القدس المحتلة / سما/
“في المعركة على كيّ الوعيْ إسرائيل متخلِّفة عن حماس ألف سنةٍ ضوئيّةٍ”، تحت هذا العنوان نشرت صحيفة (هآرتس) العبريّة تحقيقًا مطولاً عن الحرب الدعائيّة الشرسة بين الاحتلال الإسرائيليّ والمقاومة الفلسطينيّة أكّدت من خلاله أنّه في الأيّام الأولى للحرب، كان الشعور السائد أنّ حركة (حماس) تُهاجِم إسرائيل من كلّ الجبهات، (تيكتوك)، (تيلغرام)، (انستغرام)، ووسائط تواصل أخرى، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ “المخرّبين” المُسلحين يُحاوِلون اقتحام المُستوطنات في غلاف غزّة، يقومون بإطلاق النار إلى جميع الجهات، ويقومون بجرّ الرهائن الإسرائيليين إلى القطاع، ويُنكّلون بهم ويرتكبون بحقّهم جرائم يندى لها الجبين، إنّهم باختصار كانوا يحتفلون بالنصر، على حدّ تعبيرها.
وتابعت الصحيفة: لقد قاموا بتصوير أنفسهم، ونشروا الفيديوهات بسرعةٍ كبيرةٍ، والتي لاقت رواجًا هائلاً في وسائل التواصل الاجتماعيّ، وبشكلٍ مُقلقٍ للغاية، في الفوضى التي هيمنت وسيطرت على إسرائيل في الساعات الأولى من الهجوم المُباغِت في السابع من أكتوبر الماضي، والتي شملت قيادة الدولة، وقوّات الأمن، والإعلام الإسرائيليّ، تحولّت فيديوهات (حماس) إلى مصدر المعلومات الأوّل والأخير لجميع سُكّان إسرائيل، طبقًا لأقوالها.
وشدّدّت الصحيفة على أنّ جميع مؤسسات الدولة العبريّة أصيبت بالذهول، بالإضافة للإعلام، الذي قرر عدم نشر فيديوهات تُظهِر أسر الفلسطينيين للإسرائيليين واقتيادهم إلى قطاع غزّة، ولكنّ هذا القرار، أضافت، كان خاطئً للغاية، ذلك أنّ الفيديوهات التي تمّ منع نشرها في إسرائيل، كانت قد وجدت طريقها إلى جميع وسائط التواصل الاجتماعيّ ومنها إلى العالم برمّته، وبالتالي فإنّ الدعاية الإسرائيليّة لم تؤدِّ واجبها، والنتيجة كانت أنّ كيْ الوعيْ الإسرائيليّ بات رهينةً للفيديوهات التي قامت (حماس) بنشرها.
وفي هذا السياق قال المؤرِّخ العسكريّ الإسرائيليّ للصحيفة، د. يعقوب بالكوف، إنّ حركة (حماس) قامت بالتصوير والنشر، وهذا أدّى لزيادة الشجاعة لديهم وأدّى لتقوية وحدتهم الداخليّة، لأنّه في نهاية المطاف تمكّنوا من تحقيق انتصارٍ كبيرٍ، وبالمُقابل نحن نجلس بالبيوت، نُتتبع الأخبار، ونسمع تصريحات الناطق العسكريّ السخيفة، وهو يقول “أصبنا جميع الأهداف”، وهو الأمر الذي لا يعني لنا شيئًا، كما قال.
وتابع المؤرِّخ: “لهذه الفيديوهات قوّةً عظيمةً في إنتاج الوعي الجماعيّ، ولذا يجب أنْ يكونوا قسمًا من الحرب، في الأيّام الأولى للحرب، سيطرت التأتأة على ممثلينا، ولكن في (حماس)، قاموا بتوثيق كلّ شيءٍ، بما في ذلك اختراق الجدار، إنّهم يفهمون أنّ هذا الأمر هو الذي يُجدي نفعًا، وبالتالي فإنّنا نتخلّف مقابلهم على الأقّل ألف سنةٍ ضوئيّةٍ”، على حدّ وصفه.
وتساءل المؤرِّخ: “أعداؤنا في تنظيمات (حماس)، (القاعدة) و (داعش) يتواجدون أمامنا بعيدًا في فهم أهمية هذا الموضوع، أيْ نشر الفيديوهات. أين الجيش الإسرائيليّ ولماذا لا يُعلِّم الجنود والضُبّاط هذا الأمر؟ أين الاختصاصيين في مجال الحرب على الوعي؟”.
أمّا البروفيسور يتسحاق بن يسرائيل، فقال للصحيفة العبريّة إنّ “تأثير هذه الفيديوهات على التأثير على صُنّاع القرار محدودة، ولكن مع ذلك أقّر بأنّ نشر الفيديوهات من قبل (حماس) أثر كثيرًا من الناحية النفسيّة على الإسرائيليين، الذين شاهدوا اليهود وهم يُقتادوا في شوارع غزّة، الأمر الذي أدّى إلى زيادة الرغبة في الانتقام لدى الشعب الإسرائيليّ”، على حدّ قوله.



