نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريراً أعدّه أندرو إنغلاند وجيمس شوتر جاء فيه أن الدول العربية أصبحت مرحبة بمقترح قوات حفظ السلام في غزة، في وقت تحاول فيه العواصم الغربية والعربية التوصّل إلى خطة يمكن تطبيقها لما بعد الحرب.
وتقول الصحيفة إن المقترحات التي تم نقلها إلى الولايات المتحدة هي جزءٌ من المقترحات المتعددة التي نوقشت في وقت تسعى الحكومات العربية والغربية إلى انهاء النزاع، ويناضلون لتحديد طريق نحو الاستقرار الإقليمي وإنشاء دولة فلسطينية.
وأعرب المسؤولون العرب في الماضي عن رفضهم لقوة إقليمية ودولية في غزة، وأكّدوا على أهمية إدارتها من قبل الفلسطينيين.
ويخشى الكثير من العواصم العربية أن تتهم على أنها جزء من الاحتلال، وأنها دخلت غزة على متن الدبابة الإسرائيلية، وأن تجد نفسها عالقة وسط ردّ مسلّح من فصائل المقاومة.
وقال دبلوماسيون عرب إن التحفظ في بعض العواصم العربية قد خفّ في الأسابيع القليلة الماضية، حيث حاولت الدول إظهار “التزامها بالعملية السلمية”. وقال دبلوماسي: “نعرف أن إسرائيل لديها قلق [بشأن الدولة الفلسطينية] وهذه طريقة للقول: نحن مستعدون للمساعدة”.
وقال دبلوماسي عربي آخر إن أيّ قوة يجب أن تحصل على مصادقة من مجلس الأمن الدولي، ونشرها لفترة مؤقتة لمنح السلطة الوطنية الفلسطينية الوقت كي تطور قواتها الأمنية “القادرة” على مواصلة المهمة.
وتعلق الصحيفة بأنه، ورغم الانفتاح على الفكرة، إلا أنه ليس من الواضح من هي الدول المستعدة للمشاركة.
وقال دبلوماسي ثالث إن الدولة المبادِرة هي مصر، في وقت عارضت فيه السعودية والأردن وقطر نشر قوات حفظ سلام.
وقال مسؤول آخر إن هناك اتفاقاً حول الحاجة لتقديم بديل عن بقاء القوات الإسرائيلية في غزة. ولكنهم أضافوا سؤالاً: “ما هي القوة؟”.
وتم بحث الفكرة مع وزير الخارجية أنطوني بلينكن، الذي قابلَ المسؤولين وزراء الخارجية العرب بالقاهرة في آذار/مارس.
وتحاول الدول العربية، ولعدة أشهر، إعداد مسودة “رؤية” واسعة تتصدى للأزمة التي اشتعلت بعد هجوم “حماس” على إسرائيل، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وما تبع ذلك من ردّ انتقامي إسرائيلي ضد غزة.
ويظل المطلب الجوهري من الغرب وإسرائيل اتخاذ خطوات لا عودة عنها باتجاه الدولة الفلسطينية. ويريدون من الولايات المتحدة والدول الغربية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودعم عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، حيث يقولون إنها جزءٌ من العملية، وليست نتيجة لها. إلا أن مخططات ما بعد الحرب قوّضها غياب الرؤية الإسرائيلية، وكم من الوقت ستظل قواتها في القطاع المحطّم، ومن ستقبل لإدارته، وإلى متى ستواصل الحرب.
وحتى لو كانت هناك صفقة تفاوضية، فقد أكدت إسرائيل على أنها ستتحكم بالوضع الأمني في القطاع. ورفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لعب السلطة الوطنية، التي خرجت من غزة في عام 2007، للعب أي دور مهم في مرحلة ما بعد الحرب، ولا أي خطوة نحو الدولة الفلسطينية.
ودعم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وجوداً دولياً في القطاع، لكن حلفاء نتنياهو المتطرفين يرفضون أيّ فكرة مشابهة، ويطالبون بعودة الاستيطان إلى غزة.
وقال مايكل وحيد حنا، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إن إسرائيل “تقوم، وبنشاط، بخلق سيناريو فوضى في غزة، وعدم فعل أيّ شيء لملء ذلك الفراغ”، و” لهذا فالناس عالقون ويتحدثون عن أفكار كثيرة، وهناك الكثير من الغضب واليأس”، على حد قوله.
وأضاف: “من الصعب تخيّل الصورة العملية [لنهاية الحرب] ولهذا تطرح أمامك الكثير من الأفكار المستحيلة”. وفي مؤتمر بالرياض، الأسبوع الماضي، قدّم وزراء الخارجية العرب إجابات غامضة بشأن مهمة حفظ السلام. وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان: “من الصعب الحديث عن الموضوع بدون وضوح العناصر الأخرى”. وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، محذراً من أن أيّ قوات حفظ سلام “سينظر إليها وكأنها تعزيز للبؤس الذي خلّفته الحرب”. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن القاهرة “مستعدة للعب دور كامل” وبناء “على المخاطر والنتائج” و”التقييم النهائي للنتائج النهائية”.
وتركز إدارة بايدن على دفع اتفاق يقود السعودية للتطبيع مع إسرائيل، على أمل إقناع إسرائيل بتقديم تنازلات بشأن الدولة الفلسطينية، بما في ذلك دعم طموحات السعودية النووية.
وواصلت واشنطن والرياض مناقشة الصفقة، حيث قال الأمير فيصل، هذا الأسبوع، بأنهم “قريبون جداً” من صفقة تتعلق بالجانب الأمريكي. ولكنه كرّر بأن هناك حاجة “لمسار نحو الدولة الفلسطينية” “موثوق ولا رجعة عنه”.
وقال حنا، من مجموعة الأزمات الدولية: “لا أحد لديه خطة واضحة”، و”لا يوجد هناك تفكير صلب أبعد من الخطاب وكيفية التعامل مع المسألة الفلسطينية”.