قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء الإثنين، إن حكومته تستخدم المساعدات الإنسانية لتحقيق أهداف الحرب التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة، وذلك في ظل إعلان البيت الأبيض عن "ثقته" بأن عدد شاحنات المساعدات الانسانية التي تدخل قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، سيصل إلى نحو 100 يوميا خلال الأيام المقبلة.
وجاء في بيان صدر عن مكتب نتنياهو أن المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة تمنح إسرائيل "هامش عمل مهما لتحقيق أهداف الحرب". مشددا على أن إسرائيل لا تقدم أي مساعدات للقطاع المحاصر، موضحا أن المساعدات مقدمة "من أطراف دولية".
وشدد نتنياهو على أن "هذه هي المواد الغذائية والأدوية يتم تفتيشها ومراقبتها من قبل مسؤولي الأمن الإسرائيليين بشكل مباشر" قبل دخولها إلى قطاع غزة عبر الجانب المصري من معبر رفح، كما شدد على أن "جميع الشحنات مخصصة للسكان المدنيين"، وأضاف "إذا تبين أن حماس قد استولت عليها، فسيتم وقفها".
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إن "المرحلة الأولى التي تحدثنا مع الإسرائيليين بشأنها هي محاولة (زيادة عدد الشاحنات) إلى 100 يوميا"، وأضاف "نحو واثقون من قدرتنا على بلوغ ذلك خلال الأيام المقبلة"، مشيرا إلى أن نحو 45 شاحنة دخلت القطاع المحاصر، الأحد.
ولفت كيربي إلى "تعهد" قدمه نتنياهو للرئيس الأميركي، جو بادين، بهذا الشأن؛ في حين شدد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في كلمة أمام مجلس الأمن، بأن الفلسطينيين في قطاع غزة يتعرضون للتهجير القسري والعقاب الجماعي من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وجاء بيان نتنياهو وتصريحات المسؤولين في واشنطن، في ظل تشديد الأمم المتحدة على أن "العدد القليل لقوافل المساعدة التي سمح لها الدخول عبر رفح لا يقارن بحاجات أكثر من مليوني شخص عالقين في غزة"، فيما عبّرت الولايات المتحدة عن دعمها لـ"توقفات مؤقتة" لهجمات الاحتلال في غزة لإتاحة إيصال المساعدات، مؤكدة أنها لا تؤيد "وقف إطلاق النار".
بدورها، قالت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، أمام مجلس الأمن الدولي، الإثنين، إن الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها قلقة بشأن قطع الاتصالات في غزة. وأضافت "نعلم أن شبكات الاتصالات بدأت في العودة، هذا أمر حيوي. قطع الاتصالات يعرض حياة المدنيين وموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني للخطر ويهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة".
خلافات في الكابينيت
وعلى صلة، كشف تقرير صحافي، مساء الإثنين، عن خلافات بين وزراء في الحكومة الإسرائيلية، برزت خلال المداولات التي عقدها المجلس الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت الموسع)، أمس الأحد، حول سماح سلطات الاحتلال بدخول المساعدات الإنسانية الأساسية لقطاع غزة المحاصر.
وبحسب القناة 13 الإسرائيلية، فإن الخلافات في الكابينيت تركزت حول حجم المساعدات التي تسمح سلطات الاحتلال بدخولها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح ووتيرة دخول هذه المساعدات، في ظل الأوضاع الكارثية في القطاع الذي يتعرض لهجمات إسرائيلية مكثفة لليوم الـ24 على التوالي، بالتزامن مع إطباق الحصار.
وذكر التقرير أن الكابينيت ناقش الليلة الماضية توسيع المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وخلال المداولات نشب جدال بين عدد من الوزارء، من بينهم وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والوزير يفعات شاشا بيتون، من "المعسكر الوطني"، المنضمة حديثا للحكومة.
ووفقا للقناة 13، فإن وزير الشؤون الإستراتيجية شدد على أنه "منذ اليوم الأول قلنا إن المساعدات الإنسانية ضرورية كجزء من إستراتيجية القتال، لكسب الوقت والشرعية الدولية"، الأمر الذي رفضته شاشا - بيتون، التي اعتبرت أن تصريحات ديرمر تدل على فشل الدعاية الإسرائيلية في حشد الرأي العام الدولي لصالح دعم إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
ونقلت القناة عن شاشا بيتون قولها إن "لو كنتم قد حاربتم من اليوم الأول على صعيد الدعاية (الهسبراه) بنفس التصميم، كان ذلك من شأنه أن يمنحنا الوقت والشرعية في العالم. وبما أن العالم يطالبنا بتوسيع المساعدات هذا يعني أن جهود الهسبراه الإسرائيلية لا تثبت نفسها".
في المقابل، شددت شاشا بيتون على أن "السماح بإدخال الوقود إلى قطاع غزة خط أحمر"، من جانبه، اعتبرض وزير الأمن القومي، بن غفير، على توسيع المساعدات لقطاع غزة، وقال: "بدأنا بشاحنتين من المساعدات الإنسانية لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد. وذلك في الوقت الذي يتعرض فيه نساء وأطفال للإيذاء".
26 شاحنة تدخل إلى غزة
يأتي ذلك فيما أعلنت جمعية "الهلال الأحمر" الفلسطيني، مساء اليوم، إنها تسلمت 26 شاحنة تحمل مساعدات دخلت قطاع غزة عبر معبر رفح، ما يرفع إجمالي عدد الشاحنات التي دخلت القطاع منذ أسبوع إلى 144. وأوضحت، في بيان، أنها تسلمت "26 شاحنة من الهلال الأحمر المصري عبر معبر رفح، تحتوي على مواد غذائية ومستلزمات طبية".
وذكرت أن عدد الشاحنات المستلمة "وصل إلى 144 شاحنة، فيما لم يتم السماح بإدخال الوقود حتى اللحظة"، فيما حذّر مسؤول أممي من أن الترتيب الراهن لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر رفح الحدودي مع مصر "محكوم عليه بالفشل"، مدينا فرض إسرائيل "عقابا جماعيا" على سكان القطاع.
وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، "لنكن واضحين: العدد القليل لقوافل المساعدة التي سمح لها الدخول عبر رفح لا يقارن بحاجات أكثر من مليوني شخص عالقين في غزة"، معتبر أن "الترتيب الراهن محكوم عليه بالفشل ما لم تتوافر إرادة سياسية لجعل تدفق المساعدات جادا ومتلائما مع الحاجات الإنسانية غير المسبوقة" في القطاع.
"منع وصول المساعدات الإنسانية" إلى غزة يمكن أن يشكل "جريمة"
وكانت غزة تتلقى نحو 500 شاحنة من المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات يوميا قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بما في ذلك 45 شاحنة وقود لتشغيل سيارات القطاع ومحطات تحلية المياه والمخابز والمشافي، وفق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وأمس، الأحد، شدد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، على أن "منع وصول المساعدات الإنسانية" إلى قطاع غزة يمكن أن يشكل "جريمة"، بعد زيارته معبر رفح الحدودي الذي يربط مصر بغزة حيث تتكدس المساعدات الدولية للمدنيين الفلسطينيين.
وصرح خان للصحافة من العاصمة المصرية القاهرة، بأن "منع وصول المساعدات يمكن أن يشكل جريمة"، مضيفا "يجب على إسرائيل أن تضمن، بلا تأخير، حصول المدنيين على الغذاء والدواء" في غزة. وقال خان "في رفح، رأيت شاحنات عالقة، مليئة بالسلع والمساعدات الإنسانية، بعيدا عن الأفواه الجائعة (لسكان غزة) وجروحهم".
في 9 تشرين الأول/ أكتوبر أحكمت سلطات الاحتلال الإسرائيلية حصارها على غزة قاطعة المياه والكهرباء والغذاء عن القطاع الذي كان يخضع أصلا لحصار بري وجوي وبحري منذ عام 2007. فيما تتزايد الدعوات للسماح بإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع الذي يتعرض لقصف متواصل يشنه جيش الاحتلال.
وذكر خان أنه "يحقق في الجرائم التي قد تكون ارتُكِبت في إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر" ولكن أيضا "في الأحداث الجارية في غزة والضفة الغربية" وذلك في إطار التحقيق الرسمي الذي فتحته المحكمة الجنائية الدولية عام 2021 حول الأراضي الفلسطينية.
واستشهد في القصف الإسرائيلي على غزة أكثر من 8 آلاف شخص، معظمهم مدنيون، كما استشهد أكثر من 110 فلسطينيين بأيدي جنود الاحتلال أو مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.