رسائل أمريكية لإسرائيل واخرين هذا هو مضمونها..كمال خلف

الخميس 14 ديسمبر 2023 09:10 ص / بتوقيت القدس +2GMT
رسائل أمريكية لإسرائيل واخرين هذا هو مضمونها..كمال خلف



الخطاب الذي القاه الرئيس “جو بايدن” مساء امس اثار عاصفة من الردود والتفاعلات ومن المتوقع ان تمتد ردود الفعل تلك، واضح ان بايدن ازعج مجموعة المتطرفين المجرمين في الحكومة الإسرائيلية، لانهم اعتبروا ان هذه المواقف معناها ان الولايات المتحدة وان كانت داعمة بشكل كامل لهم في الحرب على غزة، ومصادقة بشكل فوري على الأكاذيب التي اطلقوها لتبرير الحرب وخلال الحرب، الا انها لا ترغب في الذهاب معهم بعيدا في تحقيق احلامهم الاجرامية بالقضاء تماما على الشعب الفلسطيني وتهجيره والقضاء على السلطة الفلسطينية الخاضعة والمستكينة للادارة الامريكية بالكامل، وإعادة نشر المستوطنات في غزة، مع تصاعد الدعوات داخل اليمين بإعادة بناء مجمع ” غوش قاطيف” اكبر تجمع استيطاني في غزة قبل العام 2005.
لا احد في هذه المنطقة مطلقا يفسر كلام الرئيس بايدن على انه تعاطف مع ضحايا الإبادة الجماعية في غزة، او انه انقلابا حدث في موقف الإدارة الامريكية نظرا الى القواعد الغير أخلاقية والغير إنسانية التي قامت عليها هذه الحرب، لا احد لديه مثل هذه الأوهام، فهناك شبه اجماع ان بايدن يفكر أولا بمصلحة إسرائيل، لكنه يرى او هناك في الإدارة من يرى ان هؤلاء المجرمين المتعصبين يجرون الدولة العبرية برمتها الى الكارثة، وان الفشل قبل الحرب وفي خضمها اصبح لا يحتاج الى تدقيق او تحليل، وبالتالي التداعيات ستطال الإدارة الامريكية نفسها.
طوال ليلة امس تنوعت اراء المعلقين بين الإشارة الى التأثيرات داخل إسرائيل وداخل حكومة الحرب نفسها، وما اذا كان موقف بايدن الجديد سوف يؤدي الى انسحابات من الحكومة خاصة ” بني غانتس”، وبين من ذهب الى ان الخلاف بين واشنطن وحكومة تل ابيب ينحصر في سؤال اليوم التالي في غزة. خاصة بعد كلام نتنياهو انه لا يريد ان يرى لا فتحستان ولا حماستان، ولا سلطة فلسطينية في أي مكان، ولا حل الدولتين وانه لن يكرر ما قال انه خطأ أوسلو. وكأن نتنياهو بصق في وجه بايدن وقادة أوروبا ممكن قدموا له كل الدعم لارتكاب الجرائم، تحت ذريعة ان حماس لا تمثل الشعب الفلسطيني وان الحرب على حماس وليست حرب إبادة للشعب وتصفية للقضية، وان القضاء على حماس هو الطريق لانجاز حل الدولتين.

كل التحليلات والاراء مهمة وعميقة وتجميعها معا يساعد في رسم المشهد القادم، رغم اننا نقر بانه معقد لدرجة كبيرة والى حد يصعب فيه وضع سيناريوهات مستقبلية.
سأعتمد هنا على ما سمعته نقلا عن دبلوماسي عربي، وبعض المصادر والتسريبات لمحاولة بناء تحليل، قد يشكل إضافة لمجمل الصورة.
تتحدث هذه المصادر الدبلوماسية عن رسائل أمريكية وصلت لاطراف معنية تقول ان الإدارة لديها رغبة في وقف القتال خلال فترة الأعياد، أي نهاية هذا الشهر. يتقاطع هذا مع حديث مصادر أخرى عن محاولة الإدارة الضغط على إسرائيل لطرح هدنة طويلة زمنيا قد تمد لشهر او اكثر، قد تقتنع حماس بها، وخلالها يتم تنفيذ جزء من صفقة التبادل، افراج إسرائيل عن اسرى فلسطينيين امنيين، مقابل افراج حماس عن ضباط وجنود. وتواصل الإدارة الامريكية دعم الحرب على حماس لكن على إسرائيل إعادة تشكيل نهج الحرب، أي وقف الحرب بشكلها الحالي كليا، واعتماد حرب طويلة الأمد تقوم على العمليات المحدودة والنوعية، وليس على القصف العشوائي الذي يؤدي الى قتل اعداد كبيرة من المدنيين. وابعد من ذلك تقول مصادر دبلوماسية مطلعة ان الولايات المتحدة تتواصل من اجل عقد مؤتمر دولي للسلام، تحرص فيه على مشاركة كلا من ايران والسعودية بشكل فاعل.
من خلال هذه التصورات تعتقد الإدارة الامريكية انها ترفع جزء من الحرج، والضغط الدولي المتصاعد، وبذات الوقت تتجنب التصعيد الاخذ بالاتساع في المنطقة من جنوب لبنان الى البحر الأحمر وما بينهما العراق وسورية. والاهم تضبط سلوك إسرائيل المنفلت في القتل والتدمير وارتكاب الجرائم من ناحية بعد ان سمحت به لاكثر من شهرين، ومن ناحية أخرى توقف تصميم تل ابيب على النهج الفاشل في الميدان والذي سيؤدي الى كارثة اذا ما استمر.
واذا كانت هذه التسريبات صحيحة، فالمؤكد ان نتنياهو مطلع على تفاصيلها، وقد يكون استبق زيارة مستشار الامن القومي الأمريكي جاك سوليفان الى تل ابيب حاملا هذه التصورات او بالأدق المطالب الامريكية، بالتصعيد وإعلان موقف رافض لها، لثني الإدارة الامريكية عن طرحها والضغط لأجل تنفيذها، يعلم نتنياهو انه حتى الان لم يحقق شيئا من اهداف الحرب، مضافا لها بهلونيات شكلت فضائح عالمية، مثل فضيحة الشفاء، وتعرية المدنيين وتصويرهم على انهم مقاتلو حماس وغيرها الكثير، لكنه بذات الوقت يدرك أهمية الحفاظ على تماسك اليمين المتطرف حوله للاستمرار في الحكم والامساك بالسلطة.
هذا ما قد يكون ما دفع الرئيس بايدن وبعد تصريحات نتنياهو مباشرة لقول ما قاله امس عن الحكومة المتطرفة وضرورة تغييرها، وعن فقدان السمعة وتأييد العالم لإسرائيل في حربها، وعن القصف العشوائي. يريد بايدن ان تستمع إسرائيل لامريكا بعد كل الدعم الغير محدود لها، وان يسهل مهمة جيك سوليفان عبر الضغط الاستباقي للمهمة.
نعتقد ان الرئيس بايدن تأخر كثيرا في محاولة وضع اللجام لاسرائيل، وان هذه التصريحات لن تخرج الولايات المتحدة من وحل العار الذي لحق بها، والمشاركة الكاملة في الجريمة عن سبق إصرار وتصميم وبوقاحة لم يشهد العالم لها مثيلا. وان رمي التهمة على حفنة من المتطرفين في حكومة تل ابيب لن ينقذ إسرائيل والولايات المتحدة من تداعيات الإبادة الجماعية وحرق الأطفال في غزة. وأخيرا لابد من القول ان كل ما نشهده من بؤس في واشنطن وتل ابيب له سبب واحد هو صمود المقاومة في غزة.
كاتب واعلامي فلسطيني