نشر موقع وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية تقريرا بعنوان “مقاطعة ستاربكس وكوكا كولا بسبب حرب غزة تعزز منافسيها في الشرق الأوسط”، أكد أن حملة مقاطعة العلامات التجارية الأمريكية مثل ستاربكس وكوكا كولا، عززت أعمال المنافسين المحليين لها في الشرق الأوسط.
ولفت التقرير إلى أن الكثيرين في العالم العربي والعالم الإسلامي مثل باكستان، اندفعوا بغضب ضد الولايات المتحدة وأوروبا لعدم الضغط على إسرائيل ووقف الحرب على غزة، حيث توقفوا عن شراء العلامات الأجنبية بشكل خفض من مبيعات بعضها، وخلق صداع علاقات عامة لها.
وتم إعداد التقرير من أربعة من مراسلي الموقع في دول عربية وتركيا وهم: سلمى الورداني، لين الرشدان، نيكولا باراسي، ودانييلا سيرتوري كورتينا.
بقيادة الشباب
وبدأ التقرير من مصر، حيث أشار إلى أنه منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، توقفت نيّرة أحمد، 19 طالبة علوم الاتصال في القاهرة عن الذهاب إلى مقهى ستاربكس القريب منها؛ لأن اسم المقهى ظهر على قائمة العلامات ومحلات الوجبات السريعة التي وزعت على منصات التواصل في مصر لمقاطعتها.
وقالت: “اعتدت أنا وصديقاتي على الذهاب على ستاربكس في كل وقت، والآن، أصبح الشراء منه يمثل عارا، هذا أقل ما يمكنني أن أفعله، لماذا علي الشراء من العلامات الأجنبية؟”.
أشار التقرير إلى أن المقاطعة شملت كذلك شركات أمريكية أخرى.
ولفت إلى أن شركة تصنيع مشروبات غازية محلية في مصر؛ قال إن مبيعاتها تضاعفت ثلاثة أضعاف؛ لأن المستهلكين رغبوا عن شراء الكوكا كولا وبيبسي. من جهته حذر في الأسابيع الماضية، المدير التنفيذي لمجموعة ماكدونالدز، كريس كيمبنجنسكي بأن شركته “لاحظت ردة فعل تجارة حقيقية” في الشرق الأوسط نظرا لحملات التضليل الإعلامي التي نشرت عنها.
وفي الوقت نفسه، تراجعت حصة سلسلة مطاعم أمريكانا الدولية، وهي الشركة المسؤولة عن دجاج كنتاكي، وبيتزا هات وكريسبي كريم، وهارديز في الشرق الأوسط، بنسبة 27% في سوق البورصة السعودية وفي الفترة التي أعقبت الحرب، حيث توقع محللون أن مبيعاتها ستتأثر بسبب الحرب.
وهي بحسب التقرير ردة فعل تعكس عصرا جديدا في كيفية إدارة الأزمات في عالم الماركات الاستهلاكية الكبرى، حيث يخلط المشترون الغاضبون بين التجارة وسياسات الحكومات.
وأصدرت عدة شركات بيانات أكدت فيها حيادها السياسي، إلا أن حركة المقاطعة تزايدت منذ اندلاع الحرب وبشكل واسع.
ونقل التقرير عن فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في مدرسة لندن للاقتصاد، قوله “إن عمليات المقاطعة مثيرة؛ لأنها كثيفة وعابرة للدول ويقودها السكان الشباب وحتى الآن، سواء ماكدونالدز أو ستاربكس، فقد تضررتا”، مضيفا أن “الشبان هم من الذين ينفقون بشكل واسع وواعون بما يجري وناشطون جدا.”
وأكد أن فكرة أن الولايات المتحدة تحابي إسرائيل تؤثر في الحقيقة على هذه الشركات؛ لأن أمريكا متواطئة، وأن مديري الشركات هم جزء من الإمبراطورية الأمريكية التجارية والمالية والقوة الناعمة”.
ويؤكد التقرير على أنه في ظل الاضطرابات الجيوسياسية المتصاعدة، تواجه الماركات العالمية مشكلة التعامل مع سيناريوهات استقطابية تسهم في تكبيرها منصات التواصل الاجتماعي. وسحبت شركات ماكدونالدز وكوكا كولا عملياتها من روسيا خلال العامين الماضيين بسبب النقد الدولي لغزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا.
ويمنح الشرق الأوسط الماركات عشرات الملايين من المستهلكين الشباب، في وقت تعاني الأسواق المتطورة من حالة إشباع. لكن المنطقة تضع وبالتحديد صعوبات عملياتية وسياسية على هذه الشركات.
محلات شبه فارغة
ويشير التقرير إلى أنه في الأردن، لا تزال محلات ستاربكس وماكدونالدز فارغة بشكل عام، مع أن المقاطعة بدأت في تشرين الأول/أكتوبر.
ويرى المارة عادة كراسي فارغة وأكشاكا يشغلها العمال والباعة، وهم في حالة استرخاء.
وفي المتاجر بالأردن، تم وضع علامة على العلامات الأجنبية تصفها بـ”سلع مقاطعة”.
وفي الكويت، مقاهي ستاربكس الحافلة بالزبائن لا يدخلها إلا أعداد قليلة منذ بداية الحرب. ودعمت المقاطعة مبيعات المقاهي المحلية.
وفي رد على سؤال لبلومبيرغ، أحالت ستاربكس إلى بيان لها قالت فيه: “ليست لدينا أجندة سياسية، ولا نستخدم أرباحنا لتمويل أي حكومة أو عمليات جيش في كل مكان، ولم يحدث أبدا”، وليس لديها محلات في إسرائيل.
وقال مارك كالينوسكي، مدير إيكويتي ريسريتش؛ إن تأثر المبيعات قد يحد من شهية الماركات المعروفة للتوسع في الشرق الأوسط، مع أن التنوع الجيوسياسي لماركات مثل ماكدونالدز قد يترك أثره على النتائج الإجمالية.
شركات محلية تستفيد
لكن أصحاب شركات محلية قالوا إن المقاطعة للعلامات الأجنبية ترك أثرا إيجابيا على مبيعاتهم.
وقال معاذ فاعوري، صاحب سلسلة مقاهي إسطرلاب؛ إنه يحاول التقليل من المنتجات الأمريكية والفرنسية قدر الإمكان، والاستعاضة عنها بمواد محلية.
وقال إن تجارته ازدهرت بأماكن في عمان بعد المقاطعة بنسبة 30 بالمئة.
وفي مصر، زادت مبيعات مشروبات “سبيرو سباتس” التي تعود إلى 100 عام، التي كانت تعاني من مشاكل بسبب عدم الإقبال عليها.
وقال مديرها التجاري يوسف عطوان: “فجأة، تلقينا طلبات متزايدة من المتاجر والمطاعم التي تحاول التعامل مع الطلب” و”يذهب العملاء إلى المطاعم إما للسؤال عن ماركتنا، أو يرفضون تناول الماركات على قائمة المقاطعة”.
ويبلغ عدد سكان مصر 105 مليون نسبة 60% منهم تحت سن الثلاثين. وتواجه الماركات “عقاب” المستهلكين، فقد توقفت سارة المصري عن شراء قطع التنظيف الخاصة بالصحون، حيث كانت تستخدم ماركة “فيري” التي تصنعها شركة بروتيكتر أند غامل كو، التي وضعت على قائمة المقاطعة. وقامت باختراع مادة التنظيف بنفسها كبديل عن المادة السابقة.
وفي تركيا، دفع المسؤولون لمقاطعة كوكا كولا، مع أنه متوفر في المطاعم والمتاجر. وطالب البرلمان التركي في تشرين الثاني/نوفمبر بإزالة كوكا كولا من كافيتريات البرلمان.
وبحسب التقرير سيعرف أثر المقاطعة عندما تعلن شركات الصودا الأمريكية عن أرباحها في شباط/فبراير. إلا أن التوزيع انخفض في تركيا بنسبة 22% مما أثار القلق.
في الإمارات لم يحدث أي أثر دراماتيكي
ولفت إلى أن آثار المقاطعة ظهرت في كل من مصر والأردن والكويت. وفي الإمارات لم يحدث أي أثر دراماتيكي. وقامت بعض المحلات باتخاذ موقف، حيث استبدل مطعم بيت مريم في دبي كل المشروبات الغازية بمشروبات غازية محلية الصنع في تشرين الأول/أكتوبر.
وقال متحدث باسم الشركة إن الزبائن يدعمون الخطوة.
ووفق التقرير ففي السعودية، أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، من الصعب تقييم أثر المقاطعة. وكانت هناك دعوات قليلة على منصات التواصل للمقاطعة في المملكة، إلا أن عددا من سلاسل الماركات الأمريكية التي زارتها بلومبيرغ كانت فارغة نوعا ما.
وأكد على أن مشكلة الماركات وبخاصة الأمريكية انتشرت أبعد من الشرق الأوسط، حيث وزعت في باكستان قوائم لماركات معظمها أمريكية وأنها منتجات إسرائيلية. وظهرت علامات أخرى أوروبية مثل كارفور الفرنسية التي دخلت إسرائيل العام الماضي عبر شريك محلي على قوائم المقاطعة الفلسطينية لإسرائيل، التي تطالب بالمقاطعة التجارية والثقافية لإسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.