نشر موقع “ميدل إيست آي” تقريرا أعده أزاد عيسى، تحدث فيه عن حملة في جامعة برنستون لمنع تداول كتاب مؤيد لفلسطين، وكيف أن الجماعات اليهودية والمؤيدين لها لم تقرأ الكتاب الذي تدعو لمنعه.
فقد اعترف زعيم جماعة يهودية قادت حملة ضد رئيس جامعة برنستون وطلابها لرفضهم منع كتاب مؤيد لفلسطين، أنه لم يقرأ الكتاب. وأصبح الكتاب المعنون باسم “الحق في التشويه: الوهن والقدرة والإعاقة” موضوع انتقاد منذ آب/ أغسطس، عندما اكتشفت منظمة صهيونية متطرفة أنه ضمن مقرر أكاديمي في دائرة دراسات الشرق الأدنى بجامعة برنستون.
ومؤلف الكتاب هو جاسبر بوار، وهو واحد من ستة كتب مقررة في مساق “معافاة الإنسانية: دراسات التخلص من الصدمة من عالم الجنوب” والذي تدرّسه البرفسورة ساتيل لارسون. وبعد فشل عدة رسائل من مؤسسات إسرائيلية ونواب في الكونغرس لحذف الكتاب من المساق الدراسي، استأجرت منظمة اسمها “مشروع القيادة اليهودية” في الأسبوع الماضي، شاحنة عليها يافطات للوقوف أمام جامعة برنستون، حيث استهدفت رئيس الجامعة كريستوفر إيزغربر، والطلاب الذين تحركوا ضد الجهود.
وكُتب على يافطة: “العار لبرنستون.. الجامعة التي منحت ملجأ للعلماء اليهود الفارين من ألمانيا النازية، تقوم اليوم بالترويج لتهمة الفطير اليهودي/ فرية الدم، وتعيّن مدافعين عن النظام الإيراني الإبادي المسلح بالنووي”. وفي رسالة أخرى: “لا يوجد هناك أي شيء تقدمي للمصادقة على كراهية اليهود من خلال التظاهر أنك معك العدالة الاجتماعية والنرجسية الأخلاقية”.
إلا أن مقابلة مع رالف أفي غولدوازر، مؤسس مشروع القيادة اليهودية، والذي نظّم حملة يافطات على شاحنة في مؤتمر “فلسطين تكتب” بجامعة فيلادلفيا، اعترف أنه لم يقرأ الكتاب ولا نية لديه لقراءته. وقال: “لم أقرأ الكتاب” قبل أن يمضي في نقد عمل بوار، قائلا: “لقد قرأت عن الكتاب، والكاتب لديه تاريخ طويل من الكذب”. مضيفا: “الكتاب هو مثال آخر عن فرية الدم اليهودي والتي تتهم اليهود بقتل الأطفال. واستُخدمت في الماضي للتحريض ضد اليهود. وسماح برنستون بتدريسه مثير للتقزز” كما قال.
ويناقش بوار أن إسرائيل تتبنى سياسة مقصودة لتشويه الفلسطينيين. وفي عام 2019، أخبر أطباء في غزة، موقع “ميدل إيست آي”، أن القناصة الإسرائيليين يقومون بإيذاء الفلسطينيين الذين يتظاهرون في ما عُرف بالمسيرة الكبرى للعودة والتي بدأت في آذار/ مارس 2018 عن سبق إصرار. ووجد تقرير الأمم المتحدة، أن نسبة 80% من 66106 من المتظاهرين الذين جُرحوا في الأشهر التسعة من مسيرة العودة أصيبوا في أطرافهم.
وفي مراجعة للكتاب، كتبت إيميلي أر دوغلاس، قائلة إن كتاب بوار أظهر “أن التشويه، بدلا من أن يكون نتاجا للحرب أو وسيلة لهدف آخر، هو هدف للأساليب الإسرائيلية التكنولوجية في غزة، بما في ذلك سياسة: أطلق النار للشلل والرصاص المتطاير”.
وعلق سراج أحمد، البروفيسور في جامعة سيتي بنيويورك، والذي درّس الكتاب في محاضراته، بأنه من الواضح أن من يتهمون الكتاب بـ”فرية الدم” لم يكلفوا أنفسهم التعامل مع مواده. وقال: “الكتاب ليس نقدا لليهود، بل هو نقد للصهيونية والاستعمار”، مضيفا أن “الكتاب مكتوب بعناية ودقة ولا يوجد أي زعم قدمه بوار بدون نسبته لمصدره. ولو كانت عندك مشكلة مع الكتاب، فعليك أن تجادل حول هوامشه”.
وبدأت الحملة ضد برنستون عندما قامت منظمات مثل “ستاند ويذ أص.. أو قف معنا”، ووزير شؤون مكافحة معاداة السامية الإسرائيلي أميتشاي شيكيلي بمهاجمة الكتاب. وقال شيكيلي: “هذا اتهام واهم وكاذب”.
ودعا رونالد لاودر، رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، جامعةَ برنستون لـ”حذف المساق المعني فورا، وطرد مدرّسته ساتيل لارسون، وتقديم اعتذار للطلاب والمجتمع العالمي الإسرائيلي ويهود العالم”.
وردّا على الهجمات، وقّع أكثر من 400 طالب ومتخرج، عريضة بدأها طالب يهودي، تدعم تدريس الكتاب. لكن العريضة لم توقف الهجمات بل زادتها. وانضم في 10 أيلول/ سبتمبر، عضو الكونغرس المؤيد لإسرائيل جوش غوتمير، للحملة. وكتب رسالتين عبّر في واحدة منهما عن غضبه من استضافة الصحافي والأكاديمي مارك لامونت هيل، والموسيقي روجر ووترز، في مهرجان “فلسطين تكتب” بجامعة بنسلفانيا الأمريكية.
ووصفهما بأنهما “معاديان معروفان للسامية، ومتحدثان معارضان لإسرائيل”. ووجّه رسالته الثانية إلى رئيس جامعة برنستون، حيث وصف كتاب بوار بأنه “يحتوي على اتهامات معادية للسامية، ومشاعر معادية لإسرائيل، تناقض بوضوح مهمة الجامعة عن الشمولية والتي تشمل على حماية الطلاب اليهود”. وقال: “هذا نشاط سياسي متنكر بصورة أكاديمية”.
وبشكل عرضي، أخبر غولدوازر من مشروع القيادة اليهودية، أن نقد إسرائيل هو ستار لمعاداة السامية. وردّ رئيس الجامعة في 13 أيلول/سبتمر على رسالة غوتمير، رافضا مقترحاته الداعية لحظر الكتاب، وأشار إلى أن عضو الكونغرس لم يفهم مهمة الجامعة على ما يبدو.
وقال: “من لا يوافقون على الكتاب أو المساق، لديهم الحق بنقده ولكن ليس منعه. وهذا الجدال هو شريان الحياة للجامعة، حيث يتم مواجهة الجدال عبر الدراسة والنقاش وليس الأوامر الإدارية”. مضيفا: “كما قلت في البداية، ستعمل جامعة برنستون بجد للتأكد من أن كل الطلاب ينتعشون، ولكن ليس من خلال منع مقررنا”.
وقرر غولدوازر نقل المواجهة مع الجامعة من خلال وضع شاحنة أمامها وأمام جامعة بنسلفانيا، التي عُقد فيها مهرجان “فلسطين تكتب”.
قالت إيمانويل سيبي، من تحالف اليهود التقدميين بجامعة برنستون، إن محاولة تنظيم مساق لارسون ليست مفاجئة، نظرا لتقويض المنظور الفلسطيني بشكل روتيني، وخلط جماعات الطلاب اليهود المؤيدين لإسرائيل بينه وبين معاداة السامية أو فرية الدم، بدون أي تداعيات أو محاسبة من الجامعة.
وقالت سيبي إن “صهيونية هيليل” الطلابية ومركز الحياة اليهودية، ينظمان بشكل دائم رحلات للطلاب إلى إسرائيل، حيث يتم تشجيعهم على التواصل مع رجال الأعمال الإسرائيليين والشركات الناشئة، أو من خلال رحلات حق الولادة السنوية.
وأشارت سيبي إلى معاملة محمد الكرد الذي ألقى محاضرة إداورد سعيد التذكارية في شباط/ فبراير 2023. وبعد تقديمه المحاضرة، وقف الحاخام إيتان ويب وصرخ: “أود أن أشكرك على تقديمك ضربة معلم حول كيف أن تكون معاديا للسامية”. وقالت سيبي إن تطبيع الأيديولوجيين الصهيونيين المتطرفين، جعل الطلاب الفلسطينيين يترددون في التعبير عن أنفسهم بالجامعة.