لماذا تأخرت إيران في ردها على إسرائيل؟

الخميس 11 أبريل 2024 11:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا تأخرت إيران في ردها على إسرائيل؟



كتب صالح القزويني :

كانت معظم التحليلات تتوقع أن ترد إيران على العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع الأسبوع الجاري وأن يكون الرد بعد مراسم تشييع ودفن قائد فيلق القدس في سورية ولبنان العميد محمد رضا زاهدي مباشرة أي يوم الأحد الماضي.
وفي هذا الصدد هناك بعض الملاحظات:
أولا: انه حتى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي اتخذ قرار الرد على إسرائيل في اجتماع مجلس الأمن القومي الذي عقد في يوم الاعتداء أي يوم الاثنين قبل الماضي لا يدري متى وكيف سيكون الرد على الاعتداء، غاية ما في الأمر انه أصدر قرار الرد للقوات العسكرية الإيرانية وفي مقدمتها الجيش وحرس الثورة الإسلامية، وخولهم اتخاذ قرار توقيت الرد وطريقته.
ثانيا: ان الرد الإيراني على العدوان حتمي خاصة بعد دعوة قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي الى الرد في الأسبوع الماضي، وكذلك تأكيده اليوم في خطبة صلاة العيد بأن بلاده ستعاقب الكيان على جريمته، إلى جانب تأكيد كبار المسؤولين بأن ايران سترد على العدوان.

ثالثا: القوانين الدولية تجيز لإيران الرد على العدوان الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق، وليس هناك من يشكك بحق إيران في الرد على هذا الانتهاك.
رابعا: العدوان تعرض لهيبة وكرامة إيران، وإذا كانت إيران تتسامح في بعض القضايا فإنها لن تتسامح تجاه الاعتداء على أراضيها أو مواطنيها أو مصالحها، بل أن طهران برهنت طوال السنوات الماضية بأنها ترد بالمثل على أي اعتداء يطالها، وما حدث في قضايا احتجاز السفن خير دليل على ذلك.
خامسا: يشهد الشارع الإيراني منذ العدوان وحتى اليوم حملة إعلامية واسعة وتعبئة شعبية كبيرة بضرورة الرد على العدوان، وتطورت الحملة في اليومين الأخيرين على شكل عرض الاعلام الإيراني لقدرات إيران العسكرية وطالما ركز الاعلام على الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى، مما يشير إلى أن الرد سيكون قريبا جدا.
سادسا: الأجواء العالمية تدعم مثل هذا الرد، اذ لا يمر يوم ويشهد العالم مسيرة أو فعالية في هذه الدولة أوتلك ضد الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين وخاصة في قطاع غزة، والرأي العام العالمي يندد بالعجز الدولي تجاه ردع العدوان الإسرائيلي، وبالتالي فانه يرحب بأية عملية تستهدف الكيان وتكسر شوكته.
وكل هذا لا يمنع من السؤال مرة أخرى لماذا تأخرت إيران في الرد؟
من خلال إطلاعي على آراء الموالين والمعارضين لإيران لم أجد اجابة مقنعة لهذا السؤال، فالمعارضون لإيران قالوا، إن ما يجري مجرد مسرحية وان طهران وتل أبيب متفقتان فيما بينهما، وهناك من قال، إن إيران أجبن من أن ترد على إسرائيل خاصة وأن إسرائيل قامت بمهاجمة ايران سواء داخل الأراضي الإيرانية بعمليات التفجير لمنشآتها أو اغتيال كوادرها العلمية والنووية والعسكرية أو خارجها كالذي فعلته في سورية، ولم تفعل شيئا، أو من قال، إن إيران تخشى الرد الإسرائيلي أو الأميركي ضد أي هجوم تقدم عليه ضد إسرائيل.
الموالون لإيران هناك من يقول، إن إيران تستخدم الحرب النفسية ضد الكيان الإسرائيلي بتأخرها في الرد على العدوان، ومن يقول إن إيران تنتظر ما ستسفر عنه المفاوضات بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل واذا توقف العدوان فلن يكون هناك داع للرد، بمعنى أن إيران قايضت تل أبيب وواشنطن عدم الرد مقابل وقف العدوان، ومن يقول، إن ايران لا تريد اتساع نطاق الحرب واحتمال نشوب حرب واسعة في المنطقة اذا ردت على إسرائيل.
ولكنني أميل إلى الاعتقاد، بأن الرد الإيراني سيرقى الى مستوى العدوان، وبما أن العدوان طال القنصلية الإيرانية ومسؤول عسكري كبير فإذا حصلت طهران على معلومات بأن مسؤولا عسكريا اسرائيليا كبيرا يزور دولة معادية لإيران فليس من المستبعد أن تقوم باستهدافه، ومع ما تردد بأن الحكومة الإسرائيلية أغلقت بعض سفاراتها وأصدرت تعليمات لقياداتها العسكرية بعدم التنقل والظهور، فان تحقيق مثل هذا الخيار صعب المنال خاصة في دولة صديقة لإيران.
من المتوقع أيضا أن تطلق ايران الصواريخ والطائرات المسيرة على  موقع عسكري إسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بناء على معلومات بوجود قيادة عسكرية إسرائيلية كبيرة في هذا الموقع.
وبخصوص الوضع الذي ستشهده المنطقة بعد الضربة الإيرانية، فاذا ردت إسرائيل على الضربة الإيرانية وتطورت الأمور الى مواجهة بين الطرفين فليس من المستبعد أن تتصاعد المواجهات في العديد من المناطق خاصة اذا تدخلت الولايات المتحدة الى جانب اسرائيل وشنت بدورها هجمات على إيران، فمن المتوقع أن تتطور المواجهة الحالية على الحدود اللبنانية الى دخول قوات حزب الله للأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن المتوقع أيضا قيام المقاومة العراقية بالسيطرة على القواعد التي تتواجد فيها قوات أميركية، إلى جانب استهداف القواعد والمصالح والسفارات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.
ومن المحتمل أيضا أن تقوم إيران باستهداف إسرائيل ولكنها لا تتبنى الاستهداف، كما فعلت إسرائيل في عدوانها على القنصلية الايرانية في دمشق فإنها لم تتبن العدوان حتى اليوم.
*باحث في الشأن السياسي