سيناريوهات حرب حزب الله وإسرائيل..

الخميس 15 فبراير 2024 03:00 م / بتوقيت القدس +2GMT
سيناريوهات حرب حزب الله وإسرائيل..



كتبت دكتورة ميساء المصري :

يقال بأن لغة السياسة اليوم تم توليفها لتجعل الكذب يبدو صادقاً والقتل محترماً و اليوم مع وقوفنا على أبواب الحرب العالمية الثالثة , والغرق في ضبابية الأحداث ,نقف على أرضية  نظرية البجعة السوداء التي تسحبنا إلى أحداث غير متوقعة ذات نطاق واسع يصعب التنبؤ بها، بلا نموذج واضح في مجال الإقتصاد والسياسة والمجتمعات، لنقف في منطقة فارغة تنتقل من عالم ما بعد الحرب إلى عالم ما قبل الحرب، لنتوقع خلال الخمس سنوات المقبلة أن تكون هناك حروب تشمل الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، وصراع أوسع في الشرق الأوسط فهل يحصل؟

لنبقى في إقليم الشرق الأوسط الملتهب بشدة منذ حوالي خمسة أشهر من الحرب، والمواجهات المتبادلة بدرجات متفاوتة من الشدة في كل الجبهات من فلسطين ولبنان والعراق وسوريا ومصر واليمن والأردن، فلم تعد هنالك منطقة محايدة حتى لو صدقنا الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة منع إتساع نطاق الصراع. فهل نتغاضى عن حرب شاملة إقليمية آنية؟ وهل باتت سياسة العين بالعين سيدة القرار؟ أم الدفع نحو الصراع لمصالح إستراتيجية إقليمية خلافية؟ وهل تؤثر خلافاتهم على تصرفاتهم، وعلى تصرفات الكيان المحتل في الأيام والأسابيع المقبلة. وهل من المؤكد أن دول المنطقة لا ترغب في الإنضمام للحرب؟ لكن هذه الدول ليست الكيانات الوحيدة التي لديها جيوش، بل هناك جيوش غير حكومية، ربما أقوى من الجيش الوطني. في كل من لبنان والعراق وسوريا وفلسطين قد يصل مجموع مقاتليها الى أكثر من مليون مقاتل.. فهل نستوعب البعد في المعنى .

  لننظرالى تصاعد وتيرة الصراع بين حزب الله والكيان من نظرة ضيقة، إذا أطلق حزب الله صواريخ باليستية على تل أبيب، فسوف تنتقم تل أبيب حتماً. وعلى نحو مماثل، فإن شن هجوم إسرائيلي شامل ضد حزب الله، يمتد إلى ما هو أبعد من جنوب لبنان، ومن شأنه أن يؤدي إلى رد فعل إستراتيجي من جانب حزب الله، يتصاعد إلى حرب شاملة. وفي سيناريو الحرب الشاملة، سيكون من الصعب التعامل مع جبهتين أو أكثر.
وبينما تعكس تصرفات إسرائيل اعتبارات تكتيكية، يبدو جيش الإحتلال متردداً، مدركاً التداعيات العميقة التي قد تخلفها الحرب على عملياته في لبنان والجبهة الداخلية الإسرائيلية وغزة، متوقعاً تحديات غير مسبوقة. إن حزب الله يمتلك 200 ألف صاروخ وقذيفة من مختلف المدى و100 ألف مقاتل. وهذه الترسانة أكبر بخمس مرات على الأقل من ترسانة حماس وأكثر دقة بكثير. ويمكن أن تصل الصواريخ الموجهة إلى مرافق المياه والكهرباء والإتصالات والمناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية. ولكن؟
لكن هنا تعني أن الكيان ولبنان هما أصلا في حالة حرب من الناحية الفنية بعد 2006، ولب هذه الحرب المستترة هو إسرائيل، بإنتهاكها قرار الأمم المتحدة رقم 1701، والذي بتطبيقه يكون هنالك إلزاما بإلامتثال الكامل بنزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، وخاصة حزب الله، الذي من غير المرجح أن يمتثل. فماهية خطوة الحرب الجديدة القديمة الآن؟
دعونا نختار سيناريوهات حربية مثل ماذا لو أن حزب الله، على النقيض من حماس ـ بقوة صواريخه ومداها، لديه إمكانية واقعية للتقدم داخل إسرائيل والسيطرة على الأراضي المحتلة. وبالتالي يشكل مشكلة عسكرية خطيرة، وحتى سياسية أكبر، للكيان.
أو ماذا لو أطلق حزب الله سلسلة شديدة نسبياً من الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل و المنسقة ضد الأهداف التي يمكن لحماس الوصول إليها، في تل أبيب مثلا أو غيرها، من شأنها أن تضع دفاعات القبة الحديدية تحت ضغط هائل. ويمكن لحزب الله أيضاً أن يقصف المدن الآمنة لحماس في الشمال مثل حيفا أو كريات شمونة أوالمستوطنات؟ أو مثلا تنفيذ هجوم يصيب هدفا حساسا سواء عسكري أو مدني، وليس على طول الخط الأزرق بل أبعد من ذلك ؟ وبأسلحة بعيدة المدى تكون فعالة ويتم إطلاقها ضمن خط رؤية واضح لهدفها؟ أو مثلا ضرب منشآت عسكرية إستراتيجية، بدلاً من المواقع الصغيرة على طول الحدود. أو إستهداف البنية التحتية الحيوية في المدن والبلدات في شمال الكيان. وتسهيل عمليات مشتركة بين أطراف أخرى في المناطق المسيطرعليها؟ أو حتى شن هجمات على عمق يتراوح بين عشرة وثلاثين ميلاً داخل الكيان؟ فهل يستعيد حزب الله شعبيته في العالم العربي والإسلامي التي خسرها في السنوات الفائتة، ويتم إعتباره القوة االثانية بعد الحوثيين التي تنضم إلى الفلسطينيين في غزة؟
ام سيعمل حزب الله على إعادة كتابة قواعد اللعبة مرة أخرى وإعادة رسم خطوطه الحمراء؟ ومن أهمها الجلوس على مقعد على الطاولة على المستوى الإقليمي. وإجراء محادثات لإنشاء الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان.بما يرضي الطرفين.
لنركز هنا على ديناميكيات الصراع  فلا يمكن لأي بلد الهروب من الجغرافيا,ومن وجهة نظر سياسية، هنالك تناقض. وتداعيات الهيمنة على الأزمة، فمن ناحية، الغموض الذي يحيط بمرحلة ما بعد الحرب. والمواجهة  الحالية المتوترة والمنخفضة الحدة  دون عتبة الحرب عالية الشدة وربما هو الوضع الأكثر ملاءمة لكلا الجانبين الكيان وحزب الله، وكلاهما يعرف ذلك. أم هل تتجرأ أسرائيل في الأمر الذي من شأنه أن يؤجج نوع الرد الذي قد يجبرها على قصف منطقة بيروت، فتصبح المعادلة مختلفة، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الولايات المتحدة تظل العمود الفقري الذي سيحدد ما إذا كانت هذه الحرب سوف تتصاعد وكيف؟
إن أقل شعلة صغيرة قد تؤدي إلى إشعال حريق كبير لا يستطيع أي من الجانبين إحتواءه. وستكون صفحة مأساوية أخرى ….
باحثة وكاتبة من الأردن