أكتوبر وإسرائيل.. والأجيال الجديدة..عماد الدين حسين

الأربعاء 25 أكتوبر 2023 09:59 ص / بتوقيت القدس +2GMT



هل هناك جديد في احتفالات المصريين بانتصار أكتوبر المجيد هذا العام بعد مرور خمسين سنة كاملة عليه؟!
أظن أن عدداً كبيراً من المصريين أدرك أهمية انتصار ٦ أكتوبر ١٩٧٣ الكبير بصورة مختلفة هذا العام، لأنه اكتشف مجدداً أنه انتصر على عدو جبار يحاول البلطجة على المنطقة بأكملها.
وأظن أكثر أن الإحساس بأهمية هذا الانتصار قد زاد حينما رأينا ونرى هذه الهمجية والبربرية التي يمارسها جيش الاحتلال في قطاع غزة المحتل منذ العام ١٩٦٧ وحتى آب ٢٠٠٥، تم الحصار غير الإنساني منذ هذا التاريخ وحتى الآن.
من ولد بعد يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣ فإن عمره الآن خمسون عاماً، وبالتالي لم يشهد أو يدرك نكسة وهزيمة ١٩٦٧، وأهمية انتصار أكتوبر ١٩٧٣، فما البال بالأجيال الجديدة التي ولدت بعد ذلك بكثير؟!!
ويمكن تفهم أن بعض هذه الأجيال الجديدة لا تعرف عن حرب أكتوبر المجيدة إلا أنها مدينة في غرب محافظة الجيزة أو كوبري شهير يربط ما بين القاهرة أو الجيزة!
وبالتالي فإن الأجيال الجديدة التي ترى العدوان الوحشي للاحتلال الإسرائيلي على غزة الآن، لم تكن تدرك كثيراً خطورة الاحتلال ليس فقط على فلسطين المحتلة ولكن على كل الأمة العربية وفي مقدمتها مصر.
بعض هذه الأجيال خصوصاً الذين يدرسون في مدارس لغات أو مدارس أجنبية، أو يدرسون بالخارج ليس لديهم إلمام كامل بجوانب الصراع العربي الإسرائيلي المختلفة، وبعضهم يتابع وسائل الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تقدم له إسرائيل باعتبارها الحمل الوديع وسط غابة الاستبداد العربي، وللأسف فإن غالبية وسائل الإعلام المحلية لم تستطع أن تصل بقوة لهذه الأجيال حتى تقدم لها حقيقة ما حدث ويحدث في الصراع العربي الإسرائيلي منذ العام ١٩٤٨.
هؤلاء الشباب صغار السن كانوا يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، وأنه الأكثر تأهيلاً وتسليحاً واستعداداً وقدرة وردعاً في المنطقة. وبالتالي حينما يعرفون ويدركون أن جيش بلادهم انتصر على هذا الجيش قبل ٥٠ عاماً وأذاقه مرارة الهزيمة، فلا بد أن يفخر ببلده وبجيشه.
العديد من وسائل الإعلام وأجهزة المخابرات وسياسات الدول الكبرى والإقليمية صوروا للأجيال العربية الجديدة أن إسرائيل دولة طبيعية من دول المنطقة، بل هي الأكثر تقدماً في العديد من المجالات وربما يكون هذا الكلام صحيحاً إذا تعلق الأمر فعلاً بالتكنولوجيا وإنتاج الأسلحة وتقنيات المياه، لكن ما يهمنا نحن ليس كل ذلك، بل محاولة إسرائيل محو الفلسطينيين من الوجود وتهديد المسجد الأقصى وتهديد المنطقة بأكملها بسياسات شديدة العنصرية والتطرف.
وإذا كانت الأجيال الجديدة في الغرب المنحاز لإسرائيل لا تقبل هذا الأمر، فهل تقبله الأجيال العربية الحديثة؟!
إذاً فإن هذه الأجيال وحينما تتابع الاحتفالات والكلمات والكتابات والأفكار عما فعله أجدادهم في أكتوبر ١٩٧٣، فسوف يدركون أن هذا شعب عظيم تغلب على هزيمة مذلة في حزيران ١٩٦٧، وضحى وتحمل الكثير واستعد بالعلم والإيمان والعمل حتى تمكن من الانتصار في ١٩٧٣.
أظن أن أحد أهم الفروض التي ينبغي أن نؤديها لهذه الأجيال الجديدة، أن نشرح لهم لماذا انهزمنا في ١٩٦٧، ولماذا انتصرنا في ١٩٧٣؟
وكيف أن هذا العدو الذي ساعدته أميركا وغالبية دول أوروبا انهار تماماً في الأيام الأولى لحرب أكتوبر قبل أن يتمكن من التماسك بفضل الدعم الأميركي والأوروبي الكاسح وهو ما تكرر حرفياً في معركة «طوفان الأقصى» في ٧ أكتوبر التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، وبعدها انقلب الاحتلال وحشاً كاسراً لهدم وتدمير البيوت وقتل النساء والأطفال ومحاولة تهجير سكان غزة لمصر لتصفية القضية الفلسطينية، وهو أمر لن تسمح مصر بحدوثه، كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته المهمة والقوية والجريئة في المؤتمر الدولي ظهر السبت في العاصمة الإدارية.