مع تواصل ألمانيا إلقاء مساعدات عبر الطائرات لليوم الثاني على قطاع غزة فتحت مجلة شبيغل النار على ادعاءات المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي بشأن مساعدات غزة متهمة أقواله بأنها خاطئة وغير صحيحة.
يأتي هذا الهجوم النادر على تصريحات ليفي في وقت باتت ألمانيا منغمسة أكثر بموضوع المساعدات الإنسانية وهو ما سيطرحه المستشار الألماني أولاف شولتس على نتنياهو، بالإضافة إلى مواضيع حماية المدنيين والهجوم على رفح والتأكيد على بقاء ألمانيا والدول الأوروبية على مبدأ حل الدولتين والذي بات مصيره غير معروفا في ظل الأحداث الأخيرة والتحركات الإسرائيلية.
وتوقعت شبيغل أن يكون أمام شولتس مهمة صعبة، مؤكدة على تباين وجهات النظر بين شولتس ونتنياهو بشكل كبير وغير مسبوق. قال شولتس قبل مغادرته: “من المهم ألا تحدث مصيبة إنسانية كبيرة نتيجة لهجوم واسع النطاق في رفح، حيث يعيش العديد من الأشخاص الذين لم يعد لديهم مكان آمن في مكان آخر في غزة”.
وانتقد شولتس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وافق مؤخرًا على خطط لشن هجوم بري على الرغم من التحذيرات الدولية. مؤكدا قبيل لقائه بنتنياهو على ضرورة ضمان الآفاق المستقبلية لفلسطين عبر مبدأ حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين.
واتهمت المجلة الألمانية الحكومة الإسرائيلية بأنها تعطي معلومات خاطئة وغير صحيحة بشأن المساعدات التي تسمح بدخولها إلى غزة، محذرة من وقوع مجاعة بين السكان الفلسطينيين.
وقالت المجلة أكد المتحدث باسم الحكومة ايلون ليفي في القدس يوم الأربعاء أن كميات الغذاء التي تصل إلى القطاع حاليا أكبر مما كانت عليه قبل بدء الحرب. لكن بحسبة بسيطة يتبين لنا أنه وضمن الأرقام الرسمية دخل ما معدله 102 شاحنة طعام يوميا إلى قطاع غزة في الأسبوعين الماضيين. وتابعت إسرائيل تقول إن هذا العدد يزيد بنسبة 50 في المائة تقريبا عما كان عليه قبل بدء الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن هذا غير صحيح.
في شهر يناير، وصل ما معدله 160 شاحنة محملة إلى قطاع غزة يوميًا، وفقًا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا). وفي فبراير/ شباط، انخفض العدد مرة أخرى إلى متوسط 99 شاحنة يوميًا. وفي الأيام الثلاثة الأولى من شهر مارس، ارتفع عدد الشاحنات القادمة قليلاً. وفي المتوسط، تدخل 127 شاحنة إلى قطاع غزة يوميًا، وهو أقل بكثير من القدرة التشغيلية لكلا المعبرين الحدوديين.
إذا أحصيت 102 شاحنة طعام ذكرها ليفي والزيادة التي ذكرها بنسبة 50% مقارنة بفترة ما قبل الحرب، فستحصل على 68 شاحنة يوميًا قبل السابع من أكتوبر. بيد أن العدد الحقيقي للشاحنات الداخلة إلى قطاع غزة يوميا 500 شاحنة. وهو ما يثبت أن ادعاء المتحدث باسم الحكومة ليفي بأن واردات الغذاء أكثر مما كانت عليه قبل بدء الحرب هو ادعاء كاذب.
وذكرت المجلة الألمانية أن الادعاء الثاني التي تروج له الحكومة الإسرائيلية أنه: لا توجد قيود على إيصال المساعدات إلى غزة، بل هناك تساهل في التعامل معها.
وبحسب المنظمة الأممية، منعت إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الأونروا من استيراد إمدادات المساعدات عبر ميناء أشدود الإسرائيلي، الذي يبعد نحو 40 كيلومترا عن قطاع غزة. ومنذ ذلك الحين يتم استيرادها عبر ميناء بورسعيد المصري. ولا تتمتع هذه المنطقة بنفس البنية التحتية، ويجب نقل البضائع براً لفترة أطول.
ولم تقم الجمارك أيضًا بتخليص حوالي 1000 حاوية، معظمها تحتوي على الدقيق، في ميناء أشدود لأسابيع، بناءً على أوامر من وزير المالية الإسرائيلي اليميني على ما يبدو.
ويجب فحص جميع سلع المساعدات- بما في ذلك تلك المستوردة عبر مصر- عند نقطتي تفتيش إسرائيليتين. أما المواد التي تمس الحاجة إليها، مثل أعمدة الخيام أو المولدات الكهربائية أو المعدات الطبية، وكذلك أدوية التخدير وأدوات المساعدة على المشي، فقد تم رفضها لأنه من الممكن أن تستخدمها حماس كما يُزعم. قائمة المواد التي تصنفها إسرائيل على أنها ذات استخدام مزدوج توسعت بشكل كبير بعد 7 أكتوبر.
الصحيح أنه لا قيد بمعنى الحد الأعلى، لكن القواعد الإسرائيلية تحد من استيراد المساعدات عمليا. وبالتالي فإن ادعاء “القدرة الفائضة” مضلل. وتقول الأمم المتحدة أيضًا إنه من الناحية النظرية يمكن معالجة المزيد من إمدادات المساعدات.
الادعاء الثالث: المشكلة هي التوزيع
في الواقع، التوزيع مشكلة كبيرة. لكن هذا يرجع في المقام الأول إلى الوضع الأمني، وأيضاً لأن الجيش الإسرائيلي أطلق النار مراراً على ضباط الشرطة الذين كان من المفترض أن يحموا القوافل من اللصوص. وبالمثل، تم إطلاق النار على ثلاث قوافل تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) المتجهة إلى الشمال، على الرغم من وجود ترتيبات أمنية مع الجيش. ولذلك اضطرت الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى وقف تسليم المساعدات إلى الشمال.
وأشارت المجلة إلى أنه يمكن لإسرائيل أن تنشئ ممرات آمنة للتوزيع من خلال برنامج الأغذية العالمي أو الأونروا. والأخيرة هي الوحيدة التي لديها هياكل لرعاية 2.3 مليون شخص في قطاع غزة. وبدلا من ذلك، تضغط الحكومة الإسرائيلية من أجل إلغاء الأونروا وتحاول توزيع المساعدات بنفسها. وكان هذا هو الحال أيضًا مع كارثة القافلة يوم الخميس الماضي، حيث قيل إن أكثر من 110 أشخاص لقوا حتفهم. ولا يزال من غير الواضح عدد القتلى برصاص الجنود الإسرائيليين أو بسبب الذعر الجماعي وسط الحشد أو تحت الشاحنات.
على أية حال، فإن حجة إيلون ليفي، بحسب مجلة شبيغل، تتجاهل من المسؤول فعلياً عن إمداد سكان غزة بالإمدادات: وفقاً للقانون الدولي، ينبغي أن تكون إسرائيل هي تلك المسؤولة، حيث أن الجيش يحتل المنطقة ويسيطر عليها بحكم الأمر الواقع.
والخلاصة: تصريح المتحدث باسم الحكومة ليفي مضلل وغير صحيح. ولم تذكر إسرائيل أنها تعمل على إعاقة التوزيع الآمن بتصرفاتها.