدفا قاسياً في الدقيقة التسعين في المرمى الاسرائيلي ،من خلال نجاحها بإدارة الحرب الخفية قبل العسكرية ، إقليميا ودوليا ، وبالتالي هذا سيعطيها موقعاً متقدما ً على المستوى الدولي في حضورها ومفاوضاتها وملفاتها..
وبغياب الردع في الحرب الالكترونية بعكس الحرب التقليدية ، يبدو أن الضغط سيزداد في هذا الاتجاه كلما طال أمد الحرب ، والتي قد تخرج عن نطاقها العسكري ، ونصل الى استهداف البنى التحتية المدنية والحساسة مثل شبكات الكهرباء والطاقة وشبكات النقل والنظام المالي والمنشآت الحساسة النفطية أو المائية أو الصناعية وغيرها وهذا ما باتت تل أبيب تحسب له الحساب..
أما النتيجة التي حققتها رسالة اليوم هو ما عبّر عنه الاعلام الاسرائيلي عندما اعتبر أن ما حدث هو كاسر للتوازن ولم يعد يوجد شعور بالأمان ، وقبلها هدهد حزب الله وما أحدثه من بلبلة في الداخل الإسرائيلي ، كلها تؤكد على أن هذه الحرب الخفية حققت الكثير من التأثير على الارادة الاسرائيلية الداخلية سياسياً وعسكرياً وأمنياً وإعلامياً وحتى نفسياً حيث اشارت استطلاعات الرأي الى انخفاض مستوى الثقة لدى الاسرائيليين بالحكومة وقيادة الجيش، وصولاً لأن تكون الحرب الخفيّة عاملاً حاسماً في هذه الحرب وفي أي حرب..
الإعلامي اللبناني