الغارديان: مرحبا بكم في “بريطانيا المضطربة حيث معارضو مجازر إسرائيل هم الغوغاء المتطرفون”!

السبت 02 مارس 2024 04:57 م / بتوقيت القدس +2GMT
الغارديان: مرحبا بكم في “بريطانيا المضطربة حيث معارضو مجازر إسرائيل هم الغوغاء المتطرفون”!



لندن/سما/

نشرت صحيفة “الغارديان” مقالا لكاتب العمود فيها، أون جونز، بعنوان “مرحبًا بكم في بريطانيا المضطربة، حيث معارضو حرب إسرائيل هم “الغوغاء” المتطرفون”، أكد فيه أن “ثمة توجها جديدا برز في أروقة السياسة البريطانية وهو أن المحتجين السلميين ضد مجازر غزة متطرفون خطيرون وحاقدون، في حين أن المدافعين عن تلك المذابح الجماعية التي أزهقت أرواح عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين معتدلون جديرون بالاحترام من التيار السائد في المجتمع، وفي هذه الأثناء، يستمر تدمير غزة”.

وأشار جونز إلى تصريح رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الذي ورد فيه أن هناك “إجماعا متزايدا” على أن “حكم الغوغاء يحل محل النظام الديمقراطي”، واعتبر الكاتب أن هذا الموقف “جعل العالم ينقلب رأسا على عقب، ويحق للمرء أن يسأل عن السبب”.

ولفت إلى أنه في الوقت الذي طالب فيه الحزب القومي الأسكتلندي بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، كان حزب العمال البريطاني في وضع حرج إذ ظل يرزح تحت وطأة ضغوط مارسها ناخبون معارضون للحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على القطاع الفلسطيني، ولاحت بوادر تمرد هائل داخل البرلمان وأبدى وزراء في حكومة الظل للحزب استعدادهم للاستقالة.

لكن زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر لم يقبل مشروع قرار برلماني للحزب القومي الأسكتلندي. وتساءل الكاتب: لماذا؟ وأجاب: لأن نص المشروع أشار إلى “العقاب الجماعي” الذي تقوم به إسرائيل على سكان غزة.. وتعترف صياغة القرار بارتكاب جريمة حرب -العقاب الجماعي- والتي تتطلب منطقياً اتخاذ إجراء من جانب الدولة البريطانية، مثل حظر الأسلحة وفرض عقوبات على إسرائيل. ومثل هذا الضغط هو الوسيلة الواقعية الوحيدة التي يملكها حلفاء إسرائيل لتغيير سلوكهم في هذه المرحلة، ولكن من الواضح أن حزب العمال ليس مستعداً للذهاب إلى هذا الحد. ولا يمكنه إلا أن يقدم إلا إدانات مؤقتة فقط، والتي يعرف بنيامين نتنياهو أنها مصممة للاستهلاك العام المحلي ويمكن تجاهلها بأمان.

وأكد أن تباين المواقف السياسية في بريطانيا يتجلى في موقف حزب العمال والحزب القومي الأسكتلندي، فبينما دعا الأول إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية”، طالب الثاني “بوقف فوري لجميع العمليات القتالية” إلا أن مطالبته لم تتضمن إشارة إلى العقاب الجماعي.

ولفت الكاتب إلى النقاشات التي دارت في مجلس العموم (الغرفة السفلى للبرلمان البريطاني) بشأن التعامل مع حرب غزة، وما تخللها من محاولات للتأثير على مواقف النواب الأمر الذي قد يراه البعض “تسييسا بغيضا من الناحية الأخلاقية، لأنه يتلخص في رفض حزب العمال إلصاق جريمة العقاب الجماعي الواضحة للعيان بإسرائيل”.

وأكد جونز على أن غزة تعرضت، في نهاية المطاف، لدمار شامل إلى الحد الذي أدى إلى تغير سمتها وهيئتها، حتى إنه يمكن رؤية ذلك من الفضاء، مضيفا أن التقارير تفيد بأن الكلاب الجائعة تأكل الجثث المتحللة.

وعاد جونز للتساؤل: من هم المحتجون الذين يشكلون تهديدا؟ واعتبر أنه في مجتمع تعصف به الإسلاموفوبيا، أصبح قطاع عريض من المتظاهرين المسلمين عرضة للاستهداف.

وأكد فيما بدا سخرية واستنكارا منه أنه إذا كان هؤلاء يشكلون خطرا إلى هذه الدرجة، فلماذا لا تطالهم حملة اعتقالات جماعية؟

وفي السياق أشار الكاتب إلى أن وزيرة الداخلية السابقة المقالة سويلا برافرمان كانت قد زعمت “بأن الإسلاميين هم الذين يديرون شؤون البلاد بالفعل”.

ولفت إلى زميلها في البرلمان وحزب المحافظين، لي أندرسون نائب رئيس حزب المحافظين السابق، الذي ضيق نطاق المؤامرة لتقتصر على لندن حين ادعى ضمنيا أن عمدة المدينة يُعد من “الخلايا الإسلامية النائمة”.

وتساءل جونز عن عدم اعتراف حزب المحافظين بتفشي النزعة العنصرية في أوساطه، واعتبر أن ذلك نابع “من محاولة متعمدة لدمغ معارضي قصف عشرات الآلاف من المدنيين وإطلاق النار عليهم وتجويعهم في غزة، بأنهم هم المتطرفون الخطيرون الحقيقيون”.

وحتم جونز مقاله بالتأكيد على أن المؤسسات السياسية والإعلامية البريطانية تعرف أن المحاسبة الصحيحة من شأنها أن تجردها من الشرعية الأخلاقية. وأن هذه المؤسسات لا يمكنها ادعاء الجهل، لأن القادة والمسؤولين الإسرائيليين أبلغوا العالم وبصوت عالٍ بما سيفعلونه بالضبط ــ سيجوعون “الحيوانات البشرية”، ويطلقون “كل القيود” المفروضة على جنودهم، ويعاملون المدنيين باعتبارهم مسؤولين جماعياً و”نازيين”، ومحو كل شيء.. ومحو قطاع غزة من على وجه الأرض”.

وختم متهكما وفي نفس الوقت مستنكرا “لكن لا تنسوا: المتطرفون الحقيقيون هم الأشخاص الذين عارضوا ذلك”.