صوتت الولايات المتحدة في 18 أبريل/ نيسان الماضي ضد قبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة، اعتبر المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي السابق إيلي بارنافي (كان سفيراً لإسرائيل لدى فرنسا من عام 2000 إلى عام 2002. وهو مؤرخ وكاتب مقالات، وهو مؤلف العديد من الأعمال)، في مقال بصحيفة “لوموند” الفرنسية، أنه يجب على أصدقاء إسرائيل التحرك دون تأخير والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
في 18 أبريل/ نيسان، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد مشروع قرار يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في المنظمة. تتمتع فلسطين حاليًا بوضع دولة مراقب غير عضو، والذي منحتها لها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012. ولكي تصبح عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، يجب أن تتم الموافقة على الطلب من قبل مجلس الأمن، ثم ما لا يقل عن اثنين – ثلثي الجمعية العمومية، يُشير المؤرخ الإسرائيلي.
وأشار المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي السابق إلى أنه كان للولايات المتحدة قليل فقط من الحلفاء في مجلس الأمن: المملكة المتحدة وسويسرا امتنعتا عن التصويت، وصوت جميع أعضاء المجلس الآخرين، اثني عشر من أصل خمسة عشر، لصالح القرار. وكما يعلم الجميع، فإن حركة حماس هي مؤيد كبير لقيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل.
وفي ممارسة دبلوماسية عالية المستوى، أوضح روبرت وود، الممثل الأمريكي، أن تصويته “لا يعكس معارضة إنشاء دولة فلسطينية، لأن الولايات المتحدة تواصل دعمها الثابت لحل الدولتين”. ولا شك أن جائزة الافتراء المنافق تذهب إلى باربرا وودوارد، سفيرة المملكة المتحدة (الممتنعة عن التصويت) لدى الأمم المتحدة: “نحن نعتقد أن مثل هذا الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا ينبغي أن يتم في بداية عملية جديدة، لكنه لا ينبغي أن يتم. يجب بالضرورة أن تكون في نهاية العملية. وعلينا أن نبدأ بحل الأزمة المباشرة في غزة”.
واعتبر المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي السابق أن هذه الدول تصوت ضد مواقفها، وأن الفيتو الأمريكي خطأ مزدوج، أخلاقي ودبلوماسي. ومن حيث المبادئ، فإن جعل الاعتراف بالدولة الفلسطينية مشروطاً بالتفاوض مع إسرائيل، وبالتالي بموافقتها، ليس له أي معنى. فالحق الطبيعي للشعوب في تقرير مصيرها ليس هبة كريمة من خصومها، يُشدد إيلي بارنافي.
وبحق، لم تنتظر الجالية اليهودية في فلسطين حسن نية العرب لإعلان دولة إسرائيل، وإلا فإنها ستنتظرها دائمًا – يتابع المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي السابق، مذكِّراً أن قرار الأمم المتحدة، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1947، هو الذي أوصل الدولة العبرية إلى “جرن المعمودية”. والدولة العربية، كما قالوا آنذاك، كان ينبغي أن تولد في نفس اليوم. ولم يكن العرب يريدون ذلك، ولهذا الرفض البدائي واصلنا جميعا دفع الثمن. لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نستمر في معاناة العواقب حتى مجيء المسيح، يقول المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي السابق.
ويضيف إيلي بارنافي القول إن إهمال هذا المبدأ كان من بين الخطايا الأصلية لعملية أوسلو […] وإعلان الدولة الفلسطينية منذ بداية العملية كان من شأنه أن يزيل على الفور الغموض الذي شاب العملية برمتها، ويمنح الجانب الفلسطيني كرامة المساواة الرمزية على الأقل، ويرغم ياسر عرفات على التخلي إلى الأبد عن زي “الجيش الثوري” لصالح زي رئيس الدولة.
ومن الناحية الدبلوماسية- يتابع المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي السابق- فإن الفيتو الأمريكي يضع الولايات المتحدة على خلاف، ويغرس مسماراً آخر في نعش “الوسيط النزيه” الذي تدعي دوره، ويعزلها عن الساحة الدولية في أمر يكاد يكون هناك إجماعاً عليه.
وهكذا أهدرت فرصة عظيمة لإعادة الدبلوماسية إلى مسارها الصحيح، والإظهار للإسرائيليين أن حليفهم الرئيسي، المتوافق مع الإجماع الدولي، “يعني العمل”- كما نقول في أمريكا- أو بعبارة أخرى، يأخذ سياسته على محمل الجد. وبطبيعة الحال، بمجرد اكتساب السيادة الرسمية للدولة الفلسطينية، سيظل من الضروري التفاوض على معالمها ومحتواها: حدودها، وحجم قواتها المسلحة، وطبيعة علاقاتها مع جارتها.
فما هو المطلوب أكثر من ذلك لإقناع من نصّبوا أنفسهم أصدقاء لإسرائيل بالتحرك أخيراً؟ فما هو المطلوب أكثر من ذلك لإقناع فرنسا بأخذ الشعلة من أيدي الأمريكيين الضعيفة، والمضي قدماً في الحديث، والاعتراف أخيراً بالدولة الفلسطينية الآن؟، يقول المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي السابق.