تحدّثت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، عن ضرورة القبول بصفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، على الرغم من أنّها “سيئة بالنسبة لإسرائيل”، التي تخوض الحرب منذ 9 أشهر من دون أن تحقق أياً من أهدافها المعلَنة.
وفي مقال للصحافي الإسرائيلي بن درور يميني، أكدت الصحيفة أنّ “نشاط إسرائيل الحالي لا يؤدي إلى انتصار مطلق في قطاع غزة، بل يؤدي فقط إلى تفاقم الفشل المعروف”.
وأمام ذلك، طرحت الصحيفة احتمال أن “يدعم نتنياهو أخيراً مبادرته الخاصة”، موضحةً في هذا الصدد أنّ ما قدّمته حركة حماس “هو رد لا اقتراح”، وما قدّمه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الـ31 من أيار/مايو الماضي، هو “في الأساس اقتراح إسرائيلي من نتنياهو”.
“يديعوت أحرونوت” قالت إنّ لدى إسرائيل نتنياهو “رئيس الحكومة، الذي قدّم الاقتراح إلى الولايات المتحدة، ونتنياهو ثانياً، وهو السياسي الذي يعارض رئيس الحكومة”.
ووفقاً لها، يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كان نتنياهو السياسي يدعم مبادرة رئيس الحكومة.
في هذا الإطار، أشارت الصحيفة إلى اجتماع كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية وفريق المفاوضات، والذي أصدر نتنياهو بعده بياناً عرض فيه النقاط الـ5 التي ينوي الإصرار عليها في الحرب.
ولدى تناولها البيان، وصفته الصحيفة بـ”بيان الإفشال”، مؤكدةً أنّ نتنياهو “لا يريد الصفقة”، ومشيرةً إلى أنّ البند الأول مما أعلنه نتنياهو هو الأهم، ومفاده أنّ “أي اتفاق سيسمح لإسرائيل بالقتال مرةً أخرى، حتى تتحقق جميع أهداف الحرب”.
لكن هذا البند يمثّل “تناقضاً صارخاً مع مخطط نتنياهو نفسه، وهو المخطط الذي قدّمه بايدن”، الذي ينصّ على “نهاية دائمة للأعمال القتالية” بعد تنفيذ المراحل الثلاث للاتفاق.
وفي هذا السياق، نقل كاتب المقال في “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول كبير اطّلع على الاقتراح تأكيده أنّ “بايدن لم يخترع أي شيء” فيه. بعبارة أخرى، تم تضمين وقف الأعمال القتالية في الاقتراح الأصلي، على الرغم من نفي نتنياهو، بحسب الصحيفة.
ويكمن ما يعزّز هذه صحة هذه المسألة في رفض نتنياهو الكشف عن اقتراحه، على الرغم من المطالب المتكررة بأن يقوم بذلك، من وزير “الأمن القومي” مثلاً، إيتمار بن غفير.
أما إذا أصرّ نتنياهو على الاختباء، فـ”من المحتمل أن يكون ما قدّمه غير ممكن القبول من اليمين المتطرّف”.
“يديعوت أحرونوت” أكدت أنّ الصفقة “سيئة بالفعل بالنسبة لإسرائيل”، مضيفةً أنّ حماس “ستعلن الانتصار إذا تم تنفيذها في نهاية المطاف”، وفق “الميادين”.
ورأت الصحيفة أنّ وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، الذي أعلن أنّه لن يؤيد الصفقة، “على حق”، إذ وصفها أمس بـ”صورة انتصار” لرئيس حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، بحيث ستؤدي إلى تحرير الآلاف من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وإضافةً إلى الأسرى الذين “سيسبّب الكثير منهم صداعاً لإسرائيل” بعد تحرّرهم، لا تزال مسألة “اليوم التالي” للحرب غامضة، ما يعني أنّ حماس ستواصل السيطرة على القطاع.
وبحسب ما تابعت، فإنّ هذه الصفقة “مستحيلة بالنسبة للذين نمّوا أوهام النصر المطلق”، مضيفةً أنّ “كل من يتّخذ القرارات يؤمن بهذا الوهم”.
إزاء ذلك، رأت “يديعوت أحرونوت” أنّه “ينبغي أن نأمل حدوث معجزة، لكن يجب خفض مستوى التفاؤل”، داعيةً في الوقت نفسه إلى “العمل من أجل إبرام الصفقة السيئة، لأنّ البديل منها أسوأ بكثير”.
أكدت الصحيفة أيضاً أنّ “إسرائيل لن تجني نصراً عادياً ولا نصراً مطلقاً في هذه الحرب”. وفي هذا الإطار، عرضت بعض الخسائر التي تعرّض لها كيان الاحتلال من جراء الحرب.
وأوردت الصحيفة أنّ “1200 إسرائيلي قُتلوا في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي”، يوم اندلاع “طوفان الأقصى”، علماً بأنّ الاحتلال تحدّث في الشهر الأول عن مقتل 1400، ليخفض العدد خلال تشرين الثاني/نوفمبر إلى 1200. ومنذ ذلك الحين، قُتل أشخاص آخرون أيضاً.
وتابعت تعداد الخسائر مشيرةً إلى أنّ جنوداً يضافون كل يوم تقريباً إلى قائمة القتلى، وأنّ مستوطنات غلاف غزة “تحوّلت إلى أنقاض”.
أما في الشمال، حيث تستمر المواجهات مع حزب الله، فدُمِّرت مئات المنازل، ولا تزال تُدمَّر. كما تم إجلاء مئات الآلاف من منازلهم، ولا يزال عشرات الآلاف “لاجئين”، بحسب الصحيفة.
ويُضاف إلى ذلك إلى انهيار الشركات في “إسرائيل”، وبلوغ مكانتها الدولية الحضيض الأدنى لها منذ إنشائها عام 1948.
وأمام كل ذلك، أكدت “يديعوت أحرونوت” أنّ “قائمة الضربات التي تتلقّاها إسرائيل تزداد فقط، بينما يصبح كل إنجاز تكتيكي لها إنجازاً استراتيجياً لحماس”، متسائلةً: “ما الذي يجب أن يحدث بعد كي يوقف نتنياهو هذا الانهيار؟”.
وفي مقابل عجز إسرائيل عن تحقيق أهدافها، نجح السنوار في “وضع القضية الفلسطينية على الطاولة، ورفع مستوى نزع الشرعية عن وجود إسرائيل بحد ذاته. ونجح مرةً أخرى، وأفشل التطبيع مع السعودية”، بحسب ما أكدت الصحيفة.
وشدّدت الصحيفة أيضاً على أنّ السنوار تمكّن أيضاً “من تقويض علاقة إسرائيل بأهم صديقة لها (أي الولايات المتحدة)”، لافتةً إلى مسألة تأخير توريد الذخائر الأميركية إلى “إسرائيل”.
لذلك، “لا جدوى إطلاقاً من الاستمرار في الشيء نفسه على نحو يعمّق الفشل الإسرائيلي”، بحسب “يديعوت أحرونوت”. وبدلاً من ذلك، “كان من الضروري التوقف منذ فترة طويلة”.
وتابعت الصحيفة: “لم تكن هناك حاجة للانتظار 9 أشهر، ولا لضغط أميركي على نتنياهو للموافقة على الاقتراح الإسرائيلي (الذي قدّمه نتنياهو نفسه)، ولا للمزيد والمزيد من العناوين الرئيسية حول رفض إسرائيل لوقف إطلاق النار”.
وختمت مؤكدةً: “لم تكن هناك حاجة للكثير من الضرر الذاتي”.