قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نقلاً عن القيادي في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، حسام بدران، اليوم السبت، إنّ الحركة متمسكة بمطالبها بوقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة الذي يشهد حرباً إسرائيلية مدمرة، مما يبرز أن هناك فجوات واسعة لا تزال قائمة بين الحركة وإسرائيل، في وقت يستعد المفاوضون لاستئناف محادثات التهدئة في القاهرة، غداً الأحد.
وقالت الصحيفة إنّ السباق للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يأتي في وقت حرج مع قرب حلول شهر رمضان الاثنين المقبل، بينما تتصاعد التوترات في القدس حيث يسعى عشرات الآلاف من الفلسطينيين، الذين يواجهون قيوداً على الحركة، للوصول إلى المسجد الأقصى الخاضع لسيطرة أمنية إسرائيلية مشددة. ويحاول الوسطاء العرب (المصري والقطري) إنجاح اقتراح يتضمن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 40 يوماً، وإطلاق سراح نحو 40 إسرائيلياً من ضمن الأسرى الذين تحتجزهم حركة حماس في القطاع.
وحذر بدران، خلال مقابلة مع "وول ستريت جورنال" من أنّ الاضطرابات ستتصاعد في الضفة الغربية والقدس من دون التوصل إلى اتفاق، مؤكداً أنّ "حركة حماس مستعدة لمواصلة التفاوض". وأضاف: "لم نعلن عن توقف المفاوضات.. نحن الطرف الأكثر حرصاً على وقف هذه الحرب".
وبيّن بدران، الذي كان يتحدث من مكاتب الحركة في الدوحة، شروط حركة حماس في المفاوضات، وعلى رأسها وقف دائم لإطلاق النار، والسماح للمدنيين النازحين بالعودة إلى منازلهم في شمال غزة، والسماح أيضاً بتدفق المساعدات الكافية عبر جميع المعابر، وخطة لإعادة بناء قطاع غزة، فضلاً عن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من القطاع.
وقال إنّ "المناقشات المتعلقة بتبادل الإسرائيليين المحتجزين بالأسرى الفلسطينيين تراجعت الآن أمام الأسئلة المتعلقة بكيفية تخفيف الوضع الإنساني وإنهاء القتال"، مضيفاً أنّ "ما لا يقل عن 60 أسيراً أُخذوا من إسرائيل لقوا حتفهم في الأسر"، وهو رقم أعلى قليلاً من التقديرات الإسرائيلية الخاصة التي أشارت إلى مقتل 50 شخصاً، والتي نشرتها "وول ستريت جورنال" الشهر الماضي.
ونفى بدران أن تكون حركة حماس قد رفضت طلباً إسرائيلياً للحصول على قائمة بأسماء المحتجزين الأحياء، أو أنها تجاهلت طلبات إسرائيل بتقديم قائمة بأسماء المحتجزين الأحياء الذين قد تكون الحركة على استعداد لتبادلهم كجزء من الصفقة، موضحاً أنه "لم يكن هناك طلب إسرائيلي رسمي لمثل هذه القائمة".
وأكد أنّ العديد من الأسرى محتجزون لدى فصائل أخرى، بما في ذلك حركة الجهاد الإسلامي، الأمر الذي يجعل تحديد مكانهم أكثر صعوبة.
وبيّن أنّ القيادة السياسية لحركة حماس في الدوحة ستجتمع اليوم السبت لمناقشة محادثات التهدئة التي استمرت لمدة أربعة أيام في القاهرة خلال هذا الأسبوع، وتوسطت فيها مصر وقطر والولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد قال، أمس الجمعة، رداً على سؤال من قبل الصحافيين حول إمكانية وقف إطلاق النار في غزة بحلول شهر رمضان: "يبدو الأمر صعباً".
في المقابل، أكد بدران أنه "لا يثق في أنّ الولايات المتحدة يمكن أن تكون وسيطًا نزيهًا، نظرًا لدعم واشنطن القوي لإسرائيل"، موضحاً أنّ "الحركة تراهن أكثر على وساطة الدول الأوروبية بما في ذلك فرنسا"، واصفا الأخيرة بأنها "تحاول أن تكون أكثر موضوعية".
وبحسب الصحيفة، حمّل بدران رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية فشل المحادثات حتى الآن، مؤكداً أنّ موقفه هو "العقدة الوحيدة في المفاوضات، حيث يرفض التعامل مع أي شيء مطروح على الطاولة، وهو مشعل النار وأخطر شخص على استقرار هذه المنطقة".
واستشهدت "وول ستريت جورنال" بتصريحات مسؤولين مصريين قالوا فيها إنّ "موقف نتنياهو المتشدد لم يمنح الوسطاء الإسرائيليين مساحة كبيرة للمناورة في محادثات القاهرة"، بينما رفض مكتب نتنياهو التعليق على الأمر.
ونفى بدران وجود أي انقسام داخل حركة حماس وعلى وجه الخصوص بين قائدها في غزة يحيى السنوار، ورئيس المكتب السياسي للحركة في الخارج، إسماعيل هنية، مشدداً على أنّ هناك رغبة مشتركة بين الجميع في إنهاء دائم للقتال.
وكانت "وول ستريت جورنال"، قد نشرت تقريراً، أول من أمس الخميس، قالت فيه إنّ خلافاً نشب بين هنية والسنوار بسبب مطالب الأخير في المفاوضات.
ونفى بدران أيضاً أن تكون قطر قد هددت بطرد مسؤولي حركة حماس في الدوحة في حال فشلوا في إقناع قادة الحركة في غزة بالموافقة على صفقة.
في السياق، قال مسؤولون مصريون إنّ السنوار يعتقد أن حركة حماس لها اليد العليا حالياً في المفاوضات، مستشهدين بالانقسامات السياسية الداخلية داخل إسرائيل، بما في ذلك التصدعات في حكومة نتنياهو في زمن الحرب والضغوط الأميركية المتزايدة على إسرائيل لبذل المزيد من الجهد للتخفيف من معاناة سكان غزة.