حذّر رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، عميت ساعر، رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو من أن الأزمة السياسية والاجتماعية في إسرائيل والتي فاقمتها مساعي ائتلافه الحاكم إلى إضعاف القضاء؛ تشجّع إيران و"حزب الله" و"حماس" على المخاطرة باتخاذ إجراءات أو تحرّكات ضدّها، وحتى القيام بذلك في الوقت ذاته.
وكتب ساعر في رسائل بعث بها إلى نتنياهو في شهرَي آذار وتموز، أي قبل أشهر من الهجوم المباغت الذي شنّته "حماس" في السابع من تشرين الأول، "نرى جدلا بشأن إذا ما كان يجب الجلوس على السياج، والسماح لإسرائيل بمواصلة إضعاف نفسها، أو القيام بمبادرات وزيادة تفاقم وضعها"، وذلك في ظلّ ما وصفت صحيفة "هآرتس" في تقرير لها، أنه جاء "في قلب الجدل الدائر حول طبيعة التحذير الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي من التبعات الأمنية للانقلاب القضائي".
ووفق التقرير، فقد وجّه ساعر تحذيرَيْه إلى نتنياهو في 19 آذار، قبل أسبوع من المحاولة الأولى للمصادقة على القوانين الرامية لإضعاف القضاء، ومحاولة عزل وزير الدفاع، يوآف غالانت، وفي 16 تموز، أي قبل أسبوع من التصويت على إلغاء حجّة "عدم المعقوليّة" في الكنيست.
وذكر التقرير أن ساعر أرفق بكل رسالة، "ملحقا بمعلومات استخباراتية أولية، ما قاده إلى التحليل القصير (قصير المدى) الذي يحذّر من خطر وشيك لتصعيد عسكريّ".
وفي الوثيقة الأولى التي كانت تحت عنوان: "الأشياء التي يرونها من هناك - كيف يُنظر إلى إسرائيل في النظام؟"، أشار ساعر إلى أن "جميع اللاعبين في النظام (إيران و"حزب الله"، و"حماس") يشيرون إلى أن إسرائيل تعيش أزمة حادّة وغير مسبوقة، تهدّد تماسكها وتُضعفها".
وأضاف، إنه "بالنسبة لأعدائنا الرئيسيين، إيران و(حزب الله) و(حماس)، فإن هذا الضعف، هو تعبير عن عمليّة... ستنتهي بانهيار إسرائيل، والوضع الحاليّ هو فرصة لتسريع وتعميق أزمتها".
وبحسب "هآرتس" فإن "الاتجاهات التي أشار إليها رئيس قسم الأبحاث هي الإضرار بالردع، وإمكانية توحيد الساحات، وفُرصة للمساس بالتماسك، والإضرار بالإسرائيليين في الساحة القانونية والدولية".
وذكر ساعر فيما يتعلّق باحتمال "تكاتف أعداء إسرائيل ضدها" وفق وصف الصحيفة، أنه "تمّ رصد فرصة لخلق عاصفة شاملة، وأزمة داخلية، وتصعيد واسع في الساحة الفلسطينية، وتحدٍّ من جبهات أخرى، ما يخلق ضغطا متعدد الأبعاد، ومستمرا".
وقبل ذلك، أشار إلى أن "عناصر أخرى في إيران و"حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي"، تعتقد أن إسرائيل، في ظلّ ضعفها، يمكنها تحويل انتباه الرأي العام إلى الوضع الأمني، وبالتالي البدء في التصعيد".
وقال، إن "السلطة الفلسطينية تدرك أن الجمع بين الصورة السلبية غير المعتادة لبعض أعضاء الحكومة (في إشارة غير مباشرة إلى وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش) على الساحة الدولية، وتآكل الديمقراطية والنظام القضائي الإسرائيلي، يشكل فرصة حقيقية لزيادة الضغط على إسرائيل في المحافل القانونية والسياسية".
وفي الرسالة الثانية التي بعث بها ساعر إلى نتنياهو، بعد تعليق المضيّ بمسار "إصلاح القضاء"، وقبل ما سماه التقرير "الجولة الثانية من التشريع"؛ حذّر الأوّل من أن "تفاقُم الأزمة يعمّق تآكل صورة إسرائيل، ويؤدي إلى تفاقم ضعف الردع الإسرائيلي، ويزيد من احتمالات التصعيد".
وأضاف ساعر في رسالته، إنه "بينما كان اللاعبون الإقليميون متردّدين في البداية، بشأن عمّا إذا كانت هذه جولة أخرى من الأزمة السياسية المستمرّة؛ قدّروا مع مرور الوقت وتفاقُم الأحداث، أن هذه أزمة عميقة وضعت إسرائيل في إحدى نقاط ضعفها منذ قيامها".
وذكر ساعر أن "هذا التقييم يُسمع في العلن، لكنه يُسمع أيضا... في قلب تقييمات الوضع لدى أعدائنا، في غرف مغلقة ونقاشات مهنية للقوات الأمنية في إيران ولبنان وقطاع غزة".
وقال، إنه "بالنسبة لأعدائنا، مع التركيز على النظام الإيراني و(حزب الله)، فإن الأمر لا يتعلق فقط بتقييم الوضع، بل بالتنفيذ الفعليّ لرؤيتهم الأساسيّة للعالم: إسرائيل دخيلة، ومجتمعها ضعيف ومنقسم، ونهايتها هي الزوال".
وشدّد ساعر على أن القضية الأكثر إلحاحا هي تآكل الردع الإسرائيلي، موضحا أن الوضع "يُلحق الضرر بثلاث ركائز تشكّل الردع: التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتماسُك المجتمع الإسرائيلي، وقوّة الجيش الإسرائيلي".
وذكر أن "هذا يؤسِّس لرؤية لدى بعض اللاعبين، بأن الوضع الداخلي لإسرائيل، على أقل تقدير، سيمنعها من القيام بمبادرات عسكرية كبيرة، مع التركيز على هجوم في إيران، وتحرُّك في لبنان، وحتى خطوة كبيرة ضد (حماس) في القطاع".


