بات برميل البارود الذي تقف فوقه منطقة الشرق الأوسط على وشك الانفجار، لتتحول الحرب الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قطاع غزة الفلسطيني إلى صراع أوسع نطاقاً في المنطقة، مع الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة إلى أهداف في العراق، قالت إنها خاصة بفصائل مسلحة مرتبطة بإيران، في الوقت الذي كثفت فيه جماعة الحوثيين اليمنية استهدافها للسفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر.
ففي مساء الإثنين الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية قصف 3 منشآت مرتبطة بكتائب “حزب الله” العراقي المدعومة من إيران، التي تقول واشنطن إنها كانت وراء هجوم أسفر عن إصابة ثلاثة أمريكيين في العراق.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في بيان: “رغم أننا لا نسعى إلى تصعيد الصراع في المنطقة، نحن ملتزمون بالاستعداد الكامل لاتخاذ أية إجراءات ضرورية لحماية أفرادنا ومنشآتنا”.
وفي اليوم التالي جددت جماعة الحوثيين، المدعومة أيضاً من إيران، هجماتها على السفن في البحر الأحمر، وأكدت شركة إم.إس.سي ميدتيريان شيبنج للنقل البحري تعرّض سفينة الحاويات إم.إس.سي يونايتد، التابعة لها، للهجوم وهي في طريقها إلى باكستان.
ورغم نفي إيران تقديم المساعدة للهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر، فإنها تعهدت بجعل إسرائيل تدفع ثمن قتلها للجنرال رضى موسوي، القيادي في “الحرس الثوري الإيراني”، في قصف جوي استهدف إحدى ضواحي دمشق.
ويحذر أرون ديفيد ميللر، الدبلوماسي الأمريكي السابق، والباحث الزميل لمعهد كارنيغي لأبحاث السلام، من أنه “بات واضحاً أنه كلما طال أمد الحرب بين إسرائيل و”حماس” بمثل هذا القدر من الكثافة، زاد احتمال تصاعد الصراع” الإقليمي.
وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، قال المحلل السياسي الأمريكي أيان مارلو إن عدد الجماعات المسلحة غير الرسمية والعمليات العسكرية غير المتوقعة من جانب إسرائيل، والرد الإيراني المحتمل عليها، يجعل من الصعب توقع متى سوف يقع أي حادث يمكن أن يشعل صراعاً أوسع نطاقا. لكن ميللر قال إن الولايات المتحدة قد تضطر إلى التصرف بشكل أشد صرامة إذا قتلت أي من الجماعات المسلحة في المنطقة جنوداً أمريكيين، مضيفاً: “إذا تعرّضنا لهجوم مباشر، ومات أمريكيون، سيكون من الواجب القيام برد أكبر وأثقل”.
ويضيف مارلو، المراسل السابق لصحيفة “جلوبال أند ميل” في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أن الهجمات وغيرها من التطورات الأخيرة في المنطقة تبرز الصعوبة المتزايدة التي تواجهها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن في التحرك بشكل متوازن، في الوقت الذي تدعم فيه إسرائيل في حربها مع حركة “حماس” وغيرها من الفصائل الفلسطينية، التي شنت هجوماً على المستوطنات والقواعد العسكرية الإسرائيلية في منطقة غلاف قطاع غزة، يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ونشرت الولايات المتحدة مجموعات حاملات طائرات في المنطقة بهدف ردع القوى الإقليمية الموالية لإيران من ضرب إسرائيل، التي تشن حرباً برية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة أسفرت عن استشهاد حوالي 20 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال.
وعلى صعيد متصل؛ زار رون ديرمير، وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، واشنطن، والتقى مع وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، حيث تناولت المحادثات الحرب في غزة، وجهود إطلاق سراح المحتجزين والأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل الفلسطينية في غزة، والحد من الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين بحسب البيت الأبيض، بالإضافة إلى مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وبالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين، الذين يشعرون بالقلق من هجمات “حزب الله” اللبناني وغيره من الجماعات المسلحة المناوئة لإسرائيل في المنطقة، فإن الصراع الحالي يبدو بالفعل مثل الحرب الأوسع نطاقاً التي تحاول واشنطن تجنبها.
وقال وزير الدفاع الإسرائيل يواف غالانت أمام الكنيست الإسرائيلي إن إسرائيل تخوض حرباً متعددة الجبهات، وأنها تتعرض للهجوم من 7 جبهات، هي غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية والعراق واليمن وإيران، مضيفاً أن إسرائيل “ترد بالفعل على 6 من الجبهات السبع. وسنقول الآن بأقصى درجات الوضوح إن أي شخص قام بعمل ضدنا سيصبح هدفاً محتملاً”.
وأخيرا يرى أيان مارلو إن كل المؤشرات تقول إن الأوضاع في الشرق الأوسط تقترب من لحظة الانفجار الكبير في ظل استمرار الحرب في غزة وهجمات الجماعات المسلحة المناهضة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة ورد الدولتين عليها.