إندبندنت: نتنياهو هو من جلب اتهامات جرائم الحرب وعليه ألا يلوم سوى نفسه

الأربعاء 22 مايو 2024 04:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
إندبندنت: نتنياهو هو من جلب اتهامات جرائم الحرب وعليه ألا يلوم سوى نفسه



لندن/سما/:

 نشرت صحيفة “إندبندنت” مقال رأي للكاتب دونالد ماكنتير، قال فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان يعرف أن اتهامات جرائم الحرب ستطاله. وإنَّ شَجْبَه لطلب مدعي عام “محكمة الجنايات الدولية” إصدار مذكرة اعتقال ضده ووزير دفاعه يوآف غالانت كان غاضباً.

فمن خلال مزاوجة اتهامه وغالانت مع قادة “حماس”، قام هذا “العميل”، أي كريم خان، وأعداء إسرائيل بارتكاب “فدية الدم اليهودي”، ورسموا صورة “أخلاقية ملتوية عن التكافؤ”، مشابهة لوصف أفعال الرئيس فرانكلين دي روزفلت مع أدولف هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية.

وقبل أن يخيم ضباب الخطابة على قرار “المحكمة الجنائية الدولية”، وعلى جانبي النزاع، فمن الجدير النظر في ما يعنيه القرار وما لا يعنيه. نعم، تؤدي مذكرات اعتقال إلى فرض واجبات على دول مثل بريطانيا، الموقعة على ميثاق “محكمة الجنايات الدولية”، لاعتقال أيّ متّهم يصل إلى أراضيها، وهو أمر ليست إسرائيل أو الولايات المتحدة مجبرتين على القيام به، نظراً لعدم توقيعهما على بيان روما الذي أسس للمحكمة.

وحتى الآن، لم تصدر أيّ مذكرة اعتقال بعد، والأمر يعود إلى القضاة الثلاثة في المحكمة لاتخاذ قرار بضرورة إصدار المذكرات. وحتى لو صدرت مذكرات اعتقال، فالقرار المهم حول احتمال ارتكاب جرائم الحرب يعود إلى المحكمة. ولهذا  يفهم، وإنْ جزئياً، غضب إسرائيل، وأنها متهمة بارتكاب جرائم حرب بعد الهجوم الذي نفّذته “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ويفهم والحالة هذه قرار يائير لبيد، زعيم المعارضة، دعم موقف حكومة الحرب من القرار.

ومثلما اختارت “حماس” الهجوم على إسرائيل وقتل 1,200 إسرائيلي، واختطاف 240 شخصاً، فإن إسرائيل قامت باختيار الطريقة التي ستردّ فيها على السبت الأسود، وبعبارات نتنياهو نفسه “انتقام عظيم”، حيث قتل 35,000 فلسطيني، نصفهم من النساء والأطفال، ويعاني نصف السكان من الجوع، وبدون ذكر الجرحى والمرضى الذين لم يعالجوا بسبب غياب المساعدات والعناية الطبية. وبعد سبعة أشهر من الحرب، لم تقترب إسرائيل بعد من تحقيق أهدافها، ولن يحصل نتنياهو على النصر النهائي ضد “حماس”، والذي ظل يكرر الحديث عنه، وهذا ما يراه نقاد نتنياهو في داخل إسرائيل وخارجها.

 إلا أن الحرب دمرت غزة، وحياة مئات الآلاف من المدنيين الناجين. وهرب حوالي مليون فلسطيني إلى رفح في البحث عن مكان آمن.

ويقول ماكنتير إن هذا هو السياق الذي ناقشت فيه افتتاحية صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن تحرك الجنائية الدولية “يؤكد على الفشل الإستراتيجي لنتنياهو وحكومته”، ويؤشر إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “أظهرَ احتقاراً” لكل التحذيرات.

طبعاً، ليست وظيفة “الجنائية الدولية” الحكم على نجاح أو فشل الإستراتيجية أو العسكرية في حدّ ذاتها، لكن هناك مشاكل كثيرة في اتهام نتنياهو لكريم خان، المحامي البريطاني- الباكستاني، بأنه “واحد من أكبر المعادين للسامية في زمننا”، ولأنه اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح حرب، ورغم إنكار إسرائيل أنها تعمدت ضرب المدنيين بغزة. والمشكلة الأولى في اتهام نتنياهو هي أن خان يتمتع بدعم اللجنة الاستشارية المكونة من ستة خبراء قانونيين وقاض، وبالتأكيد تم التركيز على أمل كلوني كعضو في اللجنة، لكن اثنين فيها، وهما المحامي البريطاني داني فريدمان، والإسرائيلي- الأمريكي تيودور ميرون، يهوديان.  وبلا شك سيحاول بعض الإسرائيليين استبعاد ميرون، البالغ من العمر 94 عاماً، والذي اعتقل عندما كان مراهقاً في معسكرات النازية أثناء الحرب العالمية الثانية. وصعد لاحقاً كمحام شاب في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وكتب الرأي القانوني المقبول دولياً عن حرب الأيام الستة 1967، وأن توسيع الاستيطان في المناطق المحتلة مخالفٌ للقانون الدولي. وأصبح ميرون واحداً من أهم القانونيين في العالم، حيث ترأس “المحكمة الجنائية الدولية” ليوغسلافيا السابقة.

أما المشكلة الثانية، فلم يتسرع خان في تحميل إسرائيل مسؤولية أعمالها، ولهذا انتقده الفلسطينيون لعدم اهتمامه والتحقيق في إسرائيل (وحماس) بشبهة ارتكاب جرائم حرب أثناء حرب 2014.

وثالثاً، لم يتردد خان واللجنة معه في توجيه اتهامات خطيرة بارتكاب جرائم حرب ضد قادة “حماس”، يحيى السنوار ومحمد الضيف وإسماعيل هنية. ولم يترددوا للحظة القول إن “حماس” كانت تريد ارتكاب جرائم حرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وبالتأكيد فإن “حماس”، وبكلام اللجنة الرسمي، تحدثت عن “خطة عامة تتضمن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، وأن هذه “كانت منظمة ومنسقة”.

ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن التحرك  بأنه “شائن”، إلا أنه لم يكن ليصل إلى هذا المستوى، يقول الكاتب، لو استمع نتنياهو لنصائحه المتكررة وإدارة الحرب بطريقة تحترم حياة المدنيين، في وقت استمر فيه بإمداده بالأسلحة التي تسبّبت بقتل الكثير من الضحايا.

وفي أوروبا، انتقدت الحكومة البريطانية القرار، فيما دعمته بلجيكا وفرنسا وسلوفينيا. وكان موقف وزير خارجية الظل في حزب العمال، ديفيد لامي، واضحاً في اختلافه عن الموقف الحكومي ودعمه لتحرك الجنائية الدولية. وحتى لو لم تصل القضية إلى المحكمة أبداً، فتقديم الطلب لاستصدار مذكرات اعتقال قدم خدمة حقيقية للقانون الدولي، وهي أن كل دولة، ديمقراطية أم غير ذلك، أو يجب أن تكون، ستظل خاضعة لإجراءات القانون الدولي، بل ويجب عليها.

ويعلق ماكنتير بأن استخدام “الجنائية الدولية” التهديد بإجراءات قد يترك أثره العملي على مسار الحرب، وهو الأثر الذي فشلت الحكومات الغربية التي طالما أطلقت التحذير وراء التحذير. ولو نظر إلى التحرك بأنه بمثابة عار على إسرائيل وحكومتها الحالية، فمن الصعب علينا الهروب من نتيجة، وهي أن نتنياهو هو من جلب هذا على نفسه.