طالبت منظمة “أطباء بلا حدود”، بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، من أجل منع وقوع المزيد من الضحايا، وإتاحة الفرصة لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، في وقت أكدت فيه المنظمة الدولية للصليب الأحمر أن الوضع الإنساني في قطاع غزة “يزداد سوءا كل ساعة”.
وأكدت المنظمة أن عمليات القصف الإسرائيلي على غزة اشتدت على نحو غير مسبوق، لافتة إلى أن مناطق شمال قطاع غزة سويت بالأرض، في وقت تتعرض فيه جميع أنحاء القطاع للقصف من دون ترك أي ملاذ آمن للمدنيين.
وقالت إن ذلك جاء على الرغم من صدور قرار من الجمعية العامة بالأمم المتحدة، يدعو إلى “هدنة إنسانية”، وأضافت في بيان لها “إلا أن ذلك لم يحقق أي نتائج على الأرض، إذ استمر القصف الإسرائيلي العنيف”.
ودعت منظمة “أطباء بلا حدود”، المجتمع الدولي لـ “اتخاذ إجراءات أشد صرامة للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها”، مشيرة إلى أن المدنيين “يُقتلون وينزحون من منازلهم قسرا، والمياه والوقود مستمران في النفاد. فيما بلغت الفظائع في غزة حدا لم نشهده من قبل”.
كما أشارت إلى أن المساعدات الطبية بدأت بالنفاد في المستشفيات، وجاء في البيان “قبل بضعة أيام، وصف الجراح محمد عبيد الذي يعمل مع المنظمة في غزة بأن المستشفيات مكتظة بالمرضى. تُجرى عمليات البتر والجراحات من دون استعمال التخدير المناسب. وباتت المشارح غارقة بالجثث”.
وأوضحت أن انقطاع الاتصالات في السابع والعشرين من أكتوبر “حد من قدرة الطواقم على التنسيق وتقديم المساعدة الطبية والإنسانية، فيما بات العالقون تحت الأنقاض والنساء الحوامل اللواتي يوشكن على الولادة وكبار السن عاجزين عن طلب المساعدة التي تشتد حاجتهم إليها. وفي ظل هذا الانقطاع، فقدت أطباء بلا حدود الاتصال بمعظم موظفيها”.
وقالت إن عدد الجرحى الذين يحتاجون إلى المساعدة الطبية العاجلة يتجاوز ما يستطيع النظام الصحي الذي يضم 3500 سرير تحمّله.
وأكدت أنه لم يسبق أن وقع هذا الكم من الضحايا في فترة قصيرة كهذه، حتى خلال الاعتداءات الإسرائيلية السابقة.
وأكدت “أطباء بلا حدود” أن المستشفيات مكتظة بالمرضى، بما في ذلك مستشفى الشفاء في غزة، كما تعدّ الأوامر التي يُصدرها جيش الاحتلال بإخلاء المستشفى مهمة مستحيلة ومحفوفة بالمخاطر.
وقالت “المستشفى يعمل حاليا بكامل قدرته ليوفر العلاج الطبي للمرضى، ويؤوي عشرات آلاف الأشخاص الذين اتخذوا منه ملاذا آمنا”، لافتا إلى أن القانون الإنساني الدولي ينص على وجوب حماية المرضى والعاملين والمرافق الصحية في جميع الأوقات.
هذا وقال الرئيس الدولي لمنظمة “أطباء بلا حدود”، كريستوس كريستو “يعيش أشخاص لا حول لهم تحت وطأة قصف مروع، ولا يتوفر أي مكان لتهرب إليه العائلات أو تختبئ فيه بعدما فُتحت أبواب الجحيم عليهم. يجب وقف إطلاق النار بشكل فوري، ولا بد من إعادة تأمين المياه والطعام والوقود والإمدادات الطبية والمساعدات الإنسانية في غزة بشكل عاجل”.
وتابع “أكثر من مليوني رجل وامرأة وطفل يواجهون حصارا غير إنساني في غزة، ما يشكل عقوبة جماعية محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي”.
وأكد في ذات الوقت مواصلة سلطات الاحتلال منع دخول الوقود إلى غزة، مع أنه ضروري لإمداد المستشفيات بالطاقة وتشغيل محطات تحلية المياه التي تنتج مياه الشرب النظيفة.
وأضاف وهو يصف الوضع الإنساني المتردي في غزة “قبل السابع من أكتوبر، تراوح عدد شاحنات الإمداد التي تعبر إلى غزة بين 300 و500 شاحنة كل يوم، وكان معظم السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية. واليوم، على الرغم من أن معبر رفح الحدودي مفتوح، لم تتمكن إلا 84 شاحنة فقط من دخول القطاع منذ 20 أكتوبر، وهي استجابة لا تكفي بتاتا لتلبية الاحتياجات المستمرة والمتزايدة في غزة”.
ومضى يقول “نحن جاهزون لتكثيف مساعدتنا في غزة. لدينا فريق في حالة تأهّب لإرسال الإمدادات الطبية والدخول إلى غزة لدعم الاستجابة الطبية الطارئة عندما يسمح الوضع بذلك. ولكن إن استمر القصف بكثافته الحالية، فستبوء أي مساعٍ إلى توفير المساعدات الطبية بالفشل لا محالة”.
وفي هذا السياق، قالت المتحدثة الإقليمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي إيمان الطرابلسي، إن الوضع الإنساني في قطاع غزة “يزداد سوءا كل ساعة”، وأضافت “إن ما تمكنا وبقية المؤسسات من إدخاله لا يتساوى مع ضخامة الاحتياجات التي نرصدها ميدانيًا”.
وأكدت في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، أن منظمة الصليب الأحمر تمكنت منذ الجمعة الماضية، وحتى الأحد من إدخال 9 شاحنات إلى القطاع تحتوي على مواد طبية، ومواد لها علاقة بتنقية المياه، فضلا عن إدخال طاقم إضافي تابع للصليب الأحمر، لمساندة جهود الطاقم الموجود في المكان، يتضمن طاقمًا جراحيًا، ومختصين في التلوث الناجم عن الأسلحة، والمياه والتطهير.
وطالبت بضرورة العمل على خطة مستدامة لإدخال المساعدات بشكل يتماشى فعليا مع الاحتياجات الضخمة التي يعاني منها السكان، وكذلك الضغط الذي تعاني منه القطاعات الأساسية، خصوصا قطاعي المياه والصحة.
وقالت “كان تركيزنا منذ البداية على أن نعمل على أن تكون المساعدات ذات قيمة إضافية، وتتضمن المساعدات الصحية والمياه، لكن هذا لا يعني أن هذه هي الأولويات الوحيدة، فسكان القطاع، خاصة العائلات النازحة تحتاج إلى كل شيء، بما في ذلك الغذاء، والمستلزمات الأساسية، والمأوى الآمن الذي يحفظ الكرامة البشرية”.
وعقبت وزارة الخارجية الفلسطينية على ما يشهده قطاع غزة، بدعوة مجلس الأمن الدولي، لتحمل مسؤولياته لوقف العدوان الإسرائيلي، وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، وعدم تركهم في مرمى الصواريخ والقذائف والأسلحة المحرمة دولياً.
وحذرت في ذات الوقت من مخاطر الكارثة الإنسانية التي عمقها عدوان الاحتلال في قطاع غزة وأبعادها على مجمل الأوضاع في ساحة الصراع والمنطقة، كما حذرت أيضاً من نتائج فقدان الشعب الفلسطيني ما تبقى لديه من أمل في الشرعية الدولية ومؤسساتها وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، لوقف حرب الإبادة ضد شعبنا في قطاع غزة.
ونددت بالحرب المفتوحة على الشعب الفلسطيني والمتواصلة بشكل خاص على القطاع لليوم الـ24 على التوالي، بما تخلّفه على مدار الساعة من شهداء وجرحى كما يحصل في قطاع غزة وفي مخيم جنين.
وأشارت إلى استمرار حرمان المواطنين في القطاع من احتياجاتهم الأساسية، لـ “تعميق جريمة التجويع والحرمان من المياه والكهرباء والغذاء والدواء، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو ما يرتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بالجملة”.


