بدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة، صباح الإثنين، مناقشة استخدام كل من روسيا والصين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة يوم 22 آذار/ مارس الماضي، والذي أكد على حتمية وقف إطلاق النار في غزة، دون أن يدعو بصراحة إلى وقف إطلاق النار. وقد صوتت 11 دولة لصالح مشروع القرار وصوتت روسيا والصين والجزائر سلبيا ضد مشروع القرار بينما صوتت عيانا بـ”امتناع”.
ويأتي اجتماع اليوم بناء على إجراء اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيسان/أبريل عام 2022 يخول لها الاجتماع، تلقائيا، في غضون عشرة أيام، بعد استخدام أي من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الفيتو، حتى يتسنى لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التدقيق والتعليق على الفيتو.
افتتح الاجتماع رئيس الجمعية العامة، دينيس فرانسيس، بكلمة مؤثرة حول ضرورة وقف إطلاق النار فورا في قطاع غزة بعد مرور 6 أشهر على الحرب. وقال إن الصراع في غزة وصمة عار على الإنسانية المشتركة، لم يسبق له مثيل في شدته ووحشيته ونطاقه. وأشار إلى قرار إسرائيل بعدم السماح لقوافل الأونروا بالوصول إلى شمال غزة، وقال إن ذلك يعد إعاقة متعمدة للمساعدات المنقذة للحياة. وناشد رئيس الجمعية العامة إسرائيل العدول عن هذا القرار. كما شدد على ضرورة الوقف الإنساني لإطلاق النار وامتثال الأطراف لالتزاماتها وفق القانون الدولي والإفراج الفوري عن جميع الرهائن بدون شروط، وضمان الوصول الإنساني بدون عوائق. وقال إن نحو مليون ونصف المليون مهددون بالمجاعة إذا لم تتوقف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية.
كلمة السفير الفلسطيني- مرافعة لقبول العضوية الكاملة لدولة فلسطين
وبعد كلمة رئيس الجمعية العامة، استُمع لكلمتي ممثلي روسيا والصين، اللذين قدما توضيحا مختصرا لأسباب استخدام الفيتو ضد مشروع القرار الأمريكي الذي لم يدع إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم، ثم أعطيت الكلمة لممثل دولة فلسطين السفير رياض منصور. وقد ركزت كلمة منصور على الجهد الحالي الذي يجري في مجلس الأمن لقبول عضوية فلسطين الكاملة أسوة ببقية الدول الأعضاء الموجودين في قاعة الجمعية العامة.
وقال السفير الفلسطيني إن الجمعية العامة كانت قد دعت إلى وقف الأعمال العدائية بعد 20 يوما من بدء الهجوم العدواني الإسرائيلي على قطاع غزة – قبل 6 أشهر من اليوم. ثم عادت الجمعية العامة وطالبت بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية بعد شهر من ذلك التاريخ، في قرار دعا إلى ضرورة حماية السكان المدنيين الفلسطينيين ووقف ما كان خطيرًا بالفعل كارثة إنسانية. لكن مجلس الأمن استغرق ما يقرب من 6 أشهر ليفعل الشيء نفسه ويدعو لوقف إطلاق النار، “الآن يجب احترام هذه القرارات وتنفيذها بالكامل، وبالتالي وقف الإبادة الجماعية في غزة حتى تتمكن العائلات على كلا الجانبين من لم شملها في الحياة وليس في الموت، حيث يتم الآن الاستخدام الإجرامي للمجاعة. فكما يمكن أن يتوقف سلاح الحرب، يمكن أن يتوقف سفك الدماء والمعاناة الإنسانية التي لا توصف”.
وقال منصور إن إسرائيل قامت بمحاصرة وقصف وتجويع وتشريد جميع السكان المدنيين في غزة وأكد أن لا شيء يبرر ارتكاب مثل هذه الفظائع، لا قوانين الطبيعة ولا قوانين البشر. وقال “اسمحوا لي أن أقول هذا بأوضح ما أستطيع: الإفلات من العقاب يقتل! الإفلات من العقاب يقتل الأطفال والنساء والرجال، ويحرمهم من الأمن والكرامة والحياة، ولو اعتقدت إسرائيل أنها ستحاسب، لما قتلت أكثر من 33 ألف شخص وما جرحوا أكثر من 75 ألف شخص وما دمروا غزة من الشمال إلى الجنوب، وما قتلوا الصحافيين وموظفي الأمم المتحدة وعمال الإغاثة والعاملين في المجال الطبي. وما اختفى الآلاف من الناس، ولم يكن ليقتل 14 ألف طفل. الكثير من الأطفال قُتلوا، وبُترت أطرافهم، وتيتموا، وتشردوا، مرارا وتكرارا”.
وتساءل السفير الفلسطيني “متى سيحصل الضحايا أخيراً على الحماية والدعم، بدلاً من الجناة؟ متى يتوقف تسليح إسرائيل. ومتى يتوقف التداول مع المستوطنات؟ ومتى تتم محاسبة المسؤولين عن تلك المجازر، ليس الأفراد فقط، بل المسؤولين على أعلى مستوى؟”.
وتساءل منصور مجددا “هل ينبغي لإسرائيل أن تجلس في هذه القاعة المهيبة بيننا، وكأن شيئا لم يكن؟ هل يأخذ ممثلها الكلمة ويخاطبكم بغطرسة المستعمر الذي يؤكد أن له الحق في الاحتلال والقتل؟ كيف يمكن للطرف المستعمر ومرتكب الإبادة الجماعية أن يكون عضوا كامل العضوية في هذه الأمم المتحدة؟ هل تستطيع الأمم والطرف الملتزم بسيادة القانون الدولي والسلام العادل والدائم؟ ألم ننتظر طويلاً بما فيه الكفاية؟ ألم نعانِ بما فيه الكفاية ألم نتحمل بما فيه الكفاية؟ وأنا أسألكم: هل يريد أعضاء الأمم المتحدة أن نكون زملاءهم الأعضاء؟ الجواب واضح. نعم مدوية. وقد أعربت الأغلبية الساحقة من الأعضاء مرارا وتكرارا عن دعمها لذلك”.
وأكد منصور أن العضوية الكاملة لفلسطين هي جزء لا يتجزأ من دعم استقلال فلسطين. وسأل “لماذا لا نزال مستبعدين من أسرة الأمم؟ إن الأمم المتحدة يحكمها ميثاقها، وتسترشد بالقانون الدولي، وقد تم إنشاؤها لخدمة القانون الدولي. إن حرماننا من العضوية، وحرماننا من العدالة، وحرماننا التمثيل وممارسة حقوقنا غير القابلة للتصرف على قدم المساواة مع جميع الدول الأخرى غير عادل وكل ما نطلبه هو أن نأخذ مكاننا الصحيح بين مجتمع الأمم”.
وقال منصور “ما يريده الشعب الفلسطيني هو أن نعيش في حرية وكرامة، في سلام وأمن، في أرض آبائه وأجداده. إن الاعتراف بدولة فلسطين وعضويتها لا يكفي لإنهاء هذا الاحتلال غير القانوني. ولكنها الخطوة الأولى نحو هذا الهدف العاجل الذي طال انتظاره. وهو وقف الإبادة الجماعية. وضمان المساءلة. إننا نطالبكم بالاعتراف بفلسطين ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة”.