هل تسير “اسرائيل” الى تحقيق مشروعها التوراتي في ظل حرب الإبادة ومناخات التطبيع العربي….؟!

الأحد 18 فبراير 2024 03:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل تسير “اسرائيل” الى تحقيق مشروعها التوراتي في ظل حرب الإبادة ومناخات التطبيع العربي….؟!



كتب نواف الزرو:
 

 إنتباه….!

إنذار…!

تحذير…!

أو أي مصطلح تشاؤون…!.
المهم الجوهر…!
 قد يستغرب البعض من هذا العنوان اعلاه فيقول:
ما هذا الكلام الكبير يا استاذ نواف ولماذا كل هذا التشاؤم…!
وهل من المعقول ان يتحقق هذا المشروع الصهيوني في يوم من الايام….؟.
وهل من الممكن ان يتحقق ذلك في ظل حرب الإبادة الجارية بالبث الحي والمباشر ضد اهلنا في غزة….؟!
 وفي ظل مناخات التطبيع العربي الاستسلامي المهزوم….؟.
بل قد يقول البعض: لمذا نروج مثل هذه الافكار والمشاريع الصهيونية…؟!
     ونقول: هذه هي مشاريعهم واحلامهم وعلينا ان نتابعها ونقرأها ونفهمها ونستعد لها بوصفهم العدو الجذري والوجودي لأمتنا العربية….!.
   وكل الاحتمالات واردة في هذا السياق، فتلك المشاريع والاحلام قد تتحقق وتتمدد اذا ما توفرت المناخات العربية والاقليمية والدولية لها، ويبدو ان مناخات التطبيع العربي الرسمي المتهافت الى حد كبير قد تسمح لهم بذلك، ولكن من جهة اخرى فإن مساحة الرفض الشعبي العربي لهذه العدوانية التوسعية الصهيونية واسعة وراسخة وقوية وتمتلك أوراق قوة التصدي والردع على الرغم من خناجر التطبيع العربي….!
   مفيد جدا للوعي العام في هذا السياق الاطلاع على تلك المشاريع والاحلام الصهيونية التي يعملون على مدار الساعة من اجل تحقيقها ويوظفون كل طاقاتهم وامكاناتهم ولوبياتهم  ومفاتيح قوتهم من اجل المضي بها لتحقيقها.
     وفي المضامين، وووفق الأدبيات التوراتية والتنظيرات والفتاوى الدينية التي يطلقها كبار الحاخامات اليهود_ولدي الكثير من الوثائق التي تتحدث عن ذلك ولا مجال لنشرها هنا) فإن “أرض إسرائيل الكاملة” تمتد من “النيل إلى الفرات”، ووفق تلك الأدبيات والفتاوى فإن العراق مثلا جزء من “أرض إسرائيل الكاملة”، وحسب المضامين الواردة في أطلس الأحلام والأهداف اليهودية التوراتية وحسب اطلس الحاخام هارئيل فإن “على إسرائيل أن تقوم بالاحتلال الأعظم من أجل “أرض إسرائيل الكاملة”… و”أن تقوم بتنظيف المنطقة من ملايين العرب”.
وفي هذا السياق وفي احدث فتاواهم المرتبطة بالعدوان الإبادي على غزة وربطه بمشروعهم التوراتي،  قال الحاخام الإسرائيلي اليميني المتشدد عوزي شرباف” إنه يجب عودة الاستيطان إلى غزة كما أن كلا من شبه جزيرة سيناء ونهر النيل أراض إسرائيلية”، مضيفا خلال مؤتمر “الاستيطان في قطاع غزة”، الذي عقد بتل أبيب وبحضور أعضاء الكنيست، وفق صحيفة “هاآرتس الاربعاء -2023-12-10” أنه أمام إسرائيل فرصة تاريخية عظيمة لإستعادة أراضيها التوراتية مرة أخرى.”وتابع: “قطاع غزة هي القضية وفي هذه المرحلة العظيمة لدينا فرصة تاريخية مع اقتراب مجئ المسيح، فنحن في أيام فتح لنا فيها فتح عظيم للاستمرار في تحرير أرض إسرائيل في جنوب البلاد في غزة وما حولها”، وقالت الصحيفة التي تنتمي للتيار اليساري المعارض للحكومة الإسرائيلية،| إن مجموعة كبيرة من الحاخامات يرون أن كارثة 7 أكتوبر فرصة لإعادة الاستيطان في قطاع غزة إلى مجده السابق، ويحاولون تنويع الجمهور المستهدف”.فيما قال مايكل بيكار، أحد زعماء المستوطنين: “إذا لم يكن هناك شخص مجنون، فلن يحدث شيء. أرى أن هناك الكثير من المجانين هنا ويجب إستعادة أراضينا”.
      كما انتشر في مواقع التواصل مقطع فيديو للكاتب الإسرائيلي آفي ليبكين، حيث توقع “أن تمتد حدودهم من لبنان للصحراء الكبرى أي السعودية، ومن البحر المتوسط إلى الفرات”، وفي مقطع الفيديو، قال ليبكين في تصريحات إعلامية: “أعتقد أن حدودنا ستمتد في نهاية المطاف من لبنان إلى الصحراء الكبرى أي المملكة العربية السعودية، وذلك بعد ضم مكة المكرمة والمدينة المنورة وجبل سيناء، ثم من البحر الأبيض المتوسط إلى الفرات”.وأردف: “الموجودون على الجانب الآخر من الفرات هم أصدقاؤنا الأكراد.. إذا لدينا البحر الأبيض المتوسط خلفنا والأكراد أمامنا.. ولبنان الذي يحتاج حقا إلى مظلة حماية إسرائيل وبعد ذلك أعتقد أننا سنأخذ مكة والمدينة وجبل سيناء- لندن ـ “راي اليوم”: Jan 11, 2024″؟
     ولعل الحاخام “يسرائيل هارئيل” الذي يعتبر من أبرز وأهم منظري حركة الاستيطان اليهودي في فلسطين” قد وثق تلك الأحلام والأهداف والمخططات الصهيونية في ” أطلس أحلامة ” الذي تضمن بحثاً مفصلاً للحدود التي يزعم أن الله منحها للشعب اليهودي استناداً إلى المصادر التوراتية المشار إليها انفاً .
     والجديد في هذا الاطلس أنه لا يكتفي بـ” إسرائيل من النيل إلى الفرات ” بل يتعداها إلى ما هو أبعد بكثير، فحدودها البحرية تصل مثلاً إلى أسبانيا .
     لقد نشرت صحيفة هآرتس العبرية ملخصاً لأهم أحلام وأفكار الحاخام هرئيل – حاخام مستوطنه ياميت سابقاً وأحد أبرز وأخطر قادة معسكر اليمين والمستوطنين، فيما يلي أهم ما جاء فيه :” الاطلس الجديد هو طبعة ممتازة ويتطرق بشكل تفصيلي إلى الطرق التي اتبعت في وضع وتخطيط حدود أرض إسرائيل بالاستناد إلى المصادر التوراتية، متطرقاً إلى صورة الحدود السبع العشرة، التي مرت بها الدول اليهودية في هذه البلاد-اي فلسطين حسب زعمهم-، بدءاً من الحدود تحت سيطرة يهوشع وداود، وحزقائيل وانتهاء بالحدود على عهد الحاخام يهودا بار العاري، ومن ثم ينتقل الاطلس لمناقشة سلسلة من الموضوعات العميقة المتعلقة بالمسائل الحدودية، والاحتلال والطرق التي كان ينتهجها “مبام ورشاي ” وغيرهما .
وتؤكد جميع خطوط الحدود التي يوردها الاطلس باستثناء اثنين منها فقط – على أن حدود إسرائيل أكبر بحوالي عشرين ضعفاً من الحدود التي تقوم فيها إسرائيل حالياً .
وتمتد حدود ” المنحة ” الالهية، التي تظهر في جميع الخرائط على أنها تمتد من الخليج الفارسي، والكويت وجزء من العراق وسوريا والأردن ولبنان وسيناء، إضافة إلى فلسطين، أما الحدود التي تشذ عن الاجماع المذكور، فهي تلك الحدود  التي تقلص حدود أرض إسرائيل حتى غرب نهر الأردن .
وإزاء ذلك، فأن الحدود التي يشير إليها الحاخام ” يهودا” تتضمن الحدود الشرقية، وتضيف إليها حدوداً في الغرب أوسع مما أشرنا إليه .. فحسب رأيه فان المياه الاقليمية الاسرائيلية لا تقتصر على الشريط الضيق الملازم للسواحل، بل أنها تمتد على غالبية وجه البحر الأبيض المتوسط، منطلقة في خطين، متوازيين من أقصى الطرف الجنوبي والشمالي للبلاد، نحو الغرب، وبذلك فان المياه الاقليمية الإسرائيلية تتضمن قبرص وجزيرة كريت وشبة جزيرة ” هجاي” – الوادي – وصقلية، وكورسيكا، وقسماً من تونس، وغالبية اسبانيا، بما فيها ” بلمة دي ميوركة “، أي أن الأمر لا يتطلب منا دفع ضرائب انتقال، فكل تلك المناطق ملكنا “.
ولذلك .. واستناداً إلى هذا الزخم الهائل الموثق هنا وغيره الكثير – الكثير، من الوثائق والمخططات والأهداف الصهيونية المستنده كما ذكر إلى الاساطير المؤسسة التضليلية التي جرى تسويقها في الولايات المتحدة والغرب على نطاق واسع، وقع أكثر من (250) من كبار الحاخامات اليهود على فتوى أصدرها الحاخام ” ميرن” جاء فيها :” نحن نرى أن الحديث حول تسليم أي جزء من أرض إسرائيل إلى الأغيار يجعل الحاقدين على إسرائيل يرفعون رؤوسهم يوقعون الاذى بالاسرائيليين في جميع مناحي الأرض المقدسة بوتيرة حثيثة وأننا نجد أننا من المرعب حقاً أن نتصور ما الذي سيحدث إذا ما تم تنفيذ عملية نقل القرى الحدودية إلى الأغيار” ، ولذلك أيضاً دعا الجنرال احتياط آفي ايتام رئيس الحزب الوطني الديني – المفدال – سابقاً والوزير السابق في حكومة شارون في أحدث الدعوات الإسرائيلية إلى” إقامة أرض إسرائيل الكاملة بحدودها التوراتية، وانتهاج القبضة الحديدية مع الفلسطينيين، وإلى ضرب إيران وسوريا قبل أن تطورا ترسانتيهما العسكريتيين” ، وسارع رئيس الكنيست الإسرائيلي السابق روبي ربلين من الليكود إلى تعزيز توجهات ودعوات ايتان بإعلانه : “ان من حق اليهود ان يستوطنوا في كافة أنحاء أرض إسرائيل الكاملة ” .
    ولذلك فهم – أي أقطاب الصهيونية والدولة العبرية – يعتبرون ” أن الصهيونية لم تنه مهمتها بعد ” ، كما أعلن اسحق شامير أحد أهم أقطاب المؤسسة الصهيونية على مدى تاريخها .
ولذلك يمكن أن نثبت في الخلاصة المكثفة المفيدة أن النوايا والمخططات والأهداف والأطماع الصهيونية التوسعية ما تزال قائمة بقوة ومفتوحة على أوسع نطاق، وإن الصراع بالتالي ما زال مفتوحاً .
ما يفرش الأرضية لمواصلة قراءة ذلك الدور والحضور الصهيوني – الإسرائيلي في مقدمات وتطبيقات وتداعيات العدوان على العراق وسوريا، وفي الحصاد الإجمالي لهذا العدوان على وجه الأهمية .فـ” العراق جزء من أرض إسرائيل الكاملة ” ، كما جاء في أخر فتوى يهودية – حتى كتابة هذه السطور، و”مبارك أنت ربنا ملك العالم لأنك دمرت بابل المجرمة” كما أفتى عدد من الحاخامات اليهود.
    ما يستدعي بإلحاح كبير جملة كبيرة من الأسئلة والتساؤلات المتعلقة بالأدبيات التوراتية اليهودية، وبأطلس الأحلام والأهداف الصهيونية، وعلى نحو خاص في هذه المرحلة… مرحلة احتلال وتفكيك العراقوالعدوان على سوريا والمنطقة :
– فما مدى صحة ودقة تلك الأدبيات والأحلام والأهداف التوراتية والصهيونية..؟!!
– وإلى أي حد وسقف وصلت دولة “إسرائيل” في تطبيق وتحقيق أسطورة “من النيل إلى الفرات”.. و”أرض إسرائيل الكاملة” و/ أو “إسرائيل الكبرى” و/ أو “الكاملة  والكبرى والعظمى” معاً..في ظل مناخات التطبيع والتحالف الاعرابي مع الكيان…؟!
حسب الوثائق والتقارير والمعطيات والشهادات اليومية فإن الدولة الصهيونية تشن حروباً متصلة مفتوحة متكاملة على فلسطين والمنطقة مباشرة أو عبر الوكلاء والعملاء، وقد فتحت عدة جبهات إعلامية/ سياسية -عسكرية -استخباراتية موسادية واقتصادية ضد العراق وسوريا ولبنان….االخ. وتتحدث تلك الوثائق والتقارير والمعطيات والشهادات عن أن التغلغل الصهيوني واسع النطاق وخطير ويهدد مستقبل العرب والمنطقة…..؟!.
قد يقول البعض أن هناك شيئاً من المبالغة في الحديث عن “الحروب الإسرائيلية في العراق وسوريا والمنطقة” وعن “التغلغل والدور الإسرائيلي هناك”..
وربما ينتفض البعض من جهة ثانية مستهجناً مستنكراً الحديث عن “الحروب الإسرائيلية” معتبراً أن في الوثائق والشهادات مبالغة كبيرة…
وقد يرى البعض من جهة ثالثة “أنه يجب أن لا نعظم الدور الإسرائيلي ….في حين قد يرى البعض الآخر من جهة رابعة أهمية عاجلة وحيوية وكبيرة لاستحضار الوثائق والحقائق والمخططات  والمعطيات في هذا الوقت..
ونقول بدورنا وبقناعة راسخة أن الحروب الأمريكية هي حروب صهيونية وتتكامل معها تماماً.. وأن العراق وسوريا ولبنان ومصر كانت ولا تزال على قمة الأجندة السياسية والعسكرية العدوانية الأمريكية – الصهيونية المشتركة…. وأن تفكيك وتقسيم العراق وتدمير مقومات نهوضه ووحدته وقوته من جديد هي المهمة الأولى والكبرى..
وهذه النوايا والأجندة والمخططات والأهداف حقيقية وجادة وخطيرة وتحت التطبيق..
  ونعود للجوهر: هل اقتربت”اسرائيل” في ضوء كل ذلك من تحقيق اسطورة”من النيل الى الفرات”…؟!
وهل تحول البيئة الاستراتيجية العربية المناهضة للمشروع الصهيوني الى بيئة استراتيجية صديقة للكيان في سياق تحقيق تلك الاسطورة….؟!
أسئلة كبيرة واستراتيجية برسم الجدل على كل الاجندات العروبية التحررية وحتى  على تلك الاجندات الأخرى الانقلابية..!
ليتبين لنا في ضوء كل هذه التصريحات التوراتية الموثقة أننا أمام أدبيات توراتية صهيونية تتحدث عن “أرض إسرائيل الكاملة” من النيل إلى الفرات، ولتتحول هذه الأحلام التوراتية في زمن الصهيونية السياسية إلى أهداف وخطط ومخططات ومؤامرات صهيونية صريحة مدعومة من الغرب الاستعماري وفي صميمها”اختطاف فلسطين كاملة من نهرها الى بحرها، وإلغاء وجود الشعب الفلسطيني وشطب حقوقه كاملة في الوطن والتاريخ والسيادة…!
 في الحقيقة وميدانيا هم يجمعون ويعملون من أجل تحقيق هذه الاحلام التوراتية، بينما يحتاج الرد عليها وإحباطها الى أوسع جبهة وطنية فلسطينية عربية عروبية حقيقية وفاعلة…؟!
كاتب فلسطيني
Nzaro22@hotmail.com