منذ عدة أسابيع، تمنع الشرطة الإسرائيلية الوقفات الاحتجاجية التي تحاول “لجنة المتابعة العليا” لشؤون فلسطينيي الداخل تنظيمها، رغم أنها لا تتطلب تصريحًا على الإطلاق؛ ورفضت النيابة العامة التدخل في قرارها بفضّ هذه الوقفات بالقوة، كما فعلت قبل ثلاثة أسابيع في مدينة الناصرة.
على خلفية ذلك، قدّمَ مركز “عدالة” التماسًا إلى المحكمة الإسرائيلية العليا باسمه وباسم رئيس “لجنة المتابعة العليا”، محمد بركة، ضد استمرار سياسة الشرطة غير القانونية التي تحظر تنظيم وقفات احتجاجية في البلدات العربية ضد استمرار الحرب على غزة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
ويأتي هذا الالتماس بعد عدة أسابيع من قيام الشرطة الإسرائيلية بشكل ممنهج، وخلافًا للقانون، بإحباط محاولات “لجنة المتابعة العليا” لتنظيم وقفة احتجاجية محدودة العدد لا تحتاج إلى تصريح في ساحة العين في الناصرة.
وفي 9 نوفمبر 2023، أدّت هذه المحاولات أيضًا إلى اعتقال ستة من أعضاء لجنة المراقبة، من بينهم أربعة أعضاء سابقين في الكنيست، تم إطلاق سراح بعضهم بشروط مقيدة. كل ذلك، بعد أن أعلن محمد بركة مسبقاً عن نية “لجنة المتابعة العليا” إقامة الوقفة الاحتجاجية، وذلك بعد تصريحات المفوض والناطق باسم الشرطة الإسرائيلية، والتي بموجبها ستعمل على إحباط محاولات المواطنين العرب للتظاهر ضد الحرب.
وجاءت محاولات “لجنة المتابعة العليا” لإقامة الوقفات الاحتجاجية بعد أن أقرّت المحكمة العليا قرارها في مسألة حق التظاهر أثناء الحرب؛ وذلك ردًا على التماس “عدالة” الذي قُدِّمَ ضد قرار الشرطة ذاتها بمنع خروج مظاهرتين مناهضتين للحرب في مدينتي سخنين وأم الفحم. وبالرغم من أن قرار المحكمة لم يتدخل بقرار الشرطة الإسرائيلية بعدم التصريح للمظاهرتين بعد ادعائها بوجود نقص في قوات الشرطة المتاحة، لكنه ذكر أن تعليمات مفوضها العام المبدئية بالمنع التام لاحتجاج المواطنين العرب ليس من ضمن نطاق صلاحياته القانونية. وشددت المحكمة على أن “أبواب الاحتجاج والتظاهر مفتوحة حتى في زمن الحرب”، وأنه حتى “في زمن الحرب، وخاصة الحرب الدموية وطويلة الأمد، لا يتم سحب الحق في النقد العلني والاحتجاج السياسي”. وفصّل الالتماس الذي قدّمته اليوم المديرة القانونية لمركز “عدالة”، دكتورة سهاد بشارة، أنه في يوم الأربعاء الماضي (22.11.2023)، توجّه محمد بركة بواسطة مركز “عدالة” مجددًا إلى محطة الشرطة الإسرائيلية في مدينة الناصرة، وأعلن عن نيّته تنظيم وقفة احتجاجية أخرى، محدودة وبمشاركة أعضاء القيادة العربية في ساحة العين. وفي هذا التوجّه، طالب السيد بركة باحترام حق المتظاهرين في الاحتجاج، وتجنّب قمع الوقفة الاحتجاجية وتفريقها. وردت الشرطة الإسرائيلية بأنه في ظل الظروف، وبحسب تقييمها للوضع العام، فإنها لن تسمح بإقامة الوقفة الاحتجاجية، وطالبتْه بالتراجع عنها.
وقد تمركزت قوة كبيرة من الشرطة الإسرائيلية في ساحة العين بالناصرة، ووجهت رسالة إلى السيد بركة تطالبه بإلغاء الوقفة مهددة باستخدام القوة.
وبعد توجّهات متكررة للنيابة العامة الإسرائيلية، أجاب مكتب المدعي العام للدولة، أمس الخميس، أنه بعد فحص الأمر لم يجد أي سبب للتدخل في قرار الشرطة في هذا الشأن، وذلك لأن “قرارها في ما يتعلق بالموافقة على تنظيم الاحتجاجات يقع ضمن سلطتها، زاعماً أنها تعمل وفق تقديراتها المستقلة، ووفقًا للتقييمات الملموسة للوضع من قبل جميع الهيئات المهنية”، وأن مكتب المدعي العام لا يمكنه أن يستبدل تقديراتها في هذا السياق.
وعلى ضوء رد النيابة، قدم مركز “عدالة” التماسًا إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، اليوم، يطالب فيه بمنع استمرار السياسة غير القانونية من قبل الشرطة في إحباطها للوقفات الاحتجاجية لأعضاء “لجنة المتابعة العليا” في ساحة العين في الناصرة. كما طالب مركز “عدالة”، في التماسه، إصدار أمر مؤقت يقضي بمنع الشرطة الإسرائيلية من قمع المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية في البلدات العربية داخل اراضي 48 خلال الحرب على غزة. وشدّد الالتماس على أن انتهاك حرية التعبير والتظاهر يتم بشكل مخالف للقانون، وأن الحظر المسبق على الاحتجاجات التي لا تتطلب ترخيصًا يضرّ بسيادة القانون وهو مخالف للقانون ولتعليمات المستشارة القضائية للحكومة”.
وأضافت الدكتورة سهاد بشارة، من مركز “عدالة”، أن قرار المحكمة العليا بالموافقة على حظر المظاهرات في البلدات العربية وفقًا لتقييم الشرطة للوضع، بالإضافة إلى قرار النيابة العامة بعدم التدخل في الموضوع، قد خلق مجالًا واسعاً للشرطة، برئاسة بن غفير، لتنفيذ سياسة عنصرية تمنع حرية التظاهر حصراً في البلدات العربية. منوهة إلى أن المحكمة العليا اكتفت، حتى الآن، بتصريحات عامة حول أهمية حرية التعبير، دون التدخّل الفعّال لحماية هذا الحق الأساسي، ونأمل استجابة المحكمة الآن. في المقابل تسمح الشرطة الإسرائيلية لليهود في التظاهر في قضايا ترتبط بالحرب وبالمحتجزين الإسرائيليين في غزة، وسمحت بمظاهرة واحدة في تل أبيب عرفت بأنها يهودية– عربية.