خبر : الخيانة الزوجية موضوع 'خاص جداً' و'البويات' ظاهرة خليجية مصطنعة ..هيام حسان

الإثنين 11 يناير 2010 12:34 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الخيانة الزوجية موضوع 'خاص جداً' و'البويات' ظاهرة خليجية مصطنعة ..هيام حسان



الاثارة الاعلامية ’جريمة حلال’ تتورط فيها وسائل الاعلام كافة وان اختلفت الجرعات والحدود من وسيلة لأخرى حسب الاعتبارات والأهواء والغايات. برنامج ’خطوة’ الذي تبثه قناة أبو ظبي أسبوعياً تناول في الحلقة الاخيرة منه موضوع ’البويات’ (أي الفتيات المتشبهات بالبويز أي الاولاد) واقترف بذلك الجرم الحلال من خلال تناول هذا الموضوع الذي يحمل كل عناصر الاثارة الاعلامية، وذلك رغم حرص مقدمه الدكتور خليفة على أن ينفي تلك الشبهة عن الحلقة وأن يؤكد مراراً وتكراراً أن الهدف هو تناول اعلامي رزين للموضوع وليس الاثارة الاعلامية.وانصافاً ودفاعاً عن أسلوب طرح موضوع البويات في برنامج ’خطوة’ أقول ان الاسلوب كان من نوع الاثارة الاعلامية الرزينة، اذ لم يفقد الموضوع سماته التي يحملها في طياته من اثارة وجدل رغم أن التناول تم بمسؤولية وأسلوب علمي تنحني له الهامات اعجاباً وتقديرا، ما جعل الجرم حلالاً بالتمام والكمال!عناصر الاثارة الاعلامية تمثلت أكثر ما تمثلت في ضيفتي الحلقة ممثلتين عن البويات: أم حمدان وبدرية (أو بندر) اللتين أو اللذين تم اعطاؤهما الفرصة كاملة لشرح ما بهما مع شيء من التعتيم والتعديل الصوتي والمرئي الضروريين. ولم يكن ممكناً السيطرة على جماح الاثارة الاعلامية مع وجود مثل هاتين الحالتين لولا وجود الدكتور طارق الحبيب بروفيسور واستشاري الطب النفسي الذي ناقش الظاهرة بطريقة علمية وقدم طرائق العلاج النفسي لها بما يتلاءم مع الثقافة العربية الاسلامية. ومن الكثير المفيد الذي تطرق اليه الدكتور الحبيب في حديثه خلال الحلقة، لفت الانتباه تصديه لمحاولات التضليل والمبالغة في الظاهرة. حدث ذلك عندما استضاف البرنامج عبر الهاتف كاتبا أصدر كتابا مؤخراً عن ظاهرة البويات في الخليج العربي. لم تكن لتخفى على المشاهد العادي نزعة المبالغة والاثارة التي ترمي الى الاختلاق و’التبلي’ في حديث مؤلف الكتاب الذي ربما وجد في الامر فرصة لتسويق كتابه وقد خرج منذ أسابيع قليلة من المطبعة الى أسواق الخليج. ولربما ظن المؤلف أن القاء الارقام جزافاً من شأنه ان يضيف بهارات الابهار والاثارة والاستحواذ على العقول بسهولة لولا أن تصدى له البروفيسور الحبيب ووجه اليه سؤالاً واحداً عن أسلوب البحث العلمي الذي اتبعه في استنتاجه بأن 35 ’ من بنات الامارات هن ’بويات’ وأن المجتمع السعودي يتوافر على 20 ’ منهن! النسب صاعقة لمن يوليها ذرة تفكير اذ تعني أن ثلث نساء المجتمع الاماراتي وخمس نساء المجتمع السعودي من هذا الصنف الذي لا يوجد حتى الآن تعريف علمي له، ولكن الاكثر اثارة للدهشة والعجب أن يعجز مؤلف الكتاب عن تقديم اجابة علمية لتلك الارقام بل وحتى عندما جرى حشره في زاوية السؤال الدقيق المحرج قدم دليل ادانته العلمية بنفسه اذ اعترف بأن العينات التي قام بدراستها واستند عليها في استخلاص أرقامه كانت مستقاة من تلك المدارس التي جأرت بشكوى توافرها على نسبة من البويات، وهو ما يعني بلغة البحث العلمي أن عينة البحث لم تكن عشوائية بل كانت منتقاة لغايةٍ في نفس يعقوب (لم يكن اسمه يعقوب ومن حسن الحظ أنني نسيت اسمه). واذن مرة أخرى يثبت أن الحديث عن ظاهرة البويات غير بعيد عن المبالغة والاثارة غير الهادفة ولا الرزينة ولكن منبر الحديث عن الظاهرة هذه المرة كان جيدا لأنه أتاح التعرف على كفاءة علمية يعتد بها تتمثل في شخص البروفيسور الحبيب الذي كشف عن اختصاصي، وفير العلم، عميق المعرفة بمجتمعه وما ينفعه أو يضره. لقد كان تشخيصه للظاهرة علمياً وتصنيفه لأنواعها دقيقاً عدا كونه لا يفتقر للنقد الذاتي الموضوعي للمجتمع الذي تسبب بمثل هذه الظاهرة بصرف النظر عن حجمها الحقيقي. وكم كان باعثاً للسرور أيضاً حديث البروفيسور الموضوعي عن عوامل القهر والكبت التي تعانيها الفتيات في المجتمعات الذكورية في الخليج والتي تدفع بالبعض منهن الى الشعور بالكره لهويتهن الانثوية ومحاولة التشبه بالذكور ظناً منهن أن تلك طريقة للخلاص من التمييز الذي يتعرضن له.ما يثير الفزع في المقابل هو مداخلة احدى ناظرات المدارس التي طمأنت بأن الظاهرة ليست كما يروج لها البعض من حيث الكم وأنها ما تزال في مهدها وعلاجها ممكن باللين والتفهم. كل هذا كان جميلاً لا بأس به الى أن أشارت الناظرة الى بعض النماذج التي أسهمت هي شخصياً في اصلاحها مثل تلك التلميذة التي لاحظت أنها قامت بقص شعرها فاستفردت بها ونصحتها بأن تعود الى رشدها!! ... هل يأتي اليوم الذي تواجه فيه كل من تقص شعرها التهمة بأنها ’بوية’ أو ’مسترجلة’ وعليها أن تعود الى صوابها وتطيل شعرها... بويات آخر زمن وكان الله في عون نساء الخليج؟ خاص جداًتتألق ’يسرا’، كما تعودنا عليها دائماً، في مسلسل لا أعلم ان كان قديماً أم جديداً ولكنها تطل علينا كل مساء على شاشة ’ام بي سي’ في مسلسل يتناول موضوع الخيانات الزوجية على نحوٍ متواتر ولا يخلو هو الآخر من اثارة اعلامية بشكل لا يقل عن ظاهرة ’البويات’ في الخليج. فـ(يسرا) نفسها تتعرض لانتكاسة خيانة زوجها بعد زواج ناجح لم تشبه شائبة طيلة عشرين عاماً وكذلك زوجة أخيها التي تعيش كابوس الخيانة الزوجية يوميا وبعض المرضى الذين تعالجهم في عيادتها النفسية. ابنتها أيضاً تمر بتجربة من هذا النوع ..الخ.في زحمة استعراض حالات الخيانة الزوجية هذه كلها لا نجد تحليلا تحليل أو تفسيرا للظاهرة حتى نخال أن الامر قد يكون له امتداداته الجينية عند الذكور دون الاناث وأن تلك واحدة من سنن الحياة الدنيا التي يتوجب على النساء التعايش معها بطريقة أو بأخرى. لم ينته المسلسل بعد ونأمل مع نهايته أن يكون هناك تفسير ما لهذا اللغز: لماذا تسري الخيانة في دماء الرجال بسهولة أكثر مما تفعل في عروق النساء؟ لماذا يستسهل الرجل التحلل من عقد الزواج مع شريكة حياته ولا تفعل المرأة ذلك بنفس المستوى؟ آخر من يعلمتألق مقدمة برنامج ’آخر من يعلم’ المطربة أروى يطغى أحياناً على سحر ضيوفها وان كان لا يغطي الشمس بغربال مثلما حدث في حلقــة الاسبوع الماضي التي استضافت الممثل السوري باسل الخياط والمخــرجة المصرية ايناس الدغيدي. يعتمد البرنامج في كل حلقة على أساليب مبتكرة في التقديم والانتقال من موضوع الى موضوع على نحو قد لا يتم بيسر وسلالة في كل مـــــــرة ولكنه ينتزع الابتسامة من وجوه المشاهدين أو يرفع الحواجب بعلامات الاستغراب أحياناً أخرى. هذه المرة أدهشنا بروز الحــــذاء الرياضي للممثل الخياط ضمن فقرات الحلقة ولافتات مكتوب عليها بعض العبارات التي انتزعت صاحبيها من مقعديهما وحتى محاولة اغتيال مزورة ولكن ما أدهشنا أكثر كان اجابة ايناس الدغيدي على سؤال رمى الى أن يتحدى جرأتها وشجاعتها، فكان جوابها - ولاعجب في شيء من التلعثم والارتباك هنا - 55 عاماً. نعم لقد بلغت ايناس الدغيدي من العمر 55 عاماً قضتــها في أعمــــــال جرت العادة على وصفها بالجريئة وتسببت لها بكـــوارث ومخـــاطر عدة وجلبت لها النقد اللاذع وغير العادل مرات أخــــرى، ومع ذلك ما زال في جعــــــبة هذه السيدة من القوة والثبات على الرأي ما يجعلها تــــدافع عن تلك الأعمال والقيم التي رفعت رايتها، فهل لا تستحق الدغيدي تحية اجلال وتقدير عن ذلك على الاقل؟! ’ كاتبة من أسرة ’القدس العربي’