“ميديابارت”: جو بايدن غضب من نتنياهو بسبب غزة.. ماذا بعد؟

السبت 06 أبريل 2024 06:15 م / بتوقيت القدس +2GMT
“ميديابارت”: جو بايدن غضب من نتنياهو بسبب غزة.. ماذا بعد؟



واشنطن/سما/

تحت عنوان: “جو بايدن غضب من نتنياهو بسبب غزة.. ماذا بعد؟”، قال موقع “ميديابارت” الفرنسي إنه بعد ستة أشهر من بدء الحرب في غزة، ضرب الرئيس الأمريكي أخيراً بقبضته على الطاولة، وحصل، يوم الخميس 4 نيسان/أبريل الجاري، من إسرائيل على السماح بوصول المساعدات الإنسانية، وذلك بعد مقتل سبعة من العاملين في المجال الإنساني من جمعية المساعدات الغذائية العالمية “المطبخ المركزي العالمي” (WCK)، بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.

وأثارت المأساة سخطًا دولياً قويًا ولكن أيضا في وسط تزايد غضب الناخبين المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية حيال موقف الرئيس الديمقراطي من الحرب في غزة وموقفه من إسرائيل.

لذلك، – يضيف “ميديابارت”- عندما تحدث جو بايدن عبر الهاتف مع بنيامين نتنياهو يوم الخميس المنصرم، لم يلطف الرئيس الأمريكي كلماته. فخلال هذه المحادثة التي استمرت ثلاثين دقيقة ووُصفت بأنها متوترة، دعا بايدن إلى “وقف فوري لإطلاق النار”، وأخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الدعم الأمريكي سيعتمد على تنفيذ إسرائيل ”لإجراءات ملموسة وفورية“ لحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني، بحسب بيان صحافي للبيت الأبيض. وبعد ساعات قليلة، وافقت الدولة العبرية على إعادة فتح ميناء ومعبر إيرز شمال قطاع غزة، لتسهيل إيصال المساعدات.

التوترات الرئاسية

واعتبر “ميديابارت” أنه لم يكن من الممكن تصور هذا الإنذار قبل ستة أشهر، عندما ظهر الرجلان جنباً إلى جنب على مدرج مطار تل أبيب، بعد أيام قليلة من هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وينقل “ميديابارت” عن مانولو دي لوس سانتوس، المدير المشارك لمنتدى الشعب، وهي جمعية تقدمية في نيويورك، حاضرة بقوة في المظاهرات الداعمة للفلسطينيين، عنه قوله: “عندما بدأت هذه الحرب، كان هناك نفي لوجود الشعب الفلسطيني أو تشويه لسمعته. واليوم، أصبحت هذه القضية في قلب المناقشات على كافة مستويات السياسة الأمريكية، من الانتخابات البلدية إلى الانتخابات الرئاسية. لم يكن هذا ممكنا لولا الحركة الجماهيرية التي تم تنظيمها في جميع أنحاء البلاد”.

ورأى “ميديابارت” أن افتقار جو بايدن إلى الحزم أصبح من الصعب تبريره. وبات الرئيس الأمريكي الديمقراطي يجد نفسه عالقاً بين الجناح اليساري في حزبه الذي يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار، من جهة، والدعم التاريخي الذي يقدمه العم سام للحليف الإسرائيلي وانتماءاته الشخصية، من جهة أخرى. وعليه، ضاعف جو بايدن الإشارات المتناقضة. فمن ناحية، انتقد علناً الخسائر البشرية الكارثية الناجمة عن الهجوم على غزة، ومن ناحية أخرى رفض تعليق أو اشتراط المساعدات التي تبلغ قيمتها حوالي 4 مليارات دولار التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية سنويا لشريكتها في الشرق الأوسط، بشكل رئيسي في شكل إعانات لشراء معدات عسكرية، وذلك على الرغم من تحذيرات العديد من الديمقراطيين، من بيرني ساندرز إلى السيناتور الوسطي كريس كونز، الذي يعد ضمن الدائرة المقربة لبايدن.

ولزيادة الارتباك، – يُتابع “ميديابارت”- كشفت صحيفة “واشنطن بوست” في أواخر مارس/آذار الماضي أن إدارة بايدن استمرت في الموافقة بهدوء على إرسال القنابل والطائرات إلى إسرائيل كجزء من عمليات نقل الأسلحة التي صدق عليها الكونغرس منذ عدة سنوات ولكن لم يتم تنفيذها. وقد تمت الموافقة على إحدى هذه الشحنات من قبل السلطة التنفيذية في يوم مأساة المطبخ المركزي العالمي (تؤكد وزارة الخارجية أن الضوء الأخضر قد أُعطي من قبل).

ولكن بالنسبة لجيفري فريدمان، الأستاذ بجامعة دارتموث في هانوفر (نيو هامبشاير) ومؤلف كتاب عن السياسة الخارجية، فإن مواقف جو بايدن ليست متناقضة بالضرورة. ويلخص قائلا: “إنه مؤيد لإسرائيل منذ فترة طويلة وكانت تربطه علاقة قوية جدا مع بنيامين نتنياهو، لكنه في الوقت نفسه يعبر عن خلافات بشأن حجم العمليات العسكرية”.

التصويت الحيادي في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي

لكن جيفري فريدمان – يُتابع “ميديابارت”- يدرك أن ساكن البيت الأبيض في وضع “حساس” مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المُقبل. فخلال الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، شهدت الحركة غير الملتزمة اختراقات ملحوظة في أماكن مختلفة، ولا سيما في ميشيغان، حيث ولدت تحت زخم النشطاء المؤيدين للفلسطينيين الذين شعروا بالاشمئزاز من الدعم غير المشروط الذي يقدمه الرئيس الأمريكي لإسرائيل.

في هذه الحالة الحاسمة للانتخابات الرئاسية، مع دعم عدد كبير من السكان العرب والمسلمين إلى حد كبير لنائب الرئيس السابق في عام 2020، صوت أكثر من 100 ألف شخص بأصوات فارغة خلال الانتخابات التمهيدية في فبراير/شباط الماضي. وهذا جزء كبير من تقدم بايدن البالغ 154 ألف صوت على ترامب قبل أربع سنوات. وإذا امتنع المتظاهرون عن التصويت أو انحازوا إلى “مرشح صغير” في نوفمبر/ تشرين الثاني، فإن ذلك قد يؤثر على إعادة انتخاب بايدن لفترة رئاسية ثانية، يقول “ميديابارت”.

وفي هذا السياق، ليس من الصعب فهم الإحباط المتزايد لدى البيت الأبيض تجاه بنيامين نتنياهو، الذي له مصلحة في إطالة أمد الصراع للبقاء في منصبه. ففي منتصف شهر مارس/آذار الماضي، عندما وصف تشاك شومر، أهم شخصية يهودية في الحكومة الفيدرالية، وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه عقبة رئيسية أمام السلام، دعا إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل.

وهو تصريح قال عنه بايدن: “لقد كان خطاباً جيداً، وأعتقد أنه عبر عن قلق جدي يشاركه فيه العديد من الأمريكيين”. وفي 25 مارس/آذار، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن الدولي على قرار يدعو إلى إنهاء القتال خلال شهر رمضان، يُشير “ميديابارت”، معتبرا أن ذلك شكّل بادرة دبلوماسية قوية، بعد أشهر من الجمود من جانب واشنطن، دفعت نتنياهو إلى إلغاء زيارة وفد إسرائيلي إلى البيت الأبيض.

واعتبر “ميديابارت” أن الالتزام بفتح نقاط عبور إنسانية جديدة يشكل انتصاراً لجو بايدن، لكنه لا يحل قضية رفح الشائكة، هذه المدينة الواقعة في جنوب غزة حيث يعيش أكثر من مليون من اللاجئين، والتي يضعها بنيامين نتنياهو نصب عينيه. ورجّح “ميديابارت” أن تنتهي مسألة الدعم العسكري الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل إذا قرر نتنياهو اجتياح رفح دون تقديم ضمانات بشأن حماية المدنيين والمساعدات الإنسانية.

فبالنسبة لحكومة بايدن، فإن الحد من المساعدة المقدمة لشريكها أو تعليقها سيكون محفوفا بالمخاطر، حتى لو كان القانون الأمريكي ينص على ذلك في حالة حدوث انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. وهذا يمكن أن يحفز الجماعات الإرهابية في المنطقة ويخاطر بتصعيد الصراع، يقول “ميديابارت”، مضيفاً أنه ستكون هناك أيضًا عواقب سياسية.

في هذا الصدد يقول جيفري فريدمان (مذكور أعلاه): “معظم الأمريكيين لا يدعمون أعداء إسرائيل، مثل حماس. إذا عارض بايدن الدولة العبرية بشدة، فقد يصوره خصومه من السياسيين على أنه متساهل مع الإرهاب والمستبدين مثل بشار الأسد في سوريا. لقد أصبح النأي بالنفس عن إسرائيل أكثر صعوبة بالنسبة للرؤساء الأمريكيين منذ 11 سبتمبر/أيلول. ولهذا يكتفي بايدن بالنقد اللفظي أو بالخطوات الرمزية، مثل الامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة، دون الذهاب إلى أبعد من ذلك”.

بالنسبة لمانولو دي لوس سانتوس (مذكور أعلاه)، سيكون من الخطأ أن يعتقد الرئيس الديمقراطي أنه سيستعيد الناخبين الذين خيب أملهم، “حتى بعد الانتخابات”، قائلاً: “لن ننسى هذه الإبادة الجماعية التي تجري أمامنا. كيف يمكننا أن نغمض أعيننا عن صور الأطفال والرضع والنساء القتلى الذين يذبحون في المستشفيات؟ إن البيت الأبيض يريد منا أن نتوقف عن التظاهر، وأن نبقى صامتين، ولكن ضميرنا الإنساني ومسؤوليتنا يتطلبان منا مواصلة النضال طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية”.