كشف النقاب عن أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، يعمل كلّ ما في وسعه من أجل إفشال صفقة تبادل الأسرى مع حركة (حماس)، وفي الوقت عينه يُجنِّد بكلّ الوسائل المُتاحة له الرأي العام في الكيان لوضعٍ إذا تمّ فيه التوصل لصفقةٍ معقولةٍ من قبل الأجهزة الأمنيّة، فإنّه سيرفضها ويقوم بتسريب تفاصيلها، وسيُسارِع لاتهامهم جميعًا، كمجموعةٍ من الخاسرين، الذين يرفضون الوصول إلى النصر المطلق ضدّ حماس، على حدّ تعبير المصادر، التي تحدثت لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة.
وتابعت المصادر عينها، بحسب محلل الشؤون الاستخباريّة في الصحيفة، رونين بيرغمان، أنّه بعد مرور ثلاثة أشهر على تنفيذ الموجة الأولى من صفقة التبادل، يتبيّن للجميع أنّ الجمهور الإسرائيليّ بات رهينةً لحملة من الأكاذيب وحتى التخيّلات البعيدة كلّ البعد عن الواقع، وكانت الحكومة والمؤسسة الأمنيّة والإعلام التابع لهما هم الذين قادوا الجمهور في الكيان إلى حالةٍ من العيش في الكذب والأوهام، طبقًا للمصادر في تل أبيب.
وشدّدّ المُحلِّل على أنّه في السطر الأخير، فإنّه يجِب القول والفصل إنّ الجيش الإسرائيليّ يغوص في وحل غزّة، ووضع الرهائن بات صعبًا أكثر من الصعب، والجمهور الإسرائيليّ أغرِق بمعلوماتٍ محرفةٍ وكاذبةٍ، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّ الجيش انسحب من قطاع غزّة، وأبقى فيه فقط خمس وحداتٍ صغيرةٍ لتنفيذ عملياتٍ موضعيةٍ في خان يونس.
ونقل عن مسؤولين كبار جدًا في جيش الاحتلال قولهم إنّه يتحتّم التوصّل لاتفاقٍ لوقف إطلاق النار، وإبرام صفقة التبادل مع حماس، ولكنّ قادة جيش الاحتلال، أضاف، لا يقولون هذا الأمر بشكلٍ واضحٍ وجليٍّ، كما أكّد.
ورأى المُحلل أنّ أحدًا في إسرائيل، لا يريد الاعتراف باستحالة تحرير الأسرى، أوْ القضاء على حماس، وعوضًا عن ذلك، يحفظ الوزراء والمتحدثون ورئيس الحكومة والمؤسسة الأمنية، رسالة للجمهور، أنّ للعملية هدفيْن، تدمير البنية التحتية لحماس وقدراتها وحكمها، وإطلاق سراح الأسرى.
وأضاف أنّ هذا التصريح لا يقل دقة عن تنبؤات الجيش الإسرائيليّ قبل حرب لبنان الثانية، بأنّه في حال اشتعال الوضع القتاليّ ضد حزب الله، فإنّ القدرات الجويّة والبريّة للجيش، ستكون قادرة على تعطيل جميع مصادر النيران، ولن يتمكّن حزب الله من إطلاق الكاتيوشا على إسرائيل، إلّا عن ظهر حمار، وفي النهاية تبيّن أنّ هناك كاتيوشا وأكثر من ذلك بكثير، وكان هناك حمار، لكن ليس من المؤكد أنّه كان يمشي على أربع.
وأضاف: “مَنْ خطط للبقاء في غزة عامًا، وظنّ أنّ ذلك ممكن، فهو شخص ساذج أوْ تنقصه معلومات عامة عمّا حدث لإسرائيل في الجولات السابقة، أوْ أحداثٍ مماثلةٍ بالعالم، لأنّه لم يكُن هناك شك في أنّ العالم لن يسمح لإسرائيل بالبقاء في غزة، والضغط الدوليّ، وارتفاع الخسائر في صفوف المقاتلين من جيش متعثر ومكشوف أمام الإرهابيين، الذين اعتادوا تجميع صفوفهم، سيُجبِر الجيش على الانسحاب قبل ذلك بكثير”.
وأكّد بيرغمان إنّ أحدًا لم يخبر الجمهور باحتمال أنْ يكون القادة يخلقون وهمًا كاذبًا، ومن المرجح إنهاء إسرائيل جولتها من القتال المسلح، دون تحقيق الهدف الأول للحرب، بالتدمير الكامل، إنّما هي مجموعة من الصواريخ فقط، دون تدميرٍ كبيرٍ لشبكة الأنفاق تحت الأرض، وأضرارًا جزئية للغاية، في مجموعة السنوار وكبار مساعديه السبعة، الذين لم يقتل سوى اثنيْن منهم فقط حتى الآن.
وشدد على أنّه “كان من الواضح أنّه سيكون من الصعب للغاية تحرير المختطفين بقوة السلاح، وأنّ الجيش سيصل في النهاية على الأكثر إلى وضعٍ يحاصر فيه آخر حصن تحت الأرض فيه السنوار والضيف، وبعد ذلك، تحت الأرض، في ظلّ ظروف ضغطٍ حقيقيٍّ على زعيم حماس، سيحاول التوصل إلى نوع من الصفقة”.
وأردف “بعد تجربة أسابيع طويلةٍ من القتال، تبينّ أنّ المناورة البريّة كعامل تسريع في الوصول إلى صفقة أوْ مفاوضات، ليس دقيقًا، فالصفقة التي تمّ التوصل إليها سابقًا، كانت مطروحة على الطاولة بالفعل بعد وقت قصير من دخول القطريين الحدث، كانت التغييرات مقارنة بالنسخة النهائيّة طفيفة”.
ورأى المحلل في الختام أنّ إسرائيل ألحقت الضرر بحماس، لكنها بعيدة كلّ البعد عن التغلب عليها، لأنّ مَنْ يجلس في نفق تحت الأرض، ليس لديه أيّ اهتمامٍ كبيرٍ بالتوصل إلى صفقةٍ، طبقًا لأقواله.